الإثنين 17 مارس 2025

ثقافة

أمثال شعبية (30 – 11)| «دخول الحمام مش زي خروجه»

  • 11-3-2025 | 10:07

أمثال شعبية

طباعة
  • بيمن خليل

تُعدّ الثقافة الشعبية من المداخل الأساسية لدراسة الشعوب، حيث تعكس الجوانب النفسية والعاطفية في حياة المجتمعات، وتعتبر الأمثال الشعبية أحد أبرز عناصر هذه الثقافة، إذ تمثل حجر الزاوية لفهم الشعوب.

والمثل هو حكمة تتجسد في كلمات مسجوعة أو غير مسجوعة، تنطوي على رمز يحمل نقدًا أو علاجًا لأحد جوانب الحياة المتنوعة. والحكمة في جوهرها قديمة، هي نتاج الروح وثمار تجربتها، تتشكل من نعم الحياة وابتلاءاتها، نادرًا ما تخلو أمة أو قبيلة من قول الحكمة في أمثال تتداولها، وقد تتجاوز هذه الأمثال حدودها إلى أمم أخرى، إذ إن النفوس البشرية، رغم اختلاف درجات تطورها، تشترك في العديد من جوانب الحياة، وقد تتسم هذه الحكمة بالرقي، لتصبح جزءًا من ثقافة الأمة ومعرفتها العميقة، ويعكس ذلك مستوى تطور الأمة ونضوجها.

خلال أيام شهر رمضان المبارك، نعرض معًا مجموعة من الأمثال الشعبية المصرية التي تناولت موضوعات حياتية يومية متنوعة.

واليوم نناقش الأمثال التي تدور حول "دخول الحمام مش زي خروجه"

يعود أصل المثل الشعبي الشهير "دخول الحمام مش زي خروجه" إلى عصر الدولة العثمانية، عندما كانت الحمامات العامة منتشرة وتلقى رواجًا كبيرًا.

قرر أحد الرجال العثمانيين افتتاح حمام تركي جديد بأسلوب مبتكر لجذب الزبائن، فوضع لافتة كبيرة على مدخل الحمام كُتب عليها: «دخول الحمام مجانًا»، اجتذبت العبارة انتباه الناس وتوافدوا بأعداد كبيرة للاستفادة من العرض.

لكن بمجرد دخول الزبائن إلى الحمام، كان الرجل يحتجز ملابسهم، وعندما ينتهون ويرغبون في الخروج، يرفض تسليم الملابس إلا بعد دفع تكلفة استخدام الحمام.

 

أثار الأمر دهشة الزبائن، خصوصًا مع تناقضه مع اللافتة التي تُعلن عن الدخول المجاني، وعندما واجهوه بما كتبه، رد عليهم صاحب الحمام قائلا: «دخول الحمام مش زي خروجه»، ومنذ ذلك الحين، انتشر هذا القول كمثل شعبي يُستخدم للتعبير عن المواقف التي تبدأ بسهولة أو بوعد معين، ولكنها تنتهي بتحديات أو نتائج غير متوقعة.

 الحكمة.. مرآة الثقافات 

تعتبر الحكمة عماد الثقافات الإنسانية، حيث تنقل القيم والتجارب عبر الأجيال، ربما كانت الأمة اليونانية من أبرز الأمم التي أبدعت في مجالات الحكمة، فكانت فلسفتها خالدة، معبرة عن تجليات الروح السامية وعمق الفكر الإنساني.

وعلى الصعيد العربي، ظهرت الحكمة قبل الإسلام كناتج طبيعي لحياة الصحراء وتأملات البدو في الكون، هذه الحكم أُلبست ثوبًا من الشعر العذب والنثر البليغ، فكانت بمثابة مرآة للبساطة والصدق الإنساني.

 

الحكمة في الإسلام وما بعدها

مع مجيء الإسلام، ارتقت الحكمة لتبلغ ذروتها، متجلية في القرآن الكريم، الذي قدم للناس قوانين دينهم ودنياهم، ازدهرت الحكمة مع الشعراء والكتّاب مثل المتنبي وأبو العلاء المعري، الذين لم يكتفوا بالجمال الأدبي، بل عبروا أيضًا عن فكر فلسفي عميق.

 

الحكمة في مصر.. فاكهة الشرق

انتقلت الحكمة العربية إلى شمال إفريقيا، وتألقت في مصر بفضل الحس الشعبي الذي أضفى عليها عذوبة وفكاهة، أصبحت الأمثال المصرية مرآة للواقع وجزءًا لا يتجزأ من التراث الشرقي، تشترك فيها مصر مع باقي الأمم العربية مع تميزها بروحها الخاصة.

الأمثال كـ"اللى اختشوا ماتوا" ليست مجرد كلمات، بل هي شهادة على تجارب إنسانية وحكم تظل خالدة، تُلهم الأجيال القادمة وتُثري الثقافة الإنسانية.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة