الجمعة 3 مايو 2024

تقرير: السياسة النقدية في إسرائيل تواجه أزمة حقيقية

بنك إسرائيل

عرب وعالم2-2-2024 | 16:15

دار الهلال

أفاد تقرير لصحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية اليوم الجمعة أن الاقتصاد الإسرائيلي قد وصل في نهاية عام 2023 إلى مفترق طرق حاسم يستوجب من بنك إسرائيل التفكير العميق قبل اتخاذ أي قرار. 

واضف التقرير أن بيئة معدلات الفائدة المرتفعة وتداعيات الحرب في غزة جعلت الوضع الاقتصادي يتجه نحو اختبار حقيقي، يتوجب على بنك إسرائيل الآن أن يحدد استراتيجيته، سواء بخفض معدلات الفائدة لإنعاش الاقتصاد الإسرائيلي، أو بالتفكير في تجنب مثل هذه الخطوة نظرًا للبيئة العالمية المرتفعة لأسعار الفائدة. 

وأضاف التقرير أنه بعد ارتفاع ملحوظ في معدلات التضخم على مستوى العالم، لم تبقَ للبنوك المركزية سوى خيار رفع أسعار الفائدة، وذلك بوتيرة متسارعة. بعد نحو عقد من سياسات الفائدة الصفرية في معظم دول العالم، بدأت زيادات في أسعار الفائدة في فبراير 2023، حين رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة للمرة الأولى. وقد جاء هذا القرار كإشارة افتتاحية لسلسلة من زيادات أسعار الفائدة، والتي تعدّ الأسرع على الإطلاق في تاريخ الولايات المتحدة.

ووفقا للتقرير فإن حال سوق العمل بإسرائيل يقف في مواجهة تحدٍّ جديد، حيث تختلف الديناميات هذه المرة عن المألوف. وعادةً ما تترافق بيئة أسعار الفائدة المرتفعة مع زيادة كبيرة في معدلات البطالة نتيجة لتسريح العمال. ورغم وجود موجات كبيرة من التسريح عند نهاية عام 2022 وبداية عام 2023، فإن معدلات البطالة لم تصل إلى المستويات المتوقعة من قبل البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم، وظلت في تراجع مستمر.

وأشار التقرير أيضا إلى أنه في الوقت الحالي، تباطأت معدلات البطالة في إسرائيل ومنطقة اليورو والولايات المتحدة، ووصلت إلى مستويات أقل من المتوسط التاريخي، وهو ما يشكل تحديًا إضافيًا لجهود البنوك المركزية في خفض معدلات التضخم.

ووفقا للتقرير ففي الأشهر الأخيرة، استمرت النقاشات حول تأثير نفقات الحرب على الاقتصاد الإسرائيلي في التصاعد، حيث يقول البعض إن البلاد تسير على طريق الكارثة. يثير هذا السؤال حول ما إذا كان ينبغي لبنك إسرائيل التصرف بخفض أسعار الفائدة لتخفيف الوضع، ولكن الواقع أكثر تعقيدًا مما يبدو.

وأضاف التقرير يوجد سببان رئيسيان يمنعان بنك إسرائيل من خفض سعر الفائدة كما توقع الكثيرون فور اندلاع الحرب على غزة. أولاً، يجب النظر إلى الاقتصاد الأمريكي، الذي يشهد حاليًا نقطة رائعة؛ إذ يتراوح سعر الفائدة الفيدرالي (البنك المركزي للولايات المتحدة الأمريكية) بين 5.25% و 5.5%، ولكن البيانات الاقتصادية تشير إلى اقتصاد أمريكي قوي ومستقر، وتقرر ترك سعر الفائدة دون تغيير على الأقل حتى شهر مارس. ومع ذلك، فإن الرئيس الحالي لبنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أكد أنه من غير المرجح خفض أسعار الفائدة في مارس، نظرًا للبيانات الاقتصادية القوية وانخفاض معدل البطالة. هذا يجعل بنك الاحتياطي الفيدرالي يخشى من خفض أسعار الفائدة بسرعة كبيرة، مما قد يؤدي إلى زيادة التضخم مرة أخرى، لذا ينبغي على المستثمرين الصبر ومواصلة مراقبة التطورات بحذر.

وأردف التقرير أنه في الوضع الحالي، ومع عدم خفض بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة، فإن بنك إسرائيل (الذي خفض بالفعل أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس) سيجد نفسه في موقف حساس قبل اتخاذ أي خطوة إضافية في هذا الصدد؛ فتخفيض أسعار الفائدة من جانب بنك إسرائيل قد يؤدي إلى انخفاض عائدات السندات الحكومية، مما يمكن أن يؤثر سلبًا على الاقتصاد الإسرائيلي وقيمة الشيكل. بالإضافة إلى ذلك، فإن تخفيض أسعار الفائدة من جديد قد يؤدي إلى خروج كميات كبيرة من الأموال من البلاد، حيث قد تصبح سندات الدول الأخرى أكثر جاذبية، مما يمكن أن يضعف بنك إسرائيل بشكل كبير مقارنةً بالعملات الأخرى في سوق الصرف الأجنبي.

وخلص التقرير إلى أن حالة الاقتصاد الإسرائيلي ليست سيئة كما يعتقد العديد من الأشخاص. على الرغم من عدم قدرة بنك إسرائيل حتى الآن على التصدي بشكل كبير للتضخم وخفضه، إلا أننا نرى تزايدًا في عدد المنتجات التي تواجه زيادات في أسعارها في سلة التسوق. وعلى الرغم من بيئة أسعار الفائدة المرتفعة، فإن معدل البطالة لا يزال يشهد زيادة، وهو ما يؤثر على الناتج المحلي الإجمالي في إسرائيل ويعكس قوة الاقتصاد الإسرائيلي.

وهنا نصل إلى السبب الثاني الذي يجعل بنك إسرائيل يخشى خفض أسعار الفائدة: الأرقام الحالية للاقتصاد الإسرائيلي تثير المخاوف بشأن التضخم المفرط، وهو عملية تضخمية تخرج عن نطاق السيطرة وتتجلى في ارتفاع سريع في أسعار السلع والخدمات؛ فيُعتبر التضخم المفرط خطرًا حقيقيًا يؤدي إلى خسارة قيمة النقود، كما حدث في إسرائيل خلال الفترة بين عامي 1980 و 1985، حيث بلغ معدل التضخم أكثر من 900٪. قد يؤدي خفض أسعار الفائدة بسرعة كبيرة إلى زيادة التضخم وتصاعده إلى مستويات متطرفة، وهو ما يشكل أحد أكبر المخاوف التي تواجهها البنوك المركزية.

Dr.Randa
Dr.Radwa