طلبت لبنان من مجلس الأمن الدولي التطبيق الشامل والكامل للقرار 1701 الصادر عن المجلس عام 2006، ضمن سلة متكاملة بضمانات دولية واضحة ومعلنة، بالإضافة إلى دعم الأمم المتحدة الدولة اللبنانية لبسط سلطتها على كامل الأراضي اللبنانية من خلال تقوية القوات المسلحة وتعزيز انتشارها جنوب نهر الليطاني بالتعاون مع اليونيفيل بحيث لا يكون هناك سلاح دون موافقة حكومة لبنان.
جاء ذلك في شكوى تقدم بها لبنان أمس عبر مندوب لبنان الدائم لدى الأمم المتحدة أمام مجلس الأمن الدولي، ردا على الشكوى الإسرائيلية الأخيرة حول عدم التزام لبنان بقرار مجلس الأمن 1701.
وتضمّن نص الشكوى المرفوعة إدانة الأعمال العدائية التي تقوم بها القوات الإسرائيلية منذ 7 أكتوبر الماضي ضد لبنان تزامناً مع حربها على غزة وأدلة موثقة حول خرقها للقرار 1701 وقلب الحقائق من خلال تحميل لبنان مسئولية تعدياتها السافرة على سيادته وسلامة أراضيه.
واعتبرت الخارجية اللبنانية أن الأدلة الموثقة للاعتداءات الإسرائيلية تكشف عن خرق فاضح للفقرة 1 من القرار 1701، حيث تستمر إسرائيل بالقيام بعدة عمليات عسكرية هجومية منها إطلاق القوات الإسرائيلية قذائف فوسفورية محرمة دولياً، مستهدفةً عدة مناطق في غابات بلدات عيترون وميس الجبل وبليدا، ما أدى إلى اندلاع حرائق في الأحراج، وإتلاف 50 ألف شجرة زيتون، وإصابة مدنيين بحالات اختناق، وذلك في انتهاكٍ صريحٍ وصارخٍ للقانون الدولي الإنساني والذي يرتقي إلى جرائم الحرب.
وتضمنت شكوى لبنان إشارة إلى قيام طائرة مسيرة إسرائيلية باستهداف فريق صحفي بصاروخين موجهين، ما أدى إلى وفاتهما ووفاة مدني آخر صودف وجوده في المكان بتاريخ 21 نوفمبر الماضي؛ إضافة إلى عشرات الطلعات الجوية العسكرية للطيران الحربي والمسيرات الإسرائيلية في الأجواء اللبنانية بما يشكل خرقاً للفقرة 4 من القرار 1701، والتي يؤكد مجلس الأمن بموجبها "تأييده الشديد للاحترام التام للخط الأزرق".
وأشارت الشكوى إلى أن هذه الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة والمستمرة أدت إلى تهجير ما يزيد على 75 ألف مواطن لبناني من منازلهم في البلدات الجنوبية.
وعبرت الخارجية عن استغراب لبنان من دعوات الجانب الإسرائيلي المتكررة إلى بسط سلطة الحكومة اللبنانية في المناطق المتاخمة للخط الأزرق واضطلاع قوات اليونيفل بمسئولياتها بكفاءة وفعالية، في حين استهدفت القوات الإسرائيلية بتاريخ 5 ديسمبر الماضي مركزاً تابعاً للجيش اللبناني في الجنوب بشكل مباشر بأربع قذائف، ما أدى إلى تدميره بشكل كامل، واستشهاد جندي لبناني وإصابة 3 عسكريين اثنان منهم حالتهما حرجة، كما أن الاعتداءات الإسرائيلية على مراكز الجيش اللبناني قد وصلت إلى 34 اعتداءً منذ اندلاع الأحداث في 7 أكتوبر الماضي بانتهاكٍ صريح للفقرة 5 من القرار 1701، والذي يعيد بموجبه مجلس الأمن "تأكيد تأييده الشديد حسب ما أشار إليه في جميع قراراته السابقة ذات الصلة، لسلامة أراضي لبنان وسيادته واستقلاله السياسي داخل حدوده المعترف بها دولياً، حسب الوارد في اتفاق الهدنة العامة بين إسرائيل ولبنان المؤرخ في 23 مارس 1949".
