يعتبر البرلمان المصري من أعرق البرلمانات على المستوى العالمي بل يصل إلى أنه من أقدم البرلمانات في العالم، وقواعد البرلمان المصري قواعد تاريخية تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن الدولة المصرية منذ القدم وهى دولة تعتمد على البناء المؤسسي وأسلوب الإدارة الذي تتنوع فيه المؤسسات بمختلف مستوياتها.
والبرلمان المصري استطاع أن يسطر تاريخا بأحرف من نور وسط أعرق البرلمانات على مستوى العالم، ولا يوجد شك أنه في عهد الأمم المتحضرة وفي تاريخ الأمم لحظات تكون فارقة، والبرلمان المصري يعتبر من أهم البرلمانات التي كان لها كلمة ومواقف تاريخية منذ نشأته. وعراقة البرلمان المصري وقوته يستمدها دائماً من قوة أعضائه، وعلى مدار تاريخه كانت هناك مواقف بطولية شجاعة من أعضاء البرلمان أنه مؤسسة وطنية قادرة على أن تكون درعا وسيفا لحماية الوطن.
وقد يكون من حسن الأقدار أن تأتي هذه الفترة وأن يأتي البرلمان المصري في ظل قيادة حكيمة واعية مؤمنة بفكرة تمكين الشباب، ويعتبر هذا الملف هو ملف الساعة، وكما نقول إن مصر «دولة فتية» أكثر من 60% منها شباب من مختلف فئات المجتمع، فلا أهم ولا أقوى من ملف تمكين الشباب، والذي توليه القيادة السياسية اهتماماً كبيراً.
إن جيل مصر الحالي جيل يملك من الطموح الكثير ويملك من الرغبة في خدمة الوطن الكثير، ويؤمن أن الدفاع عن الوطن يأتي من خلال مشاركته في دوائر صنع القرار ومن خلال تمثيله في المجالس النيابية، لكن قبل أن نتحدث عن تجربة هامة جداً من تجارب تمكين الشباب في البرلمان المصري، يجب أن نشير إلي أن الدولة المصرية وفي إطار حرصها على بداية مسار ديمقراطي مبني على التعددية وتنمية الحياة السياسية والحزبية ومبني على فكرة تمكين الشباب وبلورة أفكار تمكين وتأهيل الشباب على القيادة قد ساهمت في تدشين تجارب غير مسبوقة وفي غاية الأهمية حتى وإن كانت هذه التجارب لها مشابهات في عصور سابقة إلا أنها تفردت في هذه الفترة في فترة حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي. ولا تزال فقد شهدنا مولد كيانات ومؤسسات تعمل جاهدة على تدريب وتأهيل الشباب على القيادة في مختلف المجالات والمواقع ومختلف دوائر صنع القرار، فوجدنا البرنامج الرئاسي لتدريب وتأهيل الشباب على القيادة، وأنشئت الأكاديمية الوطنية للتدريب والتأهيل، وأسست تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين لتكون منصة جامعة شاملة حوارية تجمع جميع الشباب من مختلف أطياف ومكونات الحياة السياسية والتيارات الحزبية والكتل الشبابية المختلفة، بالإضافة أيضاً إلى شباب «حياة كريمة» تلك المبادرة الهامة التي استطاعت أن تخلق أجيالاً قادرة على فهم طبيعة العمل الشعبي وطبيعة العمل العام والمنظومة المحلية التي طالما نادت بها القوى السياسية والعامة بضرورة تطويرها وتغييرها وتحديثها.
