السبت 11 مايو 2024

فنانون تحت قبة البرلمان

محمد قناوي

فن16-1-2024 | 14:37

دار الهلال
  • حرص رؤساء مصر على أن يكون هناك ممثلون عن الفنانين في المجالس النيابية، وقد خاض بعضهم معارك برلمانية والبعض الآخر شارك في سن قوانين مهمة
  • كان حسين صدقى حريصًا خلال أعماله الفنية على تقديم قضايا هادفة ومفيدة للمجتمع فعالج عددًا من المشكلات الاجتماعية مثل مشاكل العمال وأزمة أطفال الشوارع
  • كانت فايدة كامل وحمدى أحمد هما الوحيدان اللذان نجحا في الوصول لقبة البرلمان بانتخاب مباشر، في دوائر انتخابية عبر أصوات عكست رغبة الناس

 

 شهدت الحياة البرلمانية المصرية تواجدا ملحوظا لنجوم الفن تحت قبة البرلمان المصري بعضها جاء عن طريق الانتخاب المباشر من الشعب لنائبه الذي يحمل لقب فنان في المقام الأول والبعض الآخر جلس تحت القبة عن طريق التعيين حيث حرص رؤساء مصر على أن يكون هناك ممثلين عن الفنانيين في المجالس النيابية "الشورى" و"الشعب" سابقا و"الشيوخ" و"النواب" حاليا، وقد خاض بعضهم معارك برلمانية والبعض الآخر شارك في سن قوانين مهمة.

 

  • حسين صدقى

كان الفنان حسين صدقى حريصًا خلال أعماله الفنية وأفلامه التى وصل عددها إلى 32 فيلمًا على تقديم قضايا هادفة ومفيدة للمجتمع وعالج خلال أعماله عددًا من المشكلات الاجتماعية مثل مشاكل العمال وأزمة أطفال الشوارع.

وفى الستينيات اعتزل حسين صدقى الفن، وطالبه أهالى منطقته بالترشح فى انتخابات مجلس الأمة، ونجح باكتساح ليصبح نائبًا منتخبًا عام 1961، وعرض مطالب أهل دائرته، كما طالب بسن قانون لمنع الخمور ولكن لم يتم الاستجابة له، وتم حل مجلس الأمة بعد عام واحد، ولم يرشح صدقى نفسه في الانتخابات التالية ولم يكرر التجربة، مؤكدًا أنه لاحظ تجاهل من قبل المسئولين للمشروعات التي يطالب بتنفيذها.

 

  • فايدة كامل

تعد الفنانة والمطربة فايدة كامل هي أشهر من خاض انتخابات مجلس الشعب من داخل الوسط الفني عام 1971، عرفها المصريون في البداية كمطربة برعت في غناء العديد من الأغاني الوطنية، فرصيدها من هذه الأغاني فاق رصيدها من الأعمال الفنية الأخرى، فألهبت أغانيها الثورية حماس المصريين، في وقت كانوا بحاجة لكلمة تجمعهم ضد ظلم عدو جائر، ومن بين أغانيها "صوت الجماهير"، "دع سمائي"، كما شاركت في أوبريت "الوطن الأكبر"، هي نائب مجلس الشعب عن الحزب الوطني المنحل وكانت الفنانة الوحيدة التي ظلت لسنوات تجلس على مقعد مجلس الشعب عن دائرة حي الخليفة بعد اعتزالها الفن وتفرغها للعمل السياسي، وترأست لجنة الثقافة والإعلام بالمجلس وكان لها دور مؤثر تحت القبة، حيث استطاعت أن تحقق كثيرًا من مطالب أهل دائرة الخليفة، حتى أن إحدى المناطق بدائرتها أصبحت تسمى "فايدة كامل"، ما يعبر عن حب أهل المنطقة لها، واحتفظت بكرسى البرلمان على مدار 34 عامًا، ما جعلها تدخل موسوعة "جنيس" للأرقام القياسية العالمية كأقدم برلمانية فى العالم، وخاضت كثيرًا من المعارك فى البرلمان من أجل أن تأخذ المرأة المصرية حقها فى قانون الأحوال الشخصية وقانون الخلع وقانون إعطاء الجنسية المصرية لأبناء الأم المتزوجة من أجنبى، واستطاعت خلال رئاستها للجنة الثقافة والإعلام والسياحة بالبرلمان الإعداد لمشروع قانون الحفاظ على التراث السينمائى المصرى، وهو قانون من شأنه أن يحفظ لذاكرة الأمة المصرية الأفلام السينمائية ونجحت فى بناء 11 مدرسة، وعدد من المستشفيات، وإدخال مشروع الصرف الصحى ومياه الشرب لكثير من مناطق الدائرة، ورصف الطرق وإنشاء خمس مراكز للشباب، إلى جانب بناء المؤسسات الخيرية لرعاية الفقراء والأيتام.

