الإثنين 29 ابريل 2024

المعرض الدولي للكتاب عرس ثقافي ومهرجان عالمي تجارب ومشاركات


أ.د صابر عبد الدايم يونس

مقالات5-2-2024 | 11:06

أ.د صابر عبد الدايم يونس
  • معرض القاهرة الدولى للكتاب مهرجان سنوى دولى، وعرس ثقافى عالمى، يعلن عن ريادة مصر الثقافية، ويؤكد دورها الحضارى فى نشر الفكر الوسطى المستنير
  • لم يعد المعرض مقصورا على النخبة المثقفة فقط، ولكن جذب إليه آلافاً من الأسر المصرية من مختلف قرى مصر ومدنها.. وهو سياحة ثقافية، وترفيه اجتماعى، وكأنه عيد سنوى تلتقى فيه الأسر المصرية
  • نلاحظ فى الأعوام الأخيرة غلاء أسعار الكتب الذى يتضاعف عاماً بعد آخر، لا بد من إصدار بعض الكتب فى طباعة شعبية تتلاءم مع الدخول المتوسطة لكثير من فئات الشعب
  •  

إن الكتاب يمثل حجر الأساس فى صنع البناء الفكرى وتنمية الوعى المجتمعى للإنسان فى أى زمان، وأى مكان، وبمقدار ما تهتم الأمة بصناعة الكتاب، وتقديم المنتج العلمى والثقافى الجاد بمقدار ما تقترب من دائرة الحضارة العالمية قديماً وحديثاً.

وإن مصر لها ريادتها الثقافية والعلمية منذ فجر التاريخ، وآثارها الخالدة تتحدى الزمن، وتظل ترجمان صدق، وشاهد عدل على هذه الريادة الثقافية، وذلك الدور الحضارى المؤثر فى مسيرة البشرية، ونهوضها وازدهارها.

وشاعر الشعب المصرى الأصيل: حافظ إبراهيم أشاد بعظمة الأمجاد المصرية فى كل مراحل التاريخ فهتف على لسان مصر وهى تتحدث عن نفسها.:

وقف الخلق ينظرون جميعا         كيف أبنى قواعد المجد وحدى!!

وبناة الأهرام فى سالف الدهر      كفونى الكلام عند التحدى!!

أنا تاج العلاء فى مفرق الشرق .. ودراته مزائد عقدى

ما رمانى رام وراح سليما          من قديم عناية الله جندى

وهو الذى قال مفتخرا بمصر المحروسة منبع العطاء، ونهر الحضارة:

كم ذا يكايد عاشق ويلاقى   فى حب مصر كثيرة العشاق

إن هذه الصورة الماجدة المشرقة لمصر المحروسة تتجدد كل عام، ويتألق وميضها، ويتضوأ عطاؤها فى فعاليات المعرض الدولى للكتاب، وهو مهرجان سنوى دولى، وعرس ثقافى عالمى، يعلن عن ريادة مصر الثقافية، ويؤكد دورها الحضارى فى نشر الفكر الوسطى المستنير.

وترسيخ ثقافة التنوع، وفتح الباب على مصراعيه أمام العقل الإنسانى، والوجدان الجمعى لمزيد من الابتكار والعطاء فى جميع ميادين النشاط البشرى المؤثر فى تقدم الإنسان والارتقاء به فكرا راشداً، وحركة إيجابية فاعلة، وتنمية للوعى، ومواكبة للمنجزات العلمية والإبداعية العالمية فى العصر الحديث.

فعاليات معرض الكتاب.. وريادة مصر الثقافية عربيا ودوليا..