إن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، استطاعت أن تجمع ما فرقته الظروف السابقة، واستطاعت أن تجلس على طاولة الحوار التيارات والتكتلات والقوى السياسية والحزبية التي كانت ليس فقط متنافرة ولكنها أيضاً كانت متنازعة وبينها صراعات تاريخية، فاستطاعت تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين من خلال انتقاء عناصر شبابية قادرة على فهم تطورات المرحلة وكيفية بناء الجمهورية الجديدة أن يجلسوا جميعاً على طاولة حوار واحدة يتفقون على حماية الأمن القومي المصري وحماية حقوقنا التاريخية، ويجمعون على محاربة التطرف والإرهاب، ويحرصون على التوافق وأن الاختلاف في الرأي لا يفسد للوطن قضية، فاستطاعوا خلال مدة لا تتجاوز 6 سنوات أن يحجزوا لأنفسهم مكانا مهما في مؤسسات الدولة، فوجدنا منهم نوابا للمحافظين ومساعدين للوزراء ووجدنا منهم كوادر إعلامية وصحفية موجودة في مختلف الهيئات الإعلامية والصحفية ومختلف هيئات الدولة. وعندما نأتي للتنسيقية في البرلمان نستطيع أن نشاهد وبما لا يدع مكاناً للشك، كتلة شبابية متنوعة قوية قادرة على أن تصنع فارقاً، قد تم تأهيلها وتدريبها من خلال لجان تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين المختلفة ومن خلال البرامج الاحترافية والدورات التدريبية واجتياز العديد من الاختبارات التي تقيس القدرات وترفع من شأن الأعضاء وقدرتهم على العمل البرلماني، فوجدنا أن هناك ٣٢ نائباً ونائبة في مجلس النواب و ١٦ نائباً ونائبة في مجلس الشيوخ، استطاعوا أن يشكلوا علامة فارقة تستطيع من خلالها الأجيال القادمة سواء في تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين أو غيرهم أن يستفيدوا من نجاح هذه التجربة لأنها استطاعت أن تقدم نموذجا لشباب مصري واع قادر على ممارسة العمل البرلماني والأداء النيابي التشريعي والرقابي لا يهمه إلا مصلحة الوطن ولا يضع نصب عينيه إلا نصرة وطنه ودولته وقيادته ويقف صفا واحداً خلف الدولة المصرية ليشكل درعاً وسيفا للدفاع عنها وحمايتها والذود عن حقوقها مؤمناً بأن الحفاظ على الأمن القومي المصري والحفاظ على الدولة المصرية هو الشأن الذي يعلو ولا يعلى عليه.
إن ملحمة تمكين الشباب خلال الفترة الحالية يجب أن تستمر، لأن هذه التجربة استطاعت أن تثبت أن شباب مصر مازالوا بخير وأن الشباب حينما يتم تأهيلهم وتدريبهم وتمكينهم ومنحهم الفرصة لتولي القيادة والتواجد في مؤسسات الدولة المختلفة وبالأخص المجالس النيابية استطاعوا أن يثبتوا أنهم على قدر المسئولية الوطنية وآنهم قادرون على القيام بها على أكمل وجه، وأنهم لا يعبئوا لا بانتقاد ولا بانتقاص ولا بهجوم ولا بإساءة ولا بتشويه تحاول قوى التطرف والإرهاب وأهل الشر أن ينتهجونه في تحطيم أي تجربة ناجحة تظهر في أفق الدولة المصرية..
إن تجربة نواب تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، وكافة تجارب تمكين الشباب، يجب أن تستمر وأن تدعم بشكل كامل لأنها استطاعت أن تظهر جيلا جديدا قادراً على تحمل المسئولية الوطنية، كما أنها أصبحت خطا واضحاً ودليلاً قوياً لكل شاب يبتغي ويريد ويطمح إلى خدمة الوطن. كما أنها الطريق من خلال التأهيل والتدريب لكي نبني جسورا من الثقة بين أجيال من الشباب تحلم وتطمح إلى تمثيل بلادها في المجالس النيابية وبين قيادة سياسية واعية تؤمن بتمكين الشباب وتؤمن بأن هذه الدولة لن تبنى إلا على أكتاف الشباب ولن تنهض إلا إذا منحنا الشباب وجميع المؤهلين الفرصة للتواجد في دوائر صنع القرار وتمثيل وطنهم وكل ذلك .. من أجل مصر.