السبت 11 مايو 2024

حجاج التظاهرة والظاهرة بحث تجليات الظاهرة الثقافية الجديدة في مرآة معرض القاهرة الدولي للكتاب

خالد جودة أحمد

ثقافة5-2-2024 | 10:45

خالد جودة أحمد
  • الظواهر والاتجاهات الأدبية لا تتأسس فقط طلبا لإشباع الحاجات الجمالية، وإنما تنبعث بداية تعبيرا عن تحولات الواقع الاجتماعي الذى يتسم بالتغيرات المتتابعة في الفكر والاتصال
  • تعاونت بعض دور النشر الخاصة فى سبيل إصدار مطبوعات للعديد من الجماعات الأدبية الجديدة كتدعيم من هذه الدور لتلك المجموعات
  • الشباب لهم تجمعاتهم الثقافية الأثيرة عبر الفضاء الأزرق وعبر الواقع بالحضور اللافت والمكثف بتجمعاتهم الثقافية بعامة، ومعرض القاهرة للكتاب بخاصة
  • لا شك أن هناك وجوبا وضرورة ملحة للفرز وتشجيع حركة نقدية تواكب أدب الشباب وتصوب مسيرته وتعمق توجهاته البناءة والممتعة

 

 

تأسس معرض القاهرة الدولي للكتاب سنة 1969 ليصبح من حينها علامة ثقافية مصرية صميمة كبرى، ويحصد مكانة دولية مهمة، وقد تزايد عدد زواره بالملايين عبر دورات انعقاده، كما تعاظم تأثيره في الحياتين الثقافية والاجتماعية بشكل لافت منذ تسعينيات القرن العشرين، فمن الملاحظات المؤكدة شدة إقبال الشباب على ارتياده، ومعاينة البصائر سطوع مجموعة من الظواهر الثقافية المنتيمة في جوهرها والفاعل الرئيس فيها الشباب في الحياة الثقافية بعامة وفي معرض الكتاب بخاصة، مما يطرح السؤال حول تعاطي المعرض مع الظواهرالثقافية الجديدة؟، وهل يدفع لتطويرها ونمائها؟، وهل هو في ذاته مؤججا لتلك الظواهر، ومؤثرا فيها، وباعثا عنها؟.

نشير بداية إلى مفهوم "الاتجاه"، والذى تناولته دراسات متعددة نفسية وفكرية وتربوية بمعانيه المتعددة، فهو في تقدير الباحثين: “كثير التداول في الحياتين العامة والخاصة، إذ يعطي معنى ماديا عندما يشير إلى خط سير المادة أو الجسم، ويعطي معنى اعتبارياً عندما يرتبط بالرأي الذي يكونه الفرد نحو موضوع معين، ويصبغ سلوكه في مواقف الحياة المختلفة”، وبالنسبة للمجال الأدبي يرى البعض: “أن دراسة الإتجاهات الأدبية هو معرفة وجهة وسير المواضيع الأدبية الثقافية والفكرية، والفنية المختلفة”

ويلازم مفهوم الاتجاه مفهوم “الظاهرة” والتي تشكل طفولة الاتجاه والمرحلة الأولى لسطوعه، و"الظاهرة" تعنى واقعة متكررة بنفس الأسلوب وبنفس الشكل بحيث تمثل أمرا لافتا للنظر، مستحقا للتأمل والدرس لاستكناه بواعثه، وتأثيراته الآنية والمستقبلية، والظاهرة بطبيعة الحال إما أن تكون ايجابية أوسلبية، وقد تحفر مجراها في الواقع لتؤسس بالتدريج إتجاها عاما يمكن تحديد ملامحه والوقوف علي أهم خصائصه، ومن ناحية أخرى قد تخفت الظاهرة قبل أن تشكل اتجاها مستقرا، أنموذجًا “كتب المدونات” والتي حققت لأول مرة الانتقال من الكاتب المدون إلى المدون الكاتب، والأول كاتبا متحققا يضيف منصة إلكترونية لنشر أفكاره ومنجزه الأدبي، بينما الكتاب الشباب أسسوا مدونات للبوح، والعزف علي وتر المشكلات الاجتماعية من خلال الكتابة اليومية والعنصر السيرذاتي بسمت فكاهي ساخر، ولاقت تلك المدونات نجاحا كبيرا وتحول بعضها لكتب ورقية حصدت ثلاثة منها المراكز الأولى في قائمة الكتب الأكثر مبيعا بمعرض القاهرة الدولي للكتاب 2008، وأصبحت ظاهرة لافتة حيث صدر بعدها سيل منها، لكنها سرعان ما خفتت تلك الظاهرة، ولم تؤسس اتجاها أدبيا مستقرا.

