فى ستة أشهر فقط استطاعت الروائية سهير المصادفة، رئيس الإدارة المركزية للنشر بالهيئة المصرية العامة للكتاب، أن تحدث وتخلق أداء جديد للنشر العام فى الهيئة، أساسه الانتظام، والالتزام، وتبعه تحمس الموظفين ومعاونتهم بعد أن لمسوا ثمار التجديد والتطوير، فصدر عن الهيئة الكثير من العناوين –لكبار المبدعين، والشباب- التى أشاد بها الأدباء والمثقفون والقراء، وأصبحت حديث مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعى هذه الأيام، وخاصة أثناء وبعد معرض الكتاب..منها "فساد الأمكنة" للكاتب والروائى الراحل صبرى موسى، و"عصير الكتب" للأديب علاء الديب، و"البغدادية"للقاص الكبير سعيد الكفراوى، و"آفاق إنسانية عند نجيب محفوظ" للدكتور حسن يوسف طه، وغيرها الكثير.
وترجع "المصادفة" قدرتها فى تحقيق تلك المعادلة، إلى الانتظام، ومعاونة الموظفين، للوصول إلى ثمار التطوير، وتحقيق رسالة الهيئة المصرية العامة للكتاب، وهى كما تراها خدمة القارئ المصرى والعربى واحترامه بتقديم كتاب متفق على جودته على مستوى المضمون والشكل بسعر فى متناول يده، كتاب "متعوب" على تحريره وإخراجه، ليساهم فى الارتقاء بوعى الجماهير المعرفى والثقافى والعلمى والدينى والسياسى والإبداعى.
تعود سهير المصادفة فى حديثها لـ"الهلال اليوم"، إلى البدايات..إلى حلم تطوير النشر بالهيئة المصرية العامة لكتاب، والنهوض به، فتقول "انطلقت من حلم أن يعود النشر العام فى هيئة الكتاب لسابق مجده، كأكبر وأهم ناشر فى مصر والعالم العربى، فهيئة الكتاب تمتلك أصولًا ثابتة للطباعة والنشر تؤهلها للقيام بدور تثقيفى وتنويرى غير مسبوق، فهى تمتلك المطابع ولديها عمال مطابع يمتلكون سنوات طويلة من الخبرة، ولديها موظفون يحتاجون فقط إلى المزيد من الدورات التدريبية ليستطيعوا مواكبة التطور المذهل فى مجال نشر الكتاب الورقى والإلكترونى".
وتشرح "المصادفة"، آليات تنفيذ حلمها على أرض الواقع..وكيف بدأت فى تحقيق ما ترجوه لهيئة الكتاب، "كانت أحجار بناء خطتى لتطوير النشر ثقيلة ومتعددة، شملت تعديل الهيكل الوظيفى، ورقمنة الدورة المستندية للكتب والأوراق، والتخلص من بعض دورات الكتاب البطيئة فى الإدارة المركزية للنشر مثل دورة "فحص الكتاب" التى كانت تستغرق سنوات فى بعض الأحيان، الآن لم يتبق فى هذه القائمة سوى عشرين كتابًا فقط لا غير تنتظر الفحص من كل الكتب المقدمة إلى الهيئة منذ سنوات وحتى يومنا هذا، حيث أصبح أقصى حد لفحص الكتاب شهر واحد فقط لا غير".
وتضيف فيما يخص دورة تصحيح الكتب:"استعنت بالتصحيح الإلكترونى بعد توزيع خريطة تحريرية لشكل كتاب الهيئة الجديد أو ما يُسمى بـ ""stylebook، ومثل الإصرار على وجود إدارة لتحرير الكتب وليس فقط تصحيحها، ومثل التغيير الكلى لشكل أغلفة الهيئة التى كانت باهتة وتصدر دون مراجعة دقيقة أو اهتمام، وتم ذلك بالاستعانة بشباب مصممى الجرافيك المتحمسين معى لتطوير كتاب الهيئة، ومن خلال وحدة جرافيك، مع الأسف ما زلت أتحمل بنفسى عبء الاهتمام بتفاصيلها كاملة، حتى ينتهى شباب الهيئة من حضور كل الدورات التدريبية فى الجرافيك والتصميم التى طلبت توفيرها لهم.
تشير صاحبة "لعنة ميت رهينة"، إلى معرفتها بأدق التفاصيل الخاصة بالنشر فى الهيئة، والتواصل مع كافة دور النشر العربية والعالمية، وتتابع "كنت أعرف مناطق الضعف فى رحلة الكتاب فى هيئة الكتاب، وعند أى المحطات يتعطل حتى يكاد يلفظ أنفاسه انتظارًا، كما أننى أيضًا انطلقت من إلمامى بالمنجز المهم لدور النشر الخاصة المصرية والعربية الكبرى وتواصلى مع دور النشر العالمية طوال شغلى منصب مدير عام مركز تنمية الكتاب؛ حيث اعتبرت دائمًا أن العلاقة مع كل دور النشر من المفترض أن تكون علاقة تكاملية وليست نفيًا لآخر، كما أنها تشمل المنافسة الشريفة لتحقيق الأفضل للقارئ، ولذلك كله كان من السهل تحقيق إنجاز كمى بتثبيت آليات جديدة تحافظ على الجودة، وكذلك بالمثابرة على العمل يوميًّا منذ الصباح الباكر".
أما على مستوى الكيف من اختيار وانتقاء العناوين الصادرة عن الهيئة، تعتبر "المصادفة"، أن التحديات كثيرة، وتقول :"لا أضع نصب عينى إلا ما يضيف للقارئ ــ صاحب الحق الأوَّل ــ وبالتالى يضيف للمكتبة العربية، سأجد بعض الاعتراضات بالتأكيد ممَّن اعتادوا نشر ما لا يستحق النشر بسهولة عن طريق العلاقات أو المحسوبية أو حتى الابتزاز، ولكن فى النهاية لن يصح إلا الصحيح، والصحيح أن الهيئة كما أحلم لها من المفترض أن تكون مدرسة فى النشر، أى أنها تنشر الجيد الذى يدفع القارئ ثمنه مقدمًا من ضرائبه، وكذلك تأخذ بيد المبتدئين نحو نشر كتبهم بشكل لائق وصحيح يجعلهم لا يندمون عند نهاية مشوارهم الأدبى على نشر كتابهم الأول بالكثير من الأخطاء الموضوعية والشكلية".
وتختتم قائلة:"ما زلت أسعى إلى المزيد، وما زلت أعمل كل يوم لكى يصل كتاب الهيئة إلى مرحلة أن يشتريه القارئ دون قراءة عنوانه، لأنه يثق فى جودته، وهذا حق القارئ بالفعل على الهيئة التى هى ملك للشعب المصرى".