خلال الآونة الأخيرة، تزايد التوجه العالمي نحو استخدام المصادر المتجددة من الطاقة والتحول نحو استخدام الطاقة النظيفة ومن بينها الهيدروجين الأخضر، وذلك على خلفية الرغبة في التخلص من الكربون الزائد من الغلاف الجوي؛ للوصول إلى صافي انبعاثات صفرية خالية من الكربون.
وفي ظل ذلك، تبنت الدول استراتيجيات متكاملة بهدف تعزيز هذا التوجه، كاليابان بالإعلان عن استراتيجيتها عام 2017 ثم توالت الدول في تبني استراتيجيات وطنية للهيدروجين، ليصل عدد الاستراتيجيات إلى نحو 30 استراتيجية، هذا فضلًا عن الأطر التشريعية التي أعلنت الدول عن تبنيها أو تعديلها لتحفيز الاستثمارات نحو الهيدروجين الأخضر.
وبناء على ذلك، أولت الدولة المصرية قطاع الطاقة النظيفة اهتماما غير مسبوق، بما في ذلك الهيدروجين الأخضر، إذ كانت مصر ضمن الدول الأوائل عالميًا في استخدامه.
واستمراراً لذلك، وافق مجلس النواب، اليوم، على مشروع قانون الهيدروجين الأخضر ، والذى يهدف إلي تشجيع الاستثمارات وإنتاج مشروعات الهيدروجين الأخضر.
والهيدروجين الأخضر هو وقود خفيف عالي التفاعل يتم من خلال عملية كيميائية تعرف بالتحليل الكهربائي المتعارف عليها عالميًا، وهو عبارة عن فصل الاكسجين عن الهيدروجين داخل الماء كيميائيا، ويتم استخدام كهرباء مولدة من طاقات متجددة سواء الشمسية أو الرياح حيث تستخدم في المصانع المنتجة لهذا النوع من الطاقة النظيفة، ويتمتع الهيدروجين الأخضر بكونه طاقة مستدامة ونظيفة وقابلة للتخزين والنقل ومتعددة الاستخدامات سواء في السيارات أو الشاحنات وسفن الحاويات مما يجعله منتجًا هامًا صديقًا للبيئة.
الهيدروجين الأخضر في مصر
كانت بداية الهيدروجين الأخضر في مصر عام 2021، حين تم توقيع اتفاقية إنتاجه بكميات تتراوح بين 50 – 100 ميجاوات، كمادة وسيطة لإنتاج الأمونيا الخضراء، وذلك بين كل من صندوق مصر السيادي، وشركة “سكاتك النرويجية” للطاقة المتجددة، وشركة ”فيرتيجلوب” المملوكة لشركتي “أوراسكوم الهولندية“ ، و”أدنوك” الإماراتية بموجب الاتفاقية، تتولى شركة “سكاتك” النرويجية إقامة وتشغيل منشأة لإنتاج الهيدروجين الأخضر بكميات تتراوح بين 50 – 100 ميجاوات، حيث سيتم توريدها لـ”الشركة المصرية للصناعات الأساسية” المملوكة لشركة “فيرتيجلوب”، الرائدة في مجال إنتاج الأمونيا، والتي ستقوم باستخدام الهيدروجين الأخضر كمادة وسيطة تكميلية لإنتاج أكثر من 45 طنا متريا من الأمونيا الخضراء والوقود الأخضر سنويًا بموجب عقد شراء طويل الأجل.
وفي مايو 2022، وقعت المنطقة الاقتصادية لقناة السويس ٦ مذكرات تفاهم لمشروعات الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء مع كبرى الشركات والتحالفات العالمية، لإقامة منشآت ومجمعات صناعية بمنطقة السخنة لإنتاج الوقود الأخضر واستخدامه في أغراض تموين السفن أو التصدير للأسواق الخارجية.
وفي أغسطس من العام ذاته، تم توقيع 7 مذكرات تفاهم لتنفيذ مشروعات إنشاء مجمعات صناعية بهدف إنتاج الهيدروجين الأخضر داخل المنطقة الصناعية في العين السخنة، وذلك بين عدد من الجهات الحكومية وتحالفات عالمية رائدة في إنتاج الطاقة الجديدة والمتجددة، بحضور رئيس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي.
وفي العام الماضي، وقعت مصر اتفاقية التطوير المشترك لمشروع جديد لإنتاج الميثانول الأخضر، والذي يُعد الأول من نوعه في مصر والشرق الأوسط، ويهدف المشروع لإنتاج 40 الف طن سنوياً من الميثانول الأخضر يمكن زيادتها حتى 200 ألف طن سنوياً .
وشهد شهر أغسطس من العام الماضي، نجاح أول عملية تموين سفينة حاويات بالوقود الأخضر"الميثانول" بميناء شرق بورسعيد، لسفينة الحاويات " مرسك" وهي أول سفينة حاويات في العالم تعمل بالوقود الأخضر حيث تم تزويدها من البارجة "Lara S" التابعة لمقدم الخدمة شركة "OCI" العالمية والعاملة في مجال تموين السفن بالوقود الأخضر وأكبر منتج لوقود الميثانول عالمياً، حيث تم تموين سفينة الحاويات بكمية 500 طن من الميثانول الأخضر بمحطة قناة السويس للحاويات المشغل الرئيسي لميناء شرق بورسعيد، وتعد هذه الكمية لتموين السفينة هي الأعلى مقارنة بتزويد ذات السفينة بالميثانول الأخضر في محطاتها السابقة في كوريا وسنغافورة ضمن رحلتها من آسيا لأوروبا مروراً بميناء شرق بورسعيد في مصر.
لتعلن بعد ذلك، هيئة قناة السويس عن بدء تنفيذ عمليات تموين سفن الخط الملاحي بالميثانول الأخضر، وإحلال الطاقة النظيفة في تشغيل الوحدات البحرية، وأسطول سيارات وحافلات الهيئة ومحطات الإرشاد، لتحويل القناة بحلول عام ٢٠٣٠ إلى "قناة خضراء".