السبت 27 ابريل 2024

حكايـة وطن.. مشروع الحلم النووي

مقالات23-1-2024 | 20:44

 مشروع الحلم النووي يتحقق.. والقول بإنه حلم ليس من باب المبالغة وإنما هو تجسيد حقيقي لمشروع طال انتظاره، وتحدث عنه كل رؤساء مصر منذ 1952.. إلى أن جاء الرئيس عبد الفتاح السيسي وتم بالفعل اتخاذ الخطوات الحقيقية لتحقيق الحلم.. بل وكان من اوائل القرارات التي اتخذها فور أن أصبح رئيسا لمصر..

(حلم)..
بدأت خطواته عندما بدأ في تنفيذ المشروع في عهد الرئيس جمال عبدالناصر ووقع مع الاتحاد السوفيتي في عام 1956 أول اتفاقية للطاقة النووية وحصلت من خلالها مصر على أول مفاعل ذري للبحوث العلمية بقوة 2 ميجا وات، ومعمل لإنتاج النظائر المشعة.. وبعد ذلك بعام تم إنشاء هيئة الطاقة الذرية، ثم تم بالفعل بناء المفاعل الذري المصري عام 1961 بمنطقة أنشاص بمحافظة الشرقية، وهو المفاعل الذي حمل نفس اسم المنطقة "مفاعل أنشاص".. كذلك تقرر إنشاء مصنع المراجل البخارية، كأحد دعائم المشروع النووي، وبدأت الدراسات التمهيدية لاستخدام مصر المفاعلات النووية عام 1964.. وانتهت مؤسسة الطاقة الذرية من إعداد المواصفات الخاصة بمحطة نووية تستخدم في توليد الكهرباء قدرتها 150 ألف كيلووات، وتحلية مياه البحر لإنتاج 20 ألف متر مكعب يومياً وطرحتها في مناقصة عالمية، وأعقب ذلك صدور خطاب نيات لإحدى الشركات الأمريكية لتتولى تنفيذ المحطة عام 1966، غير أن نكسة يونيو 1967 أوقفت المشروع، وتوجه كل الدعم إلى الإنتاج الحربي..
 
وفي عهد الرئيس الراحل أنور السادات، وبعد نصر أكتوبر 1973، عاد التفكير مرة أخرى في المشروع النووي، وفي 1975 صدر خطاب نيات لنفس الشركة الأمريكية التي كان قد تم الاتفاق معها قبل يونيو 1967، و اتفق السادات مع الرئيس الأمريكي وقتها ريتشارد نيكسون على آليات تنفيذ المحطة، واستمرت المفاوضات حتى وصول جيمي كارتر إلى رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، وفي هذه الأثناء عدلت الشركة الأمريكية في عقود إنشاء المحطة، ليكون من حقها التفتيش على المحطة في أي وقت، وهو ما اعتبرته مصر مساسا بسيادتها.. وتوقف المشروع حتى عام 1980 عندما أعاد السادات طرح إنشاء 8 محطات نووية وتم اختيار منطقة الضبعة لتنفيذ أول محطة نووية، غير المشروع أوقف من جديد في 1981..

ومع تولي الرئيس السابق حسنى مبارك رئاسة البلاد، طرح تنفيذ المحطة في مناقصة محدودة بين خمس شركات عالمية وكان ذلك عام 1983، واستمرت المفاوضات مع الشركات العالمية حتى أوائل عام 1986، والمفارقة أن قبل أيام من اليوم المحدد لإرساء العطاء علي أحد المشاركين بالمناقصة وقعت كارثة "تشيرنوبل" النووية، فقررت الحكومة المصرية توقف العمل بالمشروع خوفا من تكرار الكارثة في مصر..
 
ومع تولي الرئيس عبدالفتاح  السيسي المسؤولية كان أول القرارات التي اتخذها هي المضي قدما في إنشاء المشروع النووي، وأصدر في 2014 قرارا جمهوريا بتخصيص 2300 فدان لإقامة تجمع سكني لأهالي منطقة الضبعة، وللعاملين بالمحطة بالإضافة للخدمات اللازمة للمنطقة والمشروعات الأخرى تعويضا عن الأراضي التي تم تخصيصها للمشروع النووي..

وأسند حلم تنفيذ المفاعل النووي لشركة "روزاتوم الروسية"، وفي نوفمبر 2015 تم توقيع اتفاقية حكومية IGA لدعم وتعزيز التعاون في الاستخدامات السلمية للطاقة النووية بين الجانبين المصرى والروسى، وعلى مدار السنوات الماضية تم التفاوض والانتهاء من كافة الإجراءات التعاقدية والتشريعية والقانونية المتعلقة بالمشروع.. قبل أن تبدأ بالفعل خطوات التنفيذ الفعلية على أرض 

وتم الانتهاء من توقيع العقود الخاصة بالمشروع والتى تتضمن  التصميم والإنشاء، وتأمين توريد الوقود النووي، والخدمات الاستشارية للتشغيل والصيانة، وإدارة الوقود المستنفد..

ولعل ما يشهده العالم من أزمة فى إمدادات الطاقة العالمية، يؤكد أهمية القرار الاستراتيجى الذى اتخذته الدولة المصرية بإحياء البرنامج النووى السلمى المصرى لإنتاج الطاقة الكهربائية كونه يساهم فى توفير إمدادات طاقة آمنة ورخيصة وطويلة الأجل، وبما يقلل الاعتماد على الوقود الإحفورى، ويجنب تقلبات أسعاره..

كما أن إضافة الطاقة النووية.. إلى مزيج الطاقة الذى تعتمد عليه مصر لإنتاج الكهرباء يكتسب أهمية حيوية للوفاء بالاحتياجات المتزايدة من الطاقة الكهربائية اللازمة لخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ويساهم فى زيادة الاعتماد على الطاقة الجديدة والمتجددة، بما يحقق الاستدامة البيئية والتصدى لتغير المناخ..

إن "المشروع النووي"..
حلم مصرى جرى العمل على تحقيقه منذ سنوات عديدة، وهو يعد بمثابة أمن قومي تكنولوجي للبلاد، كما إنه يعد أضخم مشروع في تاريخ مصر الحديث والقديم، خصوصا أنه يساهم في إدخال الجودة النووية في الصناعات المصرية، وهو شامل لجميع أوجه التنمية المستدامة، فهو مشروع أمن طاقة، كذلك المشروع يعد العمود الفقري للتنمية الاقتصادية داخل مصر، كذلك سيسهم المشروع في زيادة الدخل الدولاري لمصر، خصوصا أنه مشروع اقتصادي في الدرجة الأولى، وسيكون لدينا عمالة مدربة في قطاع الطاقة النووية،..

وينتظر دخول مشروع الضبعة مرحلة التشغيل عام 2028 بهدف توفير الطاقة النظيفة، ومن المنتظر أن يشمل المشروع النووي المصري إنشاء 30 أو 40 أو 50 مفاعلا نوويا، ويتم إنشاء 4 مفاعلات نووية روسية في الوقت الحالي بمحطة الضبعة قدرة كل مفاعل منها 1200 ميجاوات.. بل ويمكن إنشاء 8 مفاعلات نووية في محطة الضبعة وقد يزيد العدد لأقصى سعى وهي 12 مفاعلا بالمحطة، لذلك فإن ما يحدث إضافة قوية لمصر، فهو أضخم مشروع في تاريخ مصر..

•• وإذا كان هناك من يصنف "مشروع السد العالي" بأنه هو مشروع القرن العشرين، فإن "مشروع محطة الضبعة النووية" هو بحق أول مشاريع القرن الحادي والعشرين والذي سينقل مصر نقلة غير مسبوقة في اكثر من مجال..

نحن في "لحظة" - وكما قال الرئيس عبدالفتاح السيسي - لحظة التاريخية ستظل خالدة فى تاريخ وذاكرة هذه الأمة، وشاهدة على إرادة هذا الشعب العظيم، الذى صنع بعزيمته وإصراره وجهده التاريخ على مر العصور وها هو اليوم يكتب تاريخا جديداً بتحقيقه حلماً طالما راود جموع المصريين، بامتلاك محطات نووية سلمية..

إن تنفيذ مشروع مصر القومى بإنشاء المحطة النووية بالضبعة يسير بوتيرة أسرع من المخطط الزمنى المقرر، متخطيا حدود الزمان، ومتجاوزا كل المصاعب..

إن بدء تنفيذ الصبة الخرسانية الأولى للوحدة النووية الرابعة بمشروع الضبعة النووى،  تأذن بشروع الدولة المصرية فى مرحلة الإنشاءات الكبرى لكافة الوحدات النووية بالمشروع..

إننا في ظل الجمهورية الجديدة ننشد "التنمية المستدامة" كما ينبغي أن تكون وكافة أشكالها المتعددة التي ستضع مصر على الخريطة العالمية في كل المجالات، ومها ستتحقق كل الأحلام والطموحات التي طالما تمنيناها وسعينا إليها مهما كانت التحديات والتهديدات..

Dr.Randa
Dr.Radwa