إن تجربتى مع المعرض الدولى للكتاب، الذى تنظمه الهيئة العامة للكتاب وهى من أعرق مؤسسات وزارة الثقافة المصرية، ترتبط بنشاط المعرض منذ أكثر من أربعين عاما من خلال التفاعل.. والمشاركة فى الموجات الثقافية المتواصلة كل عام. وتتمثل هذه المشاركات فى :
الندوات الثقافية الكبرى، حيث يشارك كبار المفكرين والكتاب المصريين والعرب، ويشارك فيها وزراء الثقافة.. ورواد الفكر المصرى والعربى والدولى.. وتطرح قضايا عديدة تعالج مظاهر التطور الفكرى .. وآفاق التجديد الإبداعى فى الفنون الجميلة والفنون العقلية من الشعر - القصة - الندوات الثقافية الكبرى، حيث يشارك كبار المفكرين والكتاب المصريين والعرب فى ندوات مبنى الرواية - المسرح - الدراما بكل أنواعها، وكذلك قضايا المجتمع، وقضايا السياسة والعلاقات الدولية، ومؤازرة حركات التحرير العالمى، ومقاومة الفكر الاستبدادى، والهيمنة الاستعمارية، وتأكيد صوت العدالة والاستقلال على مستوى العالم العربى، والدولى، وقضايا ومشاكل الإنسان فى مصر وآسيا، وأفريقيا، ومن الشخصيات المصرية والعربية التى استضافها المعرض الذى يخصص كل عام دورته باسم أحد رواد الثقافة المصرية وفى مقدمتهم  د.طه حسين، والكاتب توفيق الحكيم وغيرهما من المبدعين والمفكرين ومن الشخصيات التى شاركت فى ندوات المعرض الرئيسية، المفكر السياسى المصرى د. مصطفى الفقى، والكاتب أنيس منصور والكاتب محمد الشافعى، ود.مراد وهبة، ود. صابر عرب وزير الثقافة الأسبق، ود.عز الدين إسماعيل ود. أحمد هيكل الوزير الأسبق للثقافة، والعلماء والنقاد المصريون والعرب وفى مقدمتهم د. يوسف نوفل، ود.أحمد درويش، ود.عبدالله التطاوى وغيرهم من أعلام الصحافة والإذاعة والتليفزيون، وأساتذة الجامعات المصرية والعربية وكان لى شرف المشاركة.. فى هذه الندوات التى ترصد مسيرة كبار العلماء والمفكرين فى إطار النشاط الثقافى لمرابطة الجامعات الاسلامية وعى رابطة علمية تضم أكثر من مائتى جامعة فى العالم، ومقر الامانة العامة بالقاهرة بجامعة الأزهر.

ولقد شاركت فى عدة ندوات علمية عند سنوات متعددة - ومنها :

- ندوة عن الإمام محمد عبده ودورة فى تجديد الخطاب الدينى والفكر الإسلامى- وهو من رواد النهضة الحديثة ومن كلماته وارائه الحضارية أنه أشاد بتمثال: أبى الهول بصفته رمزا للرقى العقلي وللقوة الانسانية.

وقال: إن أبا الهول بعد استعادة بنائية تجسد شموخ الإرادة المغربة متمثلة فى رأس أبى الهول: وهو زنز للقوة العقلية المفكرة التى بها يتميز الانسان عن غيره منذ فجر التاريخ ثم جسم الأسد وهو يمثل القوة الجسدية التى يجب أن يتسم الإنسان القوى المتحضر وقد كان المصرى القديم كذلك فهو الذى شيدا الأهرام وهو الذى ترك للبشرية هذا التراث الخالد الدال على التقدم العلمي والريادة فى جميع فنون الهندسة والعمارة والطب، والبناء والتحنيط.

ندوة عن الإمام المجدد: الشيخ محمود شلتوت وذلك بقاعة ضعيف الشرف مع ا.د/أسامة العبد وا.د/إبراهيم الهدهد وا.د/سامي الشريف والشيخ محمود شلتوت من الأئمة المجددين وهو من الداعية إلى التقريب بين المذاهب الإسلامية وتوحيد عناصر الأمة من خلال التعايش السلمى بين ابناء مصر المسحيين والمسلمين وتراثه مضئ مشرق بالفتاوى العصرية من خلال فهمه العميق لأسرار الإعجاز القرآني والبين النبوى وهضمه للثقافات الحديثة والمذاهب الفقهية المتعددة.

