الجمعة 3 مايو 2024

مندوب فلسطين بالجامعة العربية: حكم «العدل الدولية» يعطي فرصة لاستعادة القانون الدولي

السفير مهند العكلوك

عرب وعالم28-1-2024 | 13:27

دار الهلال

أكد السفير مهند العكلوك المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى جامعة الدول العربية، أن حكم محكمة العدل الدولية أمس الأول ضد إسرائيل يعد حدثاً استثنائياً، تكمن أهميته في أنه يعطي فرصة جديدة لاستعادة القانون الدولي، وإنقاذ العدالة الدولية وآلياتها، داعيًا للاستفادة من هذا الأمر لتطوير الدفاع العربي عن الحق الفلسطيني، من خطاب يدعو ويناشد ويدين إلى إجراءات قانونية واقتصادية وسياسية ودبلوماسية. 

جاء ذلك في كلمة مندوب فلسطين أمام الدورة غير العادية لمجلس جامعة الدول العربية التي انطلقت اليوم /الأحد/ بالجامعة العربية؛ لبحث إصدار موقف عربي موحد من الأمر الذي أصدرته محكمة العدل الدولية أمس الأول بالتدابير المؤقتة التي على إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، تنفيذها والالتزام بها بموجب القضية التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل بتهمة فشل الأخيرة في الوفاء بالتزاماتها بمعاهدة منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948.

وقال السفير العكلوك إن الأمر الذي أصدرته محكمة العدل الدولية، قررت فيه أنها صاحبة ولاية قضائية واختصاص مبدئي، بالبت في قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها جمهورية جنوب إفريقيا ضد إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، وهذا يعني صراحة أن إسرائيل تحاكم اليوم بتهمة ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية والتحريض عليها، وقد كان ذلك جلياً واضحاً برفض المحكمة طلب إسرائيل إسقاط القضية، وبإقرار المحكمة بفداحة الخسائر البشرية الفلسطينية التي سببها العدوان الإسرائيلي، وبخطاب الإبادة الجماعية الذي أعلنه ومازال يعلنه قادة العدوان.

وأشار إلى أنه من جهة أخرى فقد أقرت المحكمة بأن الشعب الفلسطيني، هو حسب وصف اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية، مجموعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية، محمية بموجب الاتفاقية.

وأضاف "لقد أقرت محكمة العدل الدولية في حيثيات الأمر القضائي الاحترازي الذي أصدرته، بأن الإدعاءات التي أوردتها جمهورية جنوب إفريقيا في مرافعتها ضد إسرائيل، واتهامها لها بالإبادة الجماعية، إنما هي إدعاءات معقولة من وجهة نظر المحكمة، ومرتبطة باتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية، وما أمر المحكمة بإلزام إسرائيل بجملة من التدابير المؤقتة إلا إقرار ضمني من المحكمة أن هناك احتمالاً معقولاً لارتكاب إسرائيل جريمة الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني".

وتابع قائلا "إنه رغم أن أمر محكمة العدل الدولية لم يتضمن تدبيرا احترازيا ينص صراحة على وقف إطلاق النار، لكن ذلك كان متوفرا بشكل واضح، بل أساسي، ضمن التدابير المؤقتة الستة التي فرضتها محكمة العدل الدولية على إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال والفصل العنصري والإبادة الجماعية، حيث أمرت المحكمة إسرائيل بالوفاء بالتزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948، وأن تلتزم على نحو فوري وفعال، بمنع ارتكاب أعمال القتل ضد الفلسطينيين، أو التسبب بآذى جسدي أو عقلي لهم، أو فرض ظروف حياتية تهدف إلى تدميرهم جزئياً أو كلياً، أو فرض تدابير لمنع الولادات، ومنع جيش الاحتلال الإسرائيلي من ارتكاب أي من الأعمال المذكورة في الفقرة أعلاه، وكذلك منع ومعاقبة التحريض المباشر والعام على ارتكاب الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين".

وأشار إلى أن القرار أمر باتخاذ تدابير فورية لتمكين توفير الخدمات الأساسية والمعونة الإنسانية الضرورية لاحتياجات الأوضاع الصعبة في غزة، واتخاذ تدابير فعالة لمنع تدمير الأدلة ذات العلاقة بادعاءات ارتكاب أعمال الإبادة الجماعية، وضمان حماية الأدلة وتسليم تقرير للمحكمة عن كل التدابير التي تم اتخاذها لتفعيل أمر المحكمة خلال شهر من تاريخ إصداره.

وقال مندوب فلسطين بالجامعة العربية "لقد أثبتت إسرائيل، قوة الاحتلال والفصل العنصري والإبادة الجماعية، للمرة الألف أو يزيد، أنها لا تعي معنى العدالة الدولية، ولا تريد أن تفهم أو تتفهم القانون الدولي، لا نصاً ولا روحاً، بل ما زالت تعتقد أنها الطفل الذي أفسده الدلال على مدار 76 سنة، وأنه يحق لها أن تكون فوق كل القوانين والمحاكم الدولية والإقليمية، وأن ترتكب جريمة الإبادة الجماعية باسم كاذب ومضلل ومزور، وهو الدفاع عن النفس".

