الأربعاء 15 مايو 2024

شرين محمود: تجربتي الإبداعية رحلة استكشاف لحقيقتي الإنسانية| حوار

شرين محمود

ثقافة20-1-2024 | 19:30

همت مصطفى ــ بيمن خليل

تعيش الفنانة التشكيلية شرين محمود وتعمل بمدينة بريزبن في أستراليا، حاصلة على بكالوريوس الفنون الجميلة قسم النحت من جامعة حلوان بالقاهرة، مصر عام 2000، حاصلة على شهادة علم السعادة من جامعة بيركلي كاليفورنيا بأمريكا عام2015.

وأقامت«شرين» العديد من المعارض الفردية وشاركت في العديد من المعارض الجماعية والمهرجانات الفنية على مستوى العالم، دائمًا ما نرى في معارضها حالة مسرحية فريدة ويتميز كل معرض من معارضها بأن له حالته الخاصة ورسالتة الإنسانية المختلفة،  واشتهرت«شرين» بألوانها الصاخبة وبورتريهاتها الذاتية المعبرة.

* ما هو مصدر إلهامك في أعمالك الفنية؟

  • يلهمني الكون بكل جوانبه، والتجربة الإنسانية وما تحمله من تناقضات، النور والظلام، الحياة والموت، المتعة والألم، السعادة والحزن، تلهمني مشاعر البشر المختلفة والمتضادة وكيفية تعاملنا معها ورؤيتنا لها، وقدرتنا كجنس بشري على التخطي والخلق والإبداع والسمو والارتقاء الروحي، وأعمالي الفنية تتناول التجربة الإنسانية بجوانبها المختلفة المشرق منها والمظلم وتشمل رحلتي في البحث عن الحقيقة، حقيقة وجودي كجزء من هذه التجربة الإنسانية، وما أقدمه من فن هو رحلتي للوعي والصحوة الروحية،  واهتمامي بالبحث في علوم النفس الحديثة والطاقة والممارسات الروحية وقوانين الكون يشكل جزء كبير من عمليتي الإبداعية.

* حدثينا عن نمطك الفني المفضل؟ وهل لديك تقنيات خاصة تستخدميها في أعمالك؟

  • لي مدرستي الخاصة، ولا أرى نفسي منتمية لأي من المدارس الفنية السابقة فمواضيعي وتقنياتي ورؤيتي الفنية وأسلوبي في بورتريهاتي الذاتية وما أقدمه من فن هو حالة خاصة جدًا بي وبحياتي ورؤيتي للتجربة الإنسانية وتفاعلي معها واستكشافها واستكشاف لهويتي و حقيقتي في التجربة الإنسانية كروح وعقل وجسد، أنا فنانة تجريبية، دائمة التجدد والتطور في أدواتي، قمت بالعديد من التجارب الفنية المتنوعة فأنا أعشق التعبير باستخدام وسائط عديدة أمزج بينهم وأدمجهم في كيان واحد بطرق غير تقليدية، وتشمل هذه الوسائط حتى الآن: النحت، التصوير، الرسم، التصوير الفوتغرافي، فن الجسد، فن الفيديو، فن الأداء، الفن الرقمي، الفن القابل للارتداء، والفن التركيبي، وكذلك الرقص المعاصر وفنون الأداء الحركي.

*بما تصفين رؤيتك الفنية الخاصة؟

 تجربتي الإبداعية هي رحلة استكشاف لحقيقتي ولتجربتي الإنسانية، وتنصهر التجربتين في بعضهم البعض فأنا أتحد تمامًا مع أعمالي الفنية وأنقل بجرأة عالمي الخاص ورؤيتي المختلفة وأعتبر نفسي أنا التجربة وأنا العمل الفني قيد التنفيذ دائمًا وأبدًا، وأغوص بعمق من خلال تجربتي الفنية في التجربة الإنسانية مستكشفة للتناقض ما بين هشاشة وصمود الجنس البشري كروح وعقل وجسد، وهشاشة الواقع الذي نعيشة ووجودنا في هذه الحياة، والقيود والسجون الفكرية للجنس البشري، ومحاولات تخطيها والتحرر منها، وأتعمق البحث في مشاعرنا الغزيرة و مفاهيمنا المشوشة والمتناقضة، والأدوار التي نلعبها في الحياة والمعتقدات والمسميات التي تكون هويتنا و كيف يؤثر كل ما سبق على نوعية العلاقات التي نكونها مع أنفسنا والعالم من حولنا.

 

*ما الرسالة التي تحاولين توصيلها من خلال أعمالك الفنية؟

  • من خلال ما أقدمه من فن آمل أن أكون مصدر إلهام لنفسي ولكل البشر، أن ننتزع أقنعتنا الزائفة، ونبحث عن حقيقتنا ونعلن عنها ونعيشها كما نراها وليس كما يفرضها المجتمع علينا، حتى نتواصل بشكل حقيقي مع أنفسنا أولا ثم مع الآخرين، نتخلي عن البرامج المفروضة علينا ويكون عندنا الجرأة أن نسأل أنفسنا هذا السؤال: من أنا قبل أن يفرض على العالم تعريفاته؟ أن نحب ونقبل أنفسنا بأعمق مستواياتها المنير منها والمظلم، وبالتالي يكون عندنا مساحة لكي نحب ونقبل الآخر، ونتوقف عن إصدار الأحكام على بعضنا بعضًا، وندرك أن كلنا واحد وأن الانفصال بيننا مجرد وهم، وبذلك نجعل الدنيا مكان أكثر حب ورحمة وسلام ووحدة وتواصل حقيقي.

*ما أهمية الفن في رحلتك بالحياة، وكيف يؤثر على حياتك اليومية؟

  •  الفن لي ليس مجرد مهنة بل أسلوب حياة وضرورة يومية، هو النور الذي تشعه روحي، طريقي لأنمو وأتحرر وأتخطى وهو طريقي للسلام الداخلي ومساهمتي في نشر السلام الخارجي، والفن في حياتي هو الحب والتواصل والصلة والصلاة، فالحياة بالنسبة لي هي حالة الإبداع والتعبير والتحرر التي أعيشها مع العمل الفني وحقيقتي التي أحياها من خلال فني، وجرأتي في التعبير عن رؤيتي، ورفضي أن أضع نفسي في قالب أي كان مسمى أو أن أخضع لأحكام المجتمع وشروطه.

 

*هل لديك أعمال فنية مفضلة؟ إن كان الأمر كذلك، ما الذي يجعلها مميزة بالنسبة لك؟

لا شك بأن هناك أعمال فنية أقرب لقلبي وذلك لأنها تلمسني بشكل أعمق أو مختلف عن غيرها أو لأنني استطعت أن أنقل بها حالة خاصة جعلتني أدرك حقيقة ما في رحلتي أو لأنها بداية في اتجاه جديد أو مرحلة مختلفة.

*حدثينا عن أحد تجاربك الفنية المفضلة

  •      من أحد معارضي الفردية القريبة لقلبي معرض مفاهيمي تفاعلي وأدائي بعنوان «حالة ألم» الذي أُقيم بمدينة بريزبن في أستراليا، وعرضت من خلاله تجربة فريدة تضمنت مجموعة كبيرة من بورتريهات ذاتية أناقش من خلالها الألم المزمن سواء كان جسديًا أو نفسيًا، وكان هدف المعرض فتح الحوار عن الألم وماهيته وكيف نراه ونتفاعل معه ومدى تأثيره على رؤيتنا لأنفسنا وعلي تفاعلنا مع العالم من حولنا، و بدأت التجربة برغبة ملحة في أن أنقل شعوري الداخلي علي صورتي الخارجية وأن يراني العالم من الداخل كما أشعر بنفسي وليس كما يبدو لهم، وفي هذه التجربة ابتكرت أسلوبًا جديدًا لتناول فن البورتريه يدمج عدة وسائط في عمل فني وكيان واحد طامسًا للحدود بين التصوير وفن الجسد والتصوير الفوتوغرافي والفن الرقمي وفن الأداء، و في خلال فترة العرض حولت نفسي إلى عمل فني نحتي وكنت إحدى البورتريهات ضمن مجموعة اللوحات المعروضة و قدمت قطعة فنية من الأداء الحركي.

*كيف يمكن للفن أن يؤثر على المجتمع ويحقق التغيير؟

  • الفن جانب عظيم الأهمية في جميع الحضارات حيث يساهم في الكثير من التغيير بطرق شتي أهمها النهوض بالوعي، فالفن له القدرة في تغيير رؤيتنا للعالم والكون ويفتح مداركنا لآفاق جديدة ورؤيا وقيم مختلفة، ويجعلنا نفهم أنفسنا ونفهم الكون بشكل أعمق فيساهم في النهوض بالوعي الفردي وبالتالي بالوعي الجماعي، والفن له القدرة على استحضار المشاعر المختلفة ويساهم ذلك في خلق جسور التفاهم بين مختلف مجاميع البشر بغض النظر عن خلفياتهم ومعتقداتهم المختلفة فهو يسمو فوق اللغات والثقافات والحدود بين البشر ليكون أصل غني عالي القيمة والقدرة في نشر السلام والوحدة بين البشر، فهو وسيط عظيم لتوصيل الأفكار والرسائل القادرة على نشر الوعي و أحداث التغيير.

*ماهي طموحاتك وأحلامك؟

  •  حلمي أن أساهم في أن يكون العالم أكثر حقيقة وتحرر ونمو وحب ورحمة وإبداع، وأن أكمل مشواري في تحرير عقلي وقلبي من كل قيود، وأحافظ على الطفلة الجميلة بداخلي بكل ما تحمله من براءة وصدق وجرأة في التعبير.