ندوة مصر أرض الأنبياء وذلك من خلال مناقشة كتاب الكاتب الأديب ا/محمد السيد عيد (مصر أرض الأنبياء.. وهو يثبت بالأدلة والبراهين أن مصر المحروسان مهبط الأنبياء ومنطلق بعض دعواتهم وسالته من خلال هذا الكتاب تعلن راية التسامح الديني وسياسة التعايش السلمي مع الأخرى وأن يعيش أبناء مصر.

عزل النيل واهب الحياة لنا جميعا يعيشون فى سلام ومحبة وأخوة ووحدة وطنية فالنيل منه يهلون العطاء وحب الحياة ووادى النيل الأخضر يستوعب جهودهم وفكرهم المتطور وحرصهم على الحفاظ على كرامة الوطن والتقي بأمجاده والدفاع عن مقدساته وثوابته وميراثه العظيم.

المشاركة فى ندوة الامام الأكبر أحمد الطيب - ومناقشة كتاب الأديبة والشاعرة مريم توفيق وموضوعه الإمام الطيب إمام التسامح وهى كاتبة مسيحية ولكنها أنموذج للرقى الفكرى والتسامح الدينى ولها قصائد فى مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم ومقالات عن السعيدة عائشة أو السيدة فاطمة الزهراء وخصصت لها جريدة صدت الأزهر مقالا اسبوعيا لنشر قيم للتسامح والأخوة الوطنية الراقية . وكانت هذه الندوة بجناح الأزهر بمعرض الكتاب.

ونشكر وزارة الثقافة أو الهيئة العامة للكتاب لحرصها على نشر فكر الأزهر الوسطي كتوازن المعتدل من خلال هذا الجناح الباهر الراقى شكلا ومضمونا.

ومن فعاليات معرض الكتاب الأمسيات الشعرية المصرية والعربية، وقد شاركت فى هذه الأمسيات منذ قرابة خمسة وثلاثين عاما مع كبار الشعراء المصريين والسعوديين والفلسطينيين وشعراء من الإمارات ومن الجزائر والمغرب وتونس والعراق والبحرين وكذلك شاركت فى أمسيات وندوات المقهى الثقافى وهو يستقيل شعراء مصر فى محافظات مصر وتشرف على هذه الفعليات الهيئة العامة لقصور الثقافة.

- ومن رواد المعرض فى هذه الأمسيات الشعرية من شعراء مصر والعالم العربى والذين شاركت معهم فى كثير من الأمسيات الشعرية.

من الشعراء ا.د/ محمد أبو دومه - أحمد سويلم- فاروق شوشه - فاروق جويدة - جمال الشاعر- جميل محمود عبدالرحمن - عزت الطيرى - دوريش الأسيوطى - أحمد فضل شيلول- وشيرين العدوى - الشاعر/ ابراهيم ابو سنه-الشاعر بدر توفيق- الشاعر عبدالله شرف- محمود عبدالله شرف- فولاذ عبدالله الآنور- السماح الأنور - د/ أحمد الجعفري- أحمد عنتر- د/يوسف نوفل- د/ أحمد درويش - الشاعر/ أحمد عبدالمعطي حجازي - د/ علاء عبدالهادي، وغيرهم من شعراء مصر الكبار فى القاهرة والإسكندرية وأقاليم مصر والشعراء المشاركون فى فعاليات نشاط الهيئة العامة لقصور الثقافة وفى مقدمتهم أعضاء النوادي الأدبية بقصور الثقافة في الأقاليم الثقافية وفى محافظة القاهرة ومحافظة الجيزة.

