الثلاثاء 7 مايو 2024

«90 ثانية قبل الكارثة».. ما قصة ساعة يوم القيامة ودلالتها؟

ساعة يوم القيامة

تحقيقات24-1-2024 | 14:17

أماني محمد

للمرة الأولى في عام 2024، أعلن مجلس علماء مجلس إدارة مجلة علماء الذرة التابعة لجامعة شيكاغو، وضع ساعة يوم القيامة على وقت 90 ثانية قبل منتصف الليل، وهي المرة الـ26 تقريبا التي يتم تحريك الساعة منذ تأسيسها عام 1947، لتلفت نظر العالم للخطر المحدق به.

ساعة يوم القيامة

 

ظهرت ساعة يوم القيامة لأول مرة في عام 1947، ومنذ ذلك الحين تم تعديلها 26 مرة كان آخرها في منتصف الليل اليوم، حيث أعاد المجلس وضعها على رقم 90 ثانية إلى منتصف الليل، للعام الثاني على التوالي، حيث كان المجلس قد قدمها من 100 ثانية إلى 90 ثانية في العام الماضي 2023 متأثرا بالوضع في العالم والحرب الروسية الأوكرانية والتغيرات المناخية وغيرها من التحديات، بعد أن كانت ساعة يوم القيامة مضبوطة على دقيقتين قبل منتصف الليل في عام 2019، وعند 100 ثانية حتى منتصف الليل في عام 2022.

وساعة يوم القيامة هي تصميم يحذر العالم من مدى اقتراب من تدميره بتقنيات خطيرة صنعها البشر، فهي استعارة وتذكير بالمخاطر التي يجب التصدي لها، وعندما تم إنشاء ساعة يوم القيامة في عام 1947، كان الخطر الأعظم الذي يهدد البشرية يأتي من الأسلحة النووية، وخاصة من احتمال أن الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي يتجهان نحو سباق التسلح النووي، ومنذ عام 2007 نظرت النشرة في الاضطرابات الكارثية المحتملة الناجمة عن تغير المناخ، لأول مرة.

تأسست الساعة عندما طلب المحرر المشارك هايمان جولدسميث من الفنان مارتيل لانجسدورف أن يبتكر تصميمًا لغلاف طبعة يونيو 1947 من النشرة، ففكر في البداية استخدام رمز اليورانيوم، ولكن عندما استمع إلى العلماء الذين عملوا على القنبلة النووية، وهم يناقشون بحماس عواقب التكنولوجيا الجديدة ومسؤوليتهم عن إعلام الجمهور، رسم ساعة لتشير إلى أنه لم يعد لدينا الكثير من الوقت للسيطرة على الأسلحة الذرية.

ومنذ عام 1973، يجتمع مجلس العلوم والأمن مرتين سنويا لمناقشة الأحداث العالمية وإعادة ضبط الساعة حسب الضرورة، وهو مجلس يتكون من علماء وخبراء آخرين لديهم معرفة عميقة بالتكنولوجيا النووية وعلوم المناخ، والذين غالبًا ما يقدمون مشورة الخبراء للحكومات والوكالات الدولية، وفي عام 1991، مع نهاية الحرب الباردة، وقعت الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي معاهدة خفض الأسلحة الاستراتيجية، وهي أول معاهدة تنص على تخفيضات كبيرة في ترسانات الأسلحة النووية الاستراتيجية لدى البلدين، مما دفع النشرة إلى ضبط الساعة إلى 17 دقيقة حتى منتصف الليل.

 

ساعة يوم القيامة 90 ثانية

 

وفي تحديثها الأخير 2024، أعلن المجلس أنه ما زال أمامنا 90 ثانية حتى منتصف الليل، موضحا أنه تستمر الاتجاهات المشؤومة في توجيه العالم نحو كارثة عالمية، في ظل الحرب في أوكرانيا والاعتماد الواسع النطاق والمتزايد على الأسلحة النووية يزيدان من خطر التصعيد النووي، محذرا من أنه تنفق الصين وروسيا والولايات المتحدة مبالغ ضخمة لتوسيع أو تحديث ترساناتها النووية، مما يزيد من خطر الحرب النووية الدائم عن طريق الخطأ أو سوء التقدير.

وقال المجلس إنه في عام 2023، شهدت الأرض العام الأكثر سخونة على الإطلاق، وأثرت الفيضانات العارمة وحرائق الغابات وغيرها من الكوارث المرتبطة بالمناخ على ملايين الأشخاص حول العالم، كما تسارعت التطورات السريعة والمثيرة للقلق في علوم الحياة وغيرها من التكنولوجيات المعطلة للنظام الحالي، في حين لم تبذل الحكومات سوى جهود ضعيفة للسيطرة عليها.