 

 

  • حمدى أحمد

الفنان حمدى أحمد أشهر نجوم الفن فى البرلمان والذى أطلق عليه الفنان المناضل والكاتب السياسى وكان عمره 16 عاما عندما قامت قوات الاحتلال البريطانى بحبسه لمشاركته فى مظاهرات احتجاجية ضد الاحتلال.. ونجح الفنان حمدى أحمد فى نهاية السبعينيات، عن دائرة بولاق، وكان مرشحاً عن حزب العمل الاشتراكى المعارض، ونجح فى الوصول للمقعد البرلمانى لكنه لم ينجح عن الدائرة نفسها فى الانتخابات التالية ومارس السياسة تحت قبة مجلس الشعب منذ عام 1979 إلى 1984م، وكان أبرز القضايا التى كان يتولى مناقشتها قانونى الصحافة والإدارة المحلية، كما أنه رفض الانضمام للحزب الوطنى.

وتم تضييق الخناق عليه فنياً في عهد الرئيس أنور السادات، والحكاية لها جذور، حيث كان ينوي الرئيس السادات تهجير أهالي بولاق أبو العلا، الأمر الذي رفضه "حمدي أحمد" باعتباره نائبا لدائرة بولاق أبو العلا، فوجه الحديث للرئيس السادات، تحت قبة البرلمان "لما حبيت تطور ميت أبو الكوم بنيت لهم ميت أبو الكوم في نفس ميت أبو الكوم، لا وديتهم تلا ولا البتانون، إنت لما عملت ميت أبو الكوم دخلت لهم ميه سقعة وميه سخنة وحنفية تنزل زوزة".. وإلى جانب عمله في الفن، كان كاتبًا سياسياً في عدد من الصحف المصرية منها جرائد "الشعب والأهالي والأحرار والميدان والخميس"، ومارس العمل السياسي، وشارك في المظاهرات.

 

كانت الفنانة فايدة كامل والفنان حمدى أحمد هما الوحيدين الذين نجحا في الوصول لقبة البرلمان بانتخاب مباشر، في دوائر انتخابية عبر أصوات عكست رغبة الناس في أن يكون هؤلاء ممثلين لهم، وبعدهم لم يخض أي فنان أو فنانة تجربة الانتخابات ولكن كان يتم تعيينهم بمعرفة رئيس الجمهورية وخاصة تحت قبة مجلس الشورى، من خلال التعيين، ومن بينهم

 

  • محمود المليجي

كان يحمل لقب أنتوني كوين الشرق، وشرير الشاشة المصرية؛ لكثرة تقديم أدوار الشر في أعماله، ومع ذلك كان بارعًا في تقديم أدوار الخير والطبيب النفسي، كما أدى أيضاً أدواراً كوميدية.. "محمود المليجي" الذي يعتبر واحدًا من أشهر الممثلين المصريين في القرن الماضي، ويعد الممثل الأكثر حضوراً في تاريخ السينما والتلفزيون العربي بحصيلة تجاوزت 500 عمل فني، منها 21 فيلمًا تم اختيارها في قائمة أفضل 100 فيلم بذاكرة السينما المصرية حسب استفتاء النقاد عام 1996.

ويعد محمود المليجى أول فنان يُختار لعضوية مجلس الشورى بالتعيين عام 1980 وكانت مفاجأة هزت الأوساط الفنية فى ذلك الوقت حيث اختاره رئيس الجمهورية الراحل محمد أنور السادات بعد أن قرر إنشاء مجلس الشورى برئاسة الدكتور صبحى عبدالحكيم وأصدر أمر بتعيين بعض من رموز الفن فى مجلس الشعب والفنان محمود المليجى لعضوية المجلس باعتباره أحد أهم الرموز الفنية فى تاريخ السينما المصرية، ويعد "المليجى" رائد فنانى مجلس الشورى.

