الجمعة 10 مايو 2024

قرارات محكمة العدل الدولية.. ماذا بعد؟

مقالات27-1-2024 | 18:05

لكي نقرأ المشهد بشكل صحيح.. وحتى نقطع الطريق على كل المزايدين.. يجب أن نقرأ المشهد بشكل صحيح وبلغة العقل بعيدًا عن العواطف، فما أكثر المواقف التي مرت علينا وضاعت بسبب تلك القراءة العاطفية؟!.

فعلى الرغم من أن أغلبية قضاة محكمة العدل الدولية جاؤوا من دول صديقة وحليفة لإسرائيل إلا أن صدور قرار بقبول طلب جنوب أفريقيا فيما يتعلق التدابير الاحترازية ورفض طلب إسرائيل رد الدعوى في القضية المرفوعة من جنوب أفريقيا.

يؤكد أن محكمة العدل الدولية تجاوبت مع الأهداف الإنسانية لمأساة الشعب الفلسطيني، وتجاوبت مع مطالب الشعوب التي دعت الى وقف المحرقة بحق الشعب الفلسطيني، وصدور قرار مستعجل باتخاذ تدابير فورية لمنع التدمير في قطاع غزة، واتخاذ جميع الإجراءات المنصوص عليها لمنع الإبادة الجماعية في غزة، وعلى إسرائيل أن ترفع تقريرًا للمحكمة بشان التدابير المؤقتة المفروضة خلال شهر!..

يشير إلى أنه قرار نادر ويعبر عن إجماع الضمير الأخلاقي والمهني لقضاة الدول الكبرى الذين صوتوا لصالح القرار، والذي يعبر عن النظر إلى الواقع الإنساني، وإشارة أخرى إلى أن إجماع القضاة يشير إلى مهنية واستقلالية وشجاعة القضاة في اتخاذ قرار لم يكن متوقعًا بقبوله من الجميع، حيث كان سقف التوقعات هو تصويت النصف زائد واحد لاتخاذ الإجراءات العاجلة والتدابير الاحترازية وفرض إجراءات طارئة بأن على إسرائيل إدخال المساعدات الإنسانية للمدنيين لقطاع غزة!..

لكن من يحلل بشكل أعمق سيلاحظ أن ما تم اتخاذه من قرارات ليست "إلزامية" وإنما جاءت استجابة لجزء من التدابير الاحترازية التي طالبت بها جنوب أفريقيا، وان اهم بند طالبت به جمهورية جنوب أفريقيا وهو وقف الأعمال العدائية أو العسكرية أو وقف إطلاق النار لم تقره المحكمة والتي أكدت عليه جمهورية جنوب أفريقيا مرارا وتكرارًا في مرافعتها أمام محكمة العدل الدولية..

كما إن خروج تصريح من قبل وزيرة خارجية جنوب أفريقيا "ناليذى بالزور" بأن على الشعب الفلسطيني أن لا يفقد الأمل وكان من المفترض أن يتم وقف إطلاق النار على غزة وأن جميع الأوامر التي خرجت لن تنجح دون وقف إطلاق النار على قطاع غزة، هذا التصريح إشارة إلى سقوط البند الرئيسي وهو وقف العدوان على غزة، وأن الإجراءات العاجلة التي خرجت فقط لمنع الأضرار بالمدنيين..

كما أن الأوامر صيغت بطريقة توافقية بحيث لا يتم رفضها من إجماع القضاة، نظرا لأنها إنسانية تمس الواقع المدني والحياتي في القطاع، ولم تشمل الطلب الرئيسي لجنوب أفريقيا المتعلق بالوقف الفوري للحرب، ولم يتم إدانة إسرائيل بالشكل المباشر، رغم مطالبة المحكمة بالشكل الفوري فيما يتعلق الإفراج عن المحتجزين لدى المقاومة الفلسطينية..

أيضا من يحلل بعمق يرى أنها أوامر ليست بنكهة أو صيغة الجزم أو الالتزام الفوري بل تم إعطاء فترة محددة بأن تقدم إسرائيل خلال شهر تقرير عن مدى قيامها بالإجراءات التي خرجت والتي أشارت إليها محكمة العدل الدولية على إسرائيل.

•• من وجهة نظري أن إسرائيل ستنفذ هذا القرار، ولكن بطريقة "التوائية" ربما عبر إعلانها عن "هدنة إنسانية" وهو ما تم تسريبه قبل عدة أيام، وبالتحديد أن قرار المحكمة العدل الدولية لم تخرج إيضاحات صريحة لوقف إطلاق النار على قطاع غزة، وهذا ما كان يقلق الاحتلال فيما يتعلق بصدور قرار صريح وواضح لوقف الحرب على القطاع، لذا إسرائيل ستستمر بحربها على القطاع..

لذلك من المتوقع أن يكون بين الحين والآخر هناك "هدنة إنسانية" ضمن مرحلية الهدن لتهرب من أي التزامات قانونية ستواجهها مستقبلًا، وبالتحديد أن الأوامر التي خرجت ستكون أولية لمحاكمة إسرائيل مستقبلًا، نظرا لأن القضية الأساسية التي قدمتها جنوب أفريقيا حول انتهاك إسرائيل اتفاقية منع الإبادة الجماعية ما زالت قائمة..

صحيح أنها ستأخذ سنوات إلى حين البت في تلك القضية القضائية إلا أن إسرائيل ستواجه مشاكل داخلية هي التي ستقسم وجودها وليس مضمار القانون الدولي، ولعل هذا هو المكسب الأهم والحقيقي لقرارات المحكمة التي أستكون مصدر صداع كبير لنتنياهو ووزرائه المتشددين الرافضين لأي خطوات نحو إنهاء الحرب..

وحتى وإن تجاهلت تل أبيب قرارات المحكمة سيكون من الصعب على الولايات المتحدة وبريطانيا فعل ذلك، لأن تجاهل الحكم سيقود إلى التساؤل عن الطريقة التي يحاسب بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كما تطالب الولايات المتحدة وحلفاءها على خلفية الحرب الأوكرانية.

 كما أن هناك مخاوف داخل الولايات المتحدة الأمريكية الداعم الأكبر لإسرائيل خاصة من جانب الديمقراطيين من كلفة سياسية قد تترتب على دعم الرئيس بايدن لإسرائيل إذا استمر الوضع على الأرض في غزة بهذا التصعيد، وهو ما أشارت إليه بعض التقارير التي تحدثت عن حث بايدن نتنياهو على إنهاء الحرب قبل الانتخابات الأميركية!

Dr.Radwa
Egypt Air