وأشار إلى أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، وصف قبول محكمة العدل الدولية مقاضاة إسرائيل بتهمة ارتكاب الإبادة الجماعية، بأنه "وصمة عار لن تمحى"، وعاد إلى وصف الإبادة الجماعية التي يقوم بها جيشه بأنها الحرب الأكثر عدالة، فهو يريد أن يذبح الأطفال والنساء ويهدم البيوت والمستشفيات والمدارس والمساجد والكنائس، ولا يريد أن يحاسبه أحد ظناً منه أنه فوق العدالة والقانون.

وأضاف السفير العكلوك "أما جيش الاحتلال الإسرائيلي، فقد كان رده على أمر محكمة العدل الدولية بوقف القتل والتدمير والإيذاء الجسدي والعقلي، مزيداً من القتل والتدمير، فبالأمس فقط ارتكبت إسرائيل 18 مجزرة جديدة ضد العائلات في قطاع غزة، راح ضحيتها 174 شهيدا و310 مصابين، ما رفع عدد الشهداء إلى 26257 شهيداً، وعدد المصابين إلى 64797 مصاباً، وأيضاً 70% منهم من الأطفال والنساء، وهذا هو الرد الإسرائيلي الأولي على أمر المحكمة".

وأكد أن الشعب الفلسطيني النازفة جراحه تحت وطأة الإبادة الجماعية الظاهرة في كل مترٍ مربع من الأرض الفلسطينية المحتلة في غزة والضفة والقدس، مازال يتطلع لمحكمة العدل الدولية لاستكمال قضية الإبادة الجماعية، وذلك أقل إنصاف للضحايا يمكن أن يتوقعه الشعب الفلسطيني من محكمة العدل الدولية، وآليات العدالة الدولية الأخرى.

وأضاف "نحن اليوم في مرحلة جديدة بعد أمر محكمة العدل الدولية، وهذه المرحلة تشكل فرصة لنا نحن الدول العربية كي نطور دفاعنا عن الحق العربي الفلسطيني، المنسجم مع القانون الدولي، من خطاب يدعو ويناشد ويدين إلى إجراءات قانونية واقتصادية وسياسية ودبلوماسية من شأنها أن تدافع عن القضية الفلسطينية وتحمي الشعب الفلسطيني بطريقة أكثر فعالية".

وتابع قائلا "بناءً على قرار دورتنا غير العادية السابقة على مستوى المندوبين الدائمين، والمستند إلى قرارات مجلس جامعة الدول العربية على مستويي القمة والوزاري، فقد تشكلت لجنة المندوبين الدائمين المؤقتة، واجتمعت يوم الأربعاء الماضي وتدارست مجموعة من الإجراءات التي يمكن أن تقوم بها الدول العربية، وستصدر تقريرها يوم بعد غد /الثلاثاء/، وتعممه على جميع الدول الأعضاء".

ولفت إلى قضية مهمة مرتبطة بالحرب الانتقامية التي تقوم بها إسرائيل ضد كل مكونات القضية الفلسطينية، وهي حملة التحريض الممنهجة التي تمارسها إسرائيل ضد وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، هذه الوكالة الأممية التي تعمل بموجب تفويض أممي متجدد (حيث تم تجديد التفويض بقرار من الجمعية العامة وبأغلبية 157 صوتوا لصالح القرار، وحتى 30 يونيو 2026)، والذي يتضمن التزامات واضحة تجاه اللاجئين الفلسطينيين في جميع الدول المضيفة لهم. 

وأوضح أن هذه الحملة الممنهجة ليست جديدة فلطالما سعت إسرائيل إلى تجفيف موارد الأونروا وإنهاء دورها وتفويضها، بغية القضاء على ما تمثله من قضية نحو 7 ملايين لاجئ فلسطيني، وعلى مدار أكثر من 110 أيام كانت الأونروا ومدارسها ومقراتها وموظفيها وكوادرها، جزءاً من الأهداف العسكرية الإسرائيلية، حيث استشهد ما يزيد على 152 شهيداً من موظفي الوكالة، وتم تدمير 65 مدرسة تابعة لها، وهي لا زالت تتعرض اليوم لحلقة جديدة من الاتهامات الجزافية دون تدقيق أو تحقيق، أدت مع كل أسف إلى اتخاذ بعض الدول المساهمة في الأونروا لاتخاذ إجراءات لوقف تمويلها.

وطالب الدول التي اتخذت تلك الإجراءات بإعادة النظر فيها والتراجع عنها، ومحاسبة إسرائيل أولاً على الجرائم التي ارتكبتها بحق الأونروا ومؤسساتها وكوادرها في غزة، وثم التدقيق بالاتهامات الإسرائيلية وأهدافها وجذورها.

واختتم السفير مهند العكلوك المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى جامعة الدول العربية، كلمته، بتحذير كل الدول والجهات المتواطئة مع العدوان الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني أو الداعمة له، سواء من خلال تقديم أو تصدير السلاح، أو من خلال السماح لمواطنيها وحملة جنسيتها بالمشاركة في جرائم جيش الاحتلال الإسرائيلي، أو من خلال دعم العدوان الإسرائيلي في مجلس الأمن، أو من خلال التواطؤ مع جريمة التهجير القسري، بأن هذه الدول والجهات ستكون شريكة في الجرائم الإسرائيلية، ومسؤولة عن أعمالها وانتهاكاتها أمام محكمة العدل الدولية وجميع آليات العدالة الدولية والوطنية في المستقبل.

Dr.Randa
Dr.Radwa