بينما سطعت ظاهرة أخرى -وما زالت- منذ أكثر من ثلاثة عقود، وأصبحت أكثر تجذرا ووضوحا خاصة في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الأخيرة، وتعد أنموذجا لتعدد وجوه الظاهرة الثقافية، وتكافل مكوناتها المتعددة، وهي ظاهرة الكتب الإبداعية المجمعة والتي يكتبها مجموعة من الشباب، للتغلب علي ارتفاع تكاليف النشر، وعسر التوزيع، وغالبا ما تتأسس تلك الإصدارات عبر مسابقات تعقدها دور النشر والجماعات الثقافية الأهلية والمجموعات الافتراضية، ويتم الترويج لها إلكترونيا، وتحكيمها عبر تقييمات القراء والنقاد بأسلوب التعليقات والرسائل عبر الإنترنت وصفحات التواصل الاجتماعي، وأكدت الظاهرة وجودها  في معارض الكتب عاما بعد عام، وأصبحت شائعة برعاية مؤسسات النشر التي تعتمد غالبا خطا ثابتا لنشر المضامين التى تجد رواجا هائلا بالمعارض لدي القراء الشباب.

تلك النماذج تشير نحو ما أكده باحثون أن الظواهر والاتجاهات الأدبية لا تتأسس فقط طلبا لإشباع الحاجات الجمالية، وإنما تنبعث بداية تعبيرا عن تحولات الواقع الاجتماعي، ولأن هذا الواقع يتسم بالتغيرات المتلاحقة والثورات المتتابعة في الفكر والإتصال والتكنولوجيا بعامة، بصورة طالت جميع ثوابت الحياة الثقافية، لذلك نجد أن تلك الظواهر قد تبلورت بفكر وفعل أدبائها وضعا مغايرا في التأسيس والتلقي وتقنيات الإبداع والتواصل الثقافي بصفة عامة.

 والملاحظ  أن الحياة الثقافية منذ تسعينيات القرن العشرين بدأت في الحراك والصعود لمؤشراتها المختلفة، فمن دور نشر جديدة كثر -ساهم في معرض القاهرة للكتاب في نسخته ال54 سنة 2023 أكثر من ألف ناشر من 52 دولة- وجماعات أدبية، ومؤسسات ثقافية عامة وأهلية تمارس أنشطة ثقافية، وكتابات أدبية لها سماتها الخاصة، وزيادة في نسبة المقروئية، والإقبال علي حفلات التوقيع للكتب الجديدة -تعد ملمحا رئسا في معرض القاهرة للكتاب في دوراته الأخيرة- وطغيان شبكات التواصل الاجتماعي،التي تمثل إعلاما جديدا، وتدفقا عبرها للكتابات اليومية والأخبار ومقاطع الفيديو ... إلخ، واستحواذها علي اهتمام الكثيرين من المثقفين والكتاب، تلك الظواهر التى لا يمكن التنكر له، بحيث يبدو اليوم المشهد الثقافى  متلاطم الأمواج، خاصة مع نشأة واقعات يرى فيها جيل الأدباء الجديد أن من حقهم التعبير عن لحظتهم الراهنة، وأنهم أصدق تمثيلًا لواقعهم، بل ذهب بعضهم بعيدا بنفى النقد الأدبي والقول بموت الناقد من الساحة الإلكترونية الجديدة باعتبار أن الناقد كان وسيطا بين النص والمتلقى، وأن هذا ليس لازما اليوم فالمتلقى يصنع النص الإبداعى اليوم مع مبدعه سواء بسواء، خاصة مع الطفرة التكنولوجية، ويسر التواصل عبر الشبكة العنكبوتية بطبيعتها التفاعلية، فقارئ اليوم مختلف، والجيل الجديد يراهن على هذا القارئ فى المقام الأول، وهناك مقولة شائعة أن الوسيط الإلكتروني جعل المبدع ناشرا والقارئ ناقدا.