 

  • محمد عبد الوهاب

موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب الذى اختير لعضوية مجلس الشورى، بأمر رئاسى حيث تم تعيينه فى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك بعد وفاة المليجى ليكون عضوا فى مجلس الشورى عام 1983م، والحقيقة أنها لم تكن خطوته الأولى نحو العمل السياسى، حيث ربطته صداقة قوية مع مصطفى النحاس ومكرم عبيد وأحمد ماهر، كما أن عبدالوهاب كانت تربطه صداقة شخصية بالسادات الذى منحه عام 1979م رتبة اللواء وارتدى الزى العسكرى، وهو يقود معزوفة السلام الوطنى بعد توقيع معاهدة السلام 1979م، وكان موسيقار الأجيال يرى أن الفنان يمكن أن يكون سياسيا أيضا.

 

  • أمينة رزق 

أمينة رزق، لم تكتفى باحتضان المشاهدين فى أدوارها الأمومية، وكان لها دور بارز فى عالم الفن وتركت بصمة لا مثيل لها مما رشحها لتكون لها دور آخر فى عالم السياسة، حيث عينها الرئيس مبارك فى مجلس الشورى عام 1991، وبذلك أصبحت من الفنانات العضوات فى البرلمان.

واهتمت أمينة رزق بقضايا المرأة وطالبت بتعديل قوانين الأحوال الشخصية، وطالبت أيضًا بتشديد العقوبة على تجار المخدرات وقدمت استجوابًا لوزير الثقافة حينها فاروق حسنى، عن حالة المسرح المصرى الذى أصبح لا يُصدر الفن الراقى للخارج بل يصدر الفنون الشعبية وكأن بلدنا بلد "رقص"، على حد قولها.. كان أدائها فى البرلمان فعال حيث تحدثت عن ما يحمله الشعب من هموم وأعباء فتحولت مسيرتها الفنية إلى سياسية وأصبحت زعيمة المعارضة عندما قدمت استجوابا لوزير الثقافة وقتها عن حالة المسرح الذى أصبح لا يصدر الفن الراقى للخارج.

 

  • مديحة يسرى

لم تتخيل في يوم من الأيام الفنانة الكبيرة مديحة يسري أو سمراء النيل أن تمارس العمل السياسي وهي التي كانت متفرغة لفنها كممثلة ومنتجة في السينما المصرية ولكن في يوليو 1998 تغيرت حياتها، وانقلبت رأساً على عقب، ففي أثناء متابعتها لنشرة التاسعة علي شاشة التليفزيون المصري، كالمعتاد، أثناء قضاؤها إجازتها  على شاطئ المعمورة بالإسكندرية سمعت اسمها ضمن الأسماء التي عيّنها الرئيس حسني مبارك في مجلس الشورى بالدورة الجديدة، في البداية تصورت أن ثمة تشابهاً في الأسماء ولم تتخيل أنها المقصودة، لم تستوعب مديحة الخبر، وقبل أن تفيق من صدمتها إذا بهاتفها يرن، وكان على الطرف الآخر نجلاء فتحي وزوجها الإعلامي حمدي قنديل أول المهنئين لها، فأخبرتهم أنها لم تُبلّغ رسمياً، وقد لا يتعدى الأمر تشابه الأسماء، لكن سرعان ما رنّ هاتفها، مرة أخرى، وكان الاتصال من الرئاسة لإبلاغها باختيارها نائبة في البرلمان، فانهالت عليها التهاني من أصدقائها النجوم وصناع السينما على ترشيحها للمنصب، عاقدين عليها آمالا للنهوض بالفن والدفاع عن الصناعة التي مرت ولا تزال بأزمات، فيما احتفل بها أصدقاؤها فور عودتها من الإسكندرية.

وركزت مديحة على مشاكل صناعة السينما والتقت بالمنتجين للوقوف على أبرز الأزمات والدور المطلوب من الدولة ومجمل التفاصيل، ساعدتها فى ذلك خبرتها القديمة فى الإنتاج فضلاً عن أصدقائها المهتمين فعلا بنهوض الصناعة خصوصاً والفن عمومًا وشاركت فى لجنتى الآثار والإعلام بمجلس الشعب وقامت بزيارة معابد الأقصر وفحص المراكب السياحية وقصور الثقافة وغيرها، كما كانت الوحيدة التى دائمًا ما تبدأ الحديث عن السينما فاقترحت إنشاء قسم لفنون السينما داخل مكتبة الإسكندرية وقسم آخر للقصائد والأغانى، وإنشاء بنك يدعم السينما المصرية وتكاليفها المرتفعة.