وأوضح أنه في العام الماضي أعربوا عن قلقهم المتزايد بتحريك الساعة إلى 90 ثانية حتى منتصف الليل - وهو الأقرب إلى كارثة عالمية على الإطلاق، وكان ذلك - إلى حد كبير بسبب التهديدات الروسية باستخدام الأسلحة النووية في الحرب في أوكرانيا، مضيفين أن هذا العام أعادوا ضبط ساعة يوم القيامة مرة أخرى على 90 ثانية قبل منتصف الليل لأن البشرية لا تزال تواجه مستوى غير مسبوق من الخطر.

وتابع: "يتعين على القادة والمواطنين في مختلف أنحاء العالم أن ينظروا إلى هذا البيان باعتباره تحذيراً صارخاً وأن يستجيبوا له على وجه السرعة، وكأن اليوم هو أخطر لحظة في التاريخ الحديث. لأنه قد يكون كذلك."، مشيرين إلى أنه لكن يمكن جعل العالم أكثر أمانا. يمكن أن تتحرك الساعة بعيدًا عن منتصف الليل، الأمر يتطلب اتخاذ إجراءات متضافرة، وكل ثانية لها أهميتها.

وأرجع المجلس سبب الإبقاء على ضبط الساعة عند 90 ثانية أنه نهاية الحرب الروسية في أوكرانيا تبدو بعيدة المنال، وأنه يظل استخدام روسيا للأسلحة النووية في ذلك الصراع احتمالا جديا، موضحا أنه تهدد برامج الإنفاق النووي في القوى النووية الثلاث الكبرى  الصين، وروسيا، والولايات المتحدة بإشعال سباق تسلح نووي ثلاثي مع انهيار بنية الحد من الأسلحة في العالم. وتعمل روسيا والصين على توسيع قدراتهما النووية، وتتزايد الضغوط في واشنطن لكي ترد الولايات المتحدة بالمثل.

وأضاف أنه تتفاقم الأزمات النووية المحتملة الأخرى. وتستمر إيران في تخصيب اليورانيوم إلى مستوى قريب من الدرجة المستخدمة في تصنيع الأسلحة، في حين تعرقل الوكالة الدولية للطاقة الذرية فيما يتصل بالقضايا الرئيسية، كما أنه يبدو من غير المرجح أن تنجح الجهود الرامية إلى إعادة تفعيل الاتفاق النووي مع إيران، كما تواصل كوريا الشمالية بناء أسلحة نووية وصواريخ طويلة المدى. ويستمر التوسع النووي في باكستان والهند دون توقف أو ضبط النفس.

ولفت إلى احتمال تصاعد الحرب في غزة بين إسرائيل وحماس إلى صراع أوسع في الشرق الأوسط يمكن أن يشكل تهديدات لا يمكن التنبؤ بها، على الصعيدين الإقليمي والعالمي.

وحذر أيضا من خطر تغير المناخ، حيث استثمر العالم مبلغا قياسيا قدره 1.7 تريليون دولار في الطاقة النظيفة في عام 2023، وتعهدت البلدان التي تمثل نصف الناتج المحلي الإجمالي في العالم بزيادة قدرتها على الطاقة المتجددة إلى ثلاثة أضعاف بحلول عام 2030، إلا أنه في المقابل، عوضت هذه الاستثمارات استثمارات في الوقود الأحفوري بلغت نحو تريليون دولار، موضحا أن هذه الجهود للحد من انبعاثات غازات الدفيئة غير كافية على الإطلاق لتجنب الآثار البشرية والاقتصادية الخطيرة الناجمة عن تغير المناخ، والتي تؤثر بشكل غير متناسب على أفقر الناس في العالم.

كما حذر من تطور التهديدات البيولوجية، فضلا التقدم الكبير في الذكاء الاصطناعي التوليدي، قائلا إنه أدى التطور الواضح لروبوتات الدردشة المستندة إلى نماذج لغوية كبيرة، مثل ChatGPT، إلى دفع بعض الخبراء المحترمين إلى التعبير عن قلقهم بشأن المخاطر الوجودية الناشئة عن المزيد من التقدم السريع في هذا المجال، حيث يتمتع الذكاء الاصطناعي بإمكانات كبيرة لتضخيم المعلومات المضللة وإفساد بيئة المعلومات التي تعتمد عليها الديمقراطية.

وحذر من أنه قد تكون جهود التضليل المدعومة بالذكاء الاصطناعي عاملا يمنع العالم من التعامل بفعالية مع المخاطر النووية، والأوبئة، وتغير المناخ.

 

كيفية إرجاع عقارب الساعة إلى الوراء؟

 

ودعى المجلس في ختام بيانه إلى أنه يتعين على ثلاث من القوى الرائدة في العالم ــ الولايات المتحدة، والصين، وروسيا ــ أن تبدأ حواراً جاداً حول كل من التهديدات العالمية المذكورة، وعلى أعلى المستويات، يتعين على هذه البلدان الثلاثة أن تتحمل المسؤولية عن الخطر الوجودي الذي يواجهه العالم الآن.

قائلا: "لديهم القدرة على انتشال العالم من حافة الكارثة. وينبغي لهم أن يفعلوا ذلك بوضوح وشجاعة ودون تأخير."

 

Egypt Air