أنموذج لدور القراء الجديد في التأشير للإصدارت الجديدة، فكرة تعاطي الشباب علي الإنترنت ومعرض الكتاب، من خلال منشورات إسداء النصائح قبل الذهاب للمعرض، ومنها البحث عبر الإنترنت عن دور النشر ومعلومات الكتب، وتصفح فهارس الكتب ورقيًا وإلكترونيا، وتحديد الميزانية، والأهم قوائم الكتب المرشحة، وتفضيلات مجموعات القراءة وعروض الكتب -القارئ الشاب موجها وفاعلا- والتحذير من الدعاية الكذوب والاعتداد بأهل الثقة من أصحاب الذائقة الثقافية الراقية، ومنها نصائح طريفة حول التخلص من محبة تكديس الكتب دون قرائتها بالحرص علي إقتناء الكتب مخفضة السعر دائما، ونصيحة أخرى حول ضرورة التحدث والكتابة عن تجربة ارتياد المعرض.

تلك التوجهات الجديدة تشير لعالم يتجدد بسرعة لاهثة، حيث التغير أصبح هو السمة الملازمة لظواهر العصر جميعها، والحراك الثقافى رغم تنوع وجهات النظر إليه، وتقييم مسيرتة، لكن لا يمكن إلا الالتفات إليه ورؤية جوانب إيجابية وأخرى ذات شوائب تحتاج إلى جهود لتنقيتها، وهذا التحريك الجديد جاء نتيجة متغيرات متعددة فى وسائط الأدب، وأيضا نتيجة تغيرات عالمية وإقليمية ومحلية، وواقع ملتهب بمشكلاته، وشباب يبحث عن ذاته، ويصوغ كتاباته الجديدة، وموضوعاته المفضلة.

وإذا كانت صلة الظاهرة الثقافية الجديدة في القسم الأكبر منها يرتبط بأداء الكتاب الشباب عبر الوسيط الأهم "الإنترنت"، وتعبيرا عن أوضاع مجتمعنا المصرى، وما أحدثه من أثر فى الكتابة، فإن ملاحظة أساسية أخرى تشير نحو أنها ظواهر متصلة ببعضها البعض ومتلازمة وتفتح مشارب متعددة مشتركة بينها جميعا، وخير تمثيل لها "نظرية الأواني المستطرقة"، فالأدباء الشباب هم أنفسهم المدونون وناشطو الفيسبوك، وهم أعضاء الجماعات الأدبية الجديدة، وبعضهم أسس دور للنشر.

تستقطب كتابات الشباب بنسق معين في الكتابة، وبعض تلك الدور أصبحت تركز على الكتابة الساخرة الجديدة المستمدة بعضها من القاموس اللغوى للشارع، يتحدث الكاتب أسامه أنور عكاشة عن تلازم الظواهر الثقافية والاجتماعية فى مقاله المعنون (الأوانى المستطرقة): “لا أعرف لماذا ألحت علي ذاكرتي في الآونة الأخيرة نظرية بعينها هي نظرية الأواني المستطرقة.. وهي باختصار تقول إن ارتفاع السائل في آنية متوازية متصلة بعضها ببعض ومختلفة في سعتها وشكلها، لابد أن يكون متساويا .. وهذا القانون لا يسري فقط علي موضوع رفع السوائل، بل هو في زعمي يفسر الكثير من الظواهر الثقافية والاقتصادية التي نلمسها حولنا.. فأنا من المؤمنين بترابط الظواهر”

فالكاتب الشاب يؤسس صفحاته عبر الوسيط الإلكتروني، أو العكس نشطاء علي الإنترنت خرجوا من العباءة الافتراضية للاشتراك في جماعات ثقافية واقعية، كما اتسع مجال تأسيس المكتبات الجديدة ودور النشر الخاصة والتى صاغت لنفسها آليات جديدة للنشر وجدت إقبالا لنشر كتب تجرى حفلات توقيعها فى المراكز الثقافية الأهلية والمكتبات الجديدة، ومعرض القاهرة الدولي للكتاب أيضا وبصورة موسعة.

كما تعاونت بعض دور النشر الخاصة فى سبيل إصدار مطبوعات للعديد من الجماعات الأدبية الجديدة كتدعيم من هذه الدور لتلك المجموعات. وصدرت كتابات بسمات خاصة من حيث اللغة المستخدمة، والتركيز على اليومى المعيش، والفضفضة والتعاطف مع المساكين، ورؤية ساخرة واقعية لمشكلات المجتمع، والميل لكتابات التخويف وأدب الألغاز والخيال العلمي والفانتازيا، وهى سمات يرصدها القراء والمهتمين عبر قاعات المعرض والمكتبات. 

وهكذا تستمر التنويعات بلا توقف بحيث يمكن لنا بيسر أن نجد صلات متعددة وقواسم مشتركة للظواهر الثقافية جميعا، بحيث يمكن أن يقال أنها ظاهرة ثقافية واحدة لها وجوه كثر.

وفي تقديري أن معرض الكتاب مشكاة للظاهرة الثقافية الجديدة، كاشفا عنها، وملخصا لها، فهي أظهر ما تكون في رحابه، كما يساهم في سطوعها وتأكيد تجلياتها المتعددة واستقرارها عاما بعد عام، بحيث أصبح المعرض عنوانا لها والتجمع الرئيس للفاعلين فيها من فئة الشباب خاصة.

وبداية من مطلع الألفية وجد الشباب من يدفع عنه تهمة عزوفه عن الكتاب، أنموذجا الكاتب “نبيل أباظة” في تحليل ما أطلق عليه “الخلل الثقافي الخطير” قائلا: “يعد معرض القاهرة الدولي للكتاب فرصة مهمة للالتقاء مع عدد كبير من المثقفين والناشرين المصريين والعرب ومناقشة هموم الثقافة ومشاكل الكتاب، وكم شهدت المعارض الكثير من المناقشات عن اختلال هذه النسبة بين عدد السكان وعدد النسخ المطبوعة من الكتاب”، ويحلل أسباب المشكلة أنها ليست في عزوف الشباب عن القراءة، أو لأن موضوعات الكتب غير جاذبة تغري الشباب علي الشراء “بدليل هذا الكم الهائل من الكتب التى بيعت خلال أيام المعرض”، ويشير للسبب الحقيقي هو عدم وصول الكتاب إلى أيدي القراء الحقيقيين في كل مكان على أرض مصر، ويؤكد انتعاش الكتاب لدرجة كبيرة، ومضاعفة الإقبال على الشراء والقراءة بصورة لافتة في المعرض، حيث الإعلانات المكثفة، وكذا التخفيضات والعروض علي أسعار الكتب.

والشباب هم محور ارتكاز الظاهرة الثقافية الجديدة قولا واحدا، مما يستلزم تأمل مفهوم “الجيل الأدبي”، ويشير الناقد د. غالي شكري نحو مفهوم: “أن الجيل يعبر عن تجربة ورؤيا في الأساس، شرطا أن تكون هذه التجربة تجربة رئيسة كالثورة والهزيمة والحرب، وأن تكون الرؤيا محورية كالرفض والانتماء”، مما يعنى نفي ارتباط الجيل الثقافي بعقد من السنوات، حيث الرؤي ترتبط بمواضعات اجتماعية، وقضايا سياسية، وفضاءات ثقافية أنتجتها مرحلة بعينها وبما تحدثه من تأثير، ومن هنا نجد ارتباط مرحلة عمرية معينة عايشت تلك المتغيرات وتفاعلت مع تأثيراتها أكثر من مراحل عمرية سابقة، ويعبر عنها أدباء جدد يتشكلون في المشهد الأدبي الآن طبقا لمتغيرات مجتمعية أخرى عاصفة، علي سبيل المثال أن عددا من أدباء العقد الأول من الألفية الجديدة من الشباب المفتقد لمشروعه القومي، المكتوي بالترحال والبحث عن فرصته في الحياة، والذين تعاطوا التعامل مع الإنترنت واحترفوا النشر من خلاله وتوغلوا في آفاق شبكات التواصل الاجتماعي بأدبهم وأفكارهم ويومياتهم، قد أسسوا كتابة خاصة بهم متأثرة بالوسائط الجديدة، لها سماتها الفنية الخاصة، أكثر من تعامل مراحل عمرية تسبقهم بطبيعة الحال عايشت ظروفا أخرى.

وهؤلاء الشباب لهم تجمعاتهم الثقافية الأثيرة عبر الفضاء الأزرق وعبر الواقع بالحضور اللافت والمكثف بتجمعاتهم الثقافية بعامة، ومعرض القاهرة للكتاب بخاصة، يتفاعلون مع وجوه الظاهرة الثقافية التي أسسوها هم بكتابها الرواد (خاصة د. نبيل فاروق ود. أحمد خالد توفيق) الذين حققوا تواصلهم معهم، وبعثوا شغفهم بالمطالعة والكتابة أيضا، حيث توجد عشرات الإصدارات للكتاب الشباب المهداة لهما ذات الاستهلالات بالامتنان والشكر لهما.

أيضا بموضوعاتهم الأثيرة التي تفارق أفق التوقع التقليدي، وتوجب ضرورة تمحيص الظاهرة ودعمها وتشجيع المجيد منها، وأيضا تنفيتها وتصويب مسيرتها، حيث اهتم الجيل الجديد بالأدب الأمومي “أدب من فعلها؟” وغصونه الكثر من كتب الخيال السياسي، وأدب الجاسوسية، وكتب الخيال العلمي والفانتازيا بفروعها الكثر من المظلمة والراقية والكوكبية ثم أدب التخويف والذى حاز قصب السبق في معرض القاهرة للكتاب في دوراته الأخيرة، حيث تشير التحقيقات الصحافية بصورة مؤكدة أن إقبال الشباب فاق التوقعات، وأن روايات الرعب والفانتازيا هى الأكثر مبيعا، وتحتل غالبا قوائم أكثر الكتب مبيعا.

 يصف د. هانى حجاج قضية الإجادة في الكتابات الجديدة، والتى تعرض بمعرض الكتاب بأسلوب طريف: “عالم النشر الآن يحفل بمئات العناوين لكتاب شباب بعضهم موهوب والبقية ستذهب جفاء وكلهم تجرى في عروق ما يكتبون أسلوب أحمد خالد توفيق وطريقة تفكيره وسخريته من نفسه ومن العالم .. بصمته هنا وهناك .. من عقدين كاملين والمطابع أخذت من كاتبنا الفذ مفتاح الشفرة لكنها لم تفهمها لكن القراء ليسوا حمقى ولم يبتاعوا عصير اللفت لمجرد أنك ظريف ومعتد بنفسك وكتبت عليه عسل نحل”.

وإذا كان العقاد كان دائم التقليل من أهمية الرواية -رغم أنه كتب لاحقا رواية سارة- في مواقف كثر، وكان دائم القول أن البيت الشعري الواحد يرجح قصة كاملة -وكانوا يطلقون مفردة قصة على الرواية- وأنها قنطار خشب ودرهم حلاوة، ورد الشاب “نجيب محفوظ” في رسالة الزيات بمقولته الشهيرة “القصة شعر الدنيا الحديثة” ولم يعقب العقاد رغم اعتداده برأيه كما هو معروف في معاركه الأدبية الطاحنة.

ويمكن الاستعانة بالموقف الدال حول حجاج الأجيال والرؤي للتعبير عن الظاهرة الثقافية المركبة ذات التجليات الكثر والتي تسطع أشد السطوع في معرض الكتاب، ولا شك أن هناك وجوبا وضرورة ملحة للفرز وتشجيع حركة نقدية تواكب أدب الشباب وتصوب مسيرته وتعمق توجهاته البناءة والممتعة معا.

Dr.Radwa
Egypt Air