أكد مدير مكتبة الإسكندرية ورئيس لجنة مكافحة التطرف والإرهاب بالمجلس الأعلى للثقافة الدكتور أحمد زايد، أن الكثيرين يوجهون الاتهامات للطبقة الفقيرة في مصر بأنها مصدر الإرهاب، وهو تفكير خاطئ لأن المتتبع لتاريخ الطبقة الوسطى وتفاعلاتها يدرك أنها أول من رعت الأفكار المتطرفة التي تحولت فيما بعد إلى إرهاب، وهي القنبلة الموقوتة التي تهدد البلاد.
جاء ذلك خلال مشاركته في ندوة "اتجاهات التطرف والإرهاب في الشرق الأوسط"، والتي نظمها المركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية ضمن فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب في نسخته 55، بحضور الدكتور خالد عكاشة؛ مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، والدكتور جمال عبد الجواد؛ عضو اللجنة الاستشارية ومدير برنامج السياسات العامة بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، والدكتورة عزة فتحي، أستاذ مناهج علم الاجتماع بجامعة عين شمس، وأدارها الدكتور محمد الباز رئيس مجلسي الإدارة والتحرير بجريدة الدستور.
وأشار زايد إلى أن موضوع التطرف والإرهاب من الموضوعات الشائكة ويحتاج بحث أسبابها إلى دراسة عدة جوانب، منها المدخل الجغرافي؛ حيث ترتكز الحركات الإرهابية في منطقة الشرق الأوسط، والمدخل الثاني هو وضع تعريف واضح لهذه الظاهرة إذ ما يزال ملتبسًا، فالبعض ينظر إلى الجماعات الإرهابية على أنها حركات تحررية أو سياسية.
وأوضح زايد أن هناك ثلاث أنماط من الإرهاب؛ المستوى الأول هو التطرف في كل شئ، وقد لا ينتج هذا النوع أي شكل من الإرهاب الفعلي، ولكنه عبارة عن عنف مخزون بدرجات معينة وتشتد عندما يرافقها عوامل محفزة، وهو النمط الأكثر انتشارًا في المنطقة العربية.
وأضاف أن النمط الثاني يخلق شكلا من الإرهاب الصامت، وهو "الوصاية" التي يمارسها المجتمع ككل على بعضه البعض، وكأن المجتمع عبارة عن رقاب تقف فوق بعضها البعض بشكل أفقي كل جماعة تمارس على غيرها الوصاية، التي تتخذ شكل التنمر وغيرها من أشكال الوصاية.
وتابع زايد ": أما النمط الثالث هو الإرهاب المنظم الذي تشهده منطقة الشرق الأوسط، والذي في الغالب قام على أفكار دينية متطرفة، وتبلورت حول أفكار إسلامية فيها قدر من التشدد، مشيرًا إلى أن كل واحد من هذه الأنماط له تحدياته وسبل التعامل معها.
واختتم زايد حديثه بالتأكيد على أهمية التعليم، كما شدد على أهمية الفنون، حيث تجد أن هناك أطباء ومهندسين لكنهم يحملون أفكارا متطرفة، مضيفًا "بالطبع الطبقة الأولى في العقل البشري هو التعليم ولكن لابد أن يبنى عليها طبقات أخرى من الفلسفة والفن، لكي يكون العقل نافدًا وخلاقا وتعدديا، وهي العقول التي تبني العالم".
ومن جانبه، قال الدكتور خالد عكاشة؛ إن كثير من المتخصصين يرون أن المجتمع المصري هو الذي أنتج الإرهاب في فترة من تاريخه، ولكن المؤكد أنها دفعت أثمانا غالية للانتصار على هذا الإرهاب، مشيرًا إلى أن موجة الإرهاب التي بدأت 2011 هي أخطر الموجات التي يشهدها العالم لكونها الأعنف ولها ارتباط كبير بالأفكار السياسية، ومازالت تبعاتها مستمرة حتى الأن.
من جانبها؛ أكدت الدكتورة عزة فتحي أن الإرهاب لن ينتهي لأنه خلايا عنقودية تتجدد طوال الوقت، كما أنهم يعملون تحت الأرض وفوقها، غير أنه يتخذ أشكالًا جديدة، محذرة من أن يُستغل حماس الشباب وخاصة في ظل أزمة غزة، لتوجيه حالة الغضب إلى الدولة المصرية.
فيما اتفق الدكتور جمال عبد الجواد؛ أن خطر الإرهاب مازال قائما، وإن الدولة الدولة المصرية نجحت في أنها تهزم الموجة الأحدث منه واستطاعت أن تأخذ وقتًا مستقطعًا، ولكن لابد أن تتنبه حتى لا يعود مرة أخرى، مضيفًا أنه السبب الرئيسي لتعطل بناء الدولة الوطنية الحديثة.