وجاء في نص الشكوى "يأتي هذا بالإضافة إلى استهداف إسرائيل لمراكز اليونيفل بالقذائف ومن خلال إطلاق النار على الدوريات التابعة لقواتها، ما يقوض جهودها بتنفيذ مهامها ويشكل خطراً وتهديداً لأمنها وسلامتها واستهتاراً إسرائيلياً بمبادئ الشرعية الدولية، بتحدٍّ واضح للولاية الممنوحة لقوات اليونيفيل وفقاً للفقرة 12 من القرار 1701، علماً بأن إسرائيل ما زالت تحتل مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وتنفذ أعمالاً هندسية فيهما،
كما تتقاعس إسرائيل عن إظهار الحدود في النقاط المتحفظ عليها من قبل لبنان وعددها 13، مما يعرقل جهود التوصل إلى حل طويل الأجل وفقا للفقرة 8 من القرار1701".. "إن السلوك الإسرائيلي في عدم احترام القرار 1701 هو استكمال لمسار طويل قوامه تجاهل القرارات الدولية منذ صدور القرار 50 للعام 1948 مروراً بالقرار 242 للعام 1967 والقرار 279 للعام 1970 والقرار 313 للعام 1972 وصولاً للقرار 425 للعام 1978".
وأعاد لبنان التأكيد على سياسته الثابتة في الحق بالدفاع عن النفس والعمل على استرجاع حقوقه بالوسائل المشروعة ومن ضمنها اللجوء إلى الأمم المتحدة، كما يكرر التزامه بالتنفيذ الكامل للقرار 1701، ويؤكد حرصه على خفض التصعيد وإعادة الهدوء على طول الخط الأزرق.
وطلب لبنان مجددا من مجلس الأمن الدولي التطبيق الشامل والكامل للقرار 1701، ضمن سلة متكاملة بضمانات دولية واضحة ومعلنة، وفقاً لما يلي مما قد يفرز أمناً مستتباً واستقراراً أشمل وذلك عبر إظهار الحدود الدولية الجنوبية المرسمة عام 1923 بين لبنان وفلسطين والمؤكد عليها في اتفاقية الهدنة الموقعة بين لبنان وإسرائيل في جزيرة رودس اليونانية وبإشراف ورعاية الأمم المتحدة بتاريخ 23 مارس عام 1949، والتزام البلدين الكامل والصريح بتلك الحدود..وذلك يعني استكمال عملية الاتفاق على كافة النقاط الـ 13 الحدودية المتنازع عليها..وأكدت الدولة اللبنانية أنه يمكن أيضا الاستعانة بالولايات المتحدة وفقاً لما تم سابقاً في اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين البلدين في أكتوبر 2022.
كما دعا لبنان إلى وقف نهائي للخروقات الإسرائيلية، البرية والبحرية والجوية لسيادة لبنان وحدوده المعترف بها دولياً، بالإضافة إلى عدم استعمال الأجواء اللبنانية لقصف الأراضي السورية، فضلاً عن انسحاب إسرائيل إلى الحدود الدولية المتفق عليها، بدءاً بالنقطة B1 في منطقة رأس الناقورة الواقعة ضمن الحدود اللبنانية المعترف بها دولياً وصولاً إلى خراج بلدة "الماري" التي تشكل بجزء منها التمدد العمراني لقرية الغجر، بالإضافة إلى انسحاب إسرائيل الكامل من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، تطبيقاً للفقرة 10 من القرار 1701.
وطلبت الحكومة اللبنانية دعم الأمم المتحدة الدولة اللبنانية لبسط سلطتها على كامل الأراضي اللبنانية من خلال تقوية القوات المسلحة، لا سيما من خلال تقوية وتعزيز انتشار هذه القوات جنوب نهر الليطاني، وتوفير ما تحتاج بالتعاون مع اليونيفيل، بحيث لا يكون هناك سلاح دون موافقة حكومة لبنان ولا تكون هناك سلطة غير سلطة حكومة لبنان، التزاماً بالفقرة 3 من القرار 1701، كما يجب العمل على تسهيل العودة الآمنة والكريمة للنازحين من المناطق الحدودية التي نزحوا منها بعد 7 أكتوبر الماضي.
وأكدت الشكوى أن التزام إسرائيل بالقرار1701 يحتم عليها أيضا "احترام الفقرة 18 من القرار 1701 الذي يؤكد أيضا على أهمية وضرورة تحقيق سلام شامل وعادل ودائم في الشرق الاوسط، من خلال إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وفقا لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة لاسيما القرارين 242 (1967) و338 (1973) وقيام الدولتين وفقا للقرار 1515 (2003)".