 

  • كمال الطويل

رغم أن كمال الطويل كان يحمل لقب الموسيقار عن جدارة فإن الباشا الراحل فؤاد سراج الدين زعيم الوفد المصرى القديم والجديد قد اختاره- لخلفية أسرته الوفدية ومكانة عمه عبدالفتاح الطويل باشا الذي شغل عدة وزارات متعاقبة آخرها «العدل» في وزارة النحاس باشا فى يناير 1952- ليكون مرشح الحزب فى دائرة شرق القاهرة مصر الجديدة ضمن قائمة الوفد التى تدخل المنافسة فى مواجهة قائمة الحزب الوطنى الحاكم التى كانت تضم أسماء سياسية بارزة فى مقدمتها الدكتور زكريا عزمى رئيس ديوان رئيس الجمهورية والدكتور حمدى السيد نقيب الأطباء وقتها وثريا لبنة نقيب الاجتماعيين وذلك فى أول انتخابات تجرى فى مصر فى ظل القوائم الحزبية المطعمة بالمقعد الفردى فى عام 1987، ورغم أن كمال الطويل كان يمارس السياسة لأول مرة تحت القبة فإنه قد أعطى مذاقا خاصا للمعارضة الوفدية البيضاء التى لا تنطق من أحقاد وضغائن الماضى، ولا تصوب سهامها إلى سلبيات مرحلة سياسية كانت لها أيضا إيجابياتها، ومن مقترحات الطويل فى البرلمان تحديد النسل وذلك عن طريق ألا يتمتع الطفل الثالث بالمجانية، وأن يحرم الراسب فى الامتحان من الإعادة إلا بعد سداد المصروفات، كذلك ألا تتجاوز أى بطاقة تموينية 5 أفراد، وطالب بشدة بإنشاء الجامعات الأهلية كطريق وحيد لتقديم عمالة تحتاج إليها البلاد وليست عمالة مغلوطة كما هو الحال، ويشاء القدر ألا يكمل البرلمان مدته بعد الطعن بعدم دستوريته ليصبح عُمر كمال الطويل قصيرا فى عالم السياسة.. ثلاث سنوات أمضاها النائب الفنان فى البرلمان اختلف خلالها مع قيادات الوفد وكان قراره الأخير هو الاعتزال.

غاب الفنانين عن البرلمان لمدة تجاوزت الـ15 عاما منذ عام 2005، وجاء عام 2021 ليشهد وقوف الفنان يحيى الفخراني تحت قبة مجلس الشيوخ ترافقه الفنانة سميرة عبدالعزيز، بعد أن فوجئا بتعينهما من قبل الرئيس عبدالفتاح السيسي لعضوية المجلس.

 

  • يحيى الفخراني

يعتبر أحدث الفنانين المنضمين لقائمة الاسماء المعينة لتولي عضوية المجلس،.. "السيد محمد يحيى محمد إبراهيم مصطفى الفخراني" هكذا تم النداء على الفنان يحيى الفخراني باسمه الكامل تحت قبة مجلس الشيوخ، ليحلف اليمين الدستورية تمهيدًا لممارسة حقه السياسي كنائب في مجلس الشيوخ في إطار القرار الذي أصدره رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي، وفقًا للقانون رقم 141.

ربما كانت هذه التجربة هي الأولى للفخراني من الناحية السياسية، وهو الذي أولى الجزء الأكبر من حياته لفنه وموهبته على شاشة السينما والتليفزيون، كانت له تجارب برلمانية سابقة ولكن في الدراما التي طالما أمتع جمهوره بأدائه فيها ولكنه قدم شخصية نائب الأمة أو الشعب في خلاصة أعمال فنية أولها شخصية سليم باشا البدري في الملسل الشهير "ليالي الحلمية"، تليها شخصية الخواجة السكندري "بشر عامر عبدالظاهر" أو الخواجة "بوتشي" نائب الأمة في مسلسل "زيزينيا"، ثم شخصية مصطفى الهلالي الأب المثالي والأستاذ الجامعي ورئيس حزب الفضيلة، وعضو مجلس النواب في مسلسل"سكة الهلالي"

 

  • سميرة عبدالعزيز

 تعتبر الفنانة سميرة عبدالعزيز، آخر فنانة مصرية يتم تعيينها مجلس الشيوخ المصري لتصبح نائبة عن الشعب في الغرفة الثانية للبرلمان المصري وهي تعتبر  أن هذه المكانة  قيمة للغاية وعلى من يتولها أن يكون صادقاً في حمل قضايا المجتمع المصري.

Dr.Radwa
Egypt Air