 "معرض الكتاب" عرس ثقافى اجتماعى للأسر المصرية والعربية

وهذا المحور من محاور فعاليات معرض الكتاب يعد بعداً اجتماعياً شعبياً مؤثراً، فلم يعد المعرض مقصورا على النخبة المثقفة فقط، ولكن جذب إليه آلافاً من الأسر المصرية من مختلف قرى مصر ومدنها.. وهو سياحة ثقافية، وترفيه اجتماعى، وكأنه عيد سنوى تلتقى فيه الأسر المصرية والآباء.. والأمهات.. والأطفال، والشباب من العنصرين: النساء والرجال وكلهم يشعر بالزهو والعزة والفخر بدور مصر الثقافى وريادتها ولا غرو.. فالمعرض يستقطب دور النشر الكبرى فى مصر والعالم العربى وأكثر من مائة ناشر يشاركون ويتنافسون فى إخراج كتبهم فى صورة تجذب القراء من جميع الأجيال وثقافة التقنيات الحديثة، وكل ما يتصل بهذه الثقافة الإلكترونية.. نجدها تزدان بها أجنحة المعرض المختلفة.. وكذلك كتب الأطفال المصورة والمتطورة ذات الأبعاد التربوية والتدريب على التفكير العلمى السليم المواكب لروح العصر وحداثته ومن أهم دور النشر التى يتجول فيها كل أفراد الأسر المصرية، وشباب الجامعات وطلاب الدراسات العليا، وأساتذة الجامعات، وأصحاب المواهب الإبداعية من الشعراء وكتاب القصة والرواية والمسرح.. والخيال العلمى هؤلاء جميعاً يتخذون من أجنحة المعرض، ودور النشر حدائق يتنزهون فيها وهم يشعرون بالسعادة النفسية، والمتعة العقلية، والبهجة القلبية ويعودون كل يوم محملين بما يحتاجونه من كتب ومراجع متنوعة ومن دور النشر الكبرى جناح الأهرام، وجناح دار الهلال، وجناح الهيئة العامة للكتاب والهيئة العامة لقصور الثقافة، وجناح الأزهر الشريف ولكن فى ظل هذا الجمال والسحر بالكتب وتنوعها وتعدد معارفها نلاحظ فى الأعوام الأخيرة غلاء أسعار الكتب الذى يتضاعف عاماً بعد آخر، مع الطباعة الأنيقة الفاخرة.. وربما هذا من أسباب الغلاء ولا بد من إصدار بعض الكتب فى طباعة شعبية تتلاءم مع الدخول المتوسطة لكثير من فئات الشعب أسوة بالكتب الصادرة عند الهيئة العامة للكتاب، ودار الهلال ولا بد من التركيز على كتب الثقافة العلمية من الظواهر التى تحتاج إلى إعادة نظر من المسئولين عن تنظيم ندوات المعرض تكرار كثير من الأسماء فى الندوات الفكرية والأسباب الشعرية وهذا يؤدى إلى عزوف الكثير من المبدعين عن المشاركة الإيجابية.

أدعو إلى تنظيم للمعرض الدولى سنوياً بكل محافظات مصر حيث يقام المعرض شهرياً.. وكل محافظة تتولى الاتفاق على المعرض المقام على أرضها، ويكون له الاهتمام الكبير والمؤثر الذى يحظى به المعرض المقام بأرض المعارض بالقاهرة، وكل يخصص لكل محافظة شهراً محدداً.

أن تختار المحافظة كل عام أحد الشخصيات الرائدة من أبناء المحافظة وتخصص الدورة باسمه.. مع إعلان عن سابقة فى نتاجه العلمى والأدبى والإبداعى حسب نتاجه الفكرى.

وهناك مقترحات كثيرة لا يتسع لها المقام هنا.. ولكن آمل بكل تأكيد على الاستجابة لهذه المقترحات أو بعضها حتى ينمو الوعى لدى شبابنا الذين لا تساعدهم الظروف إلى السفر إلى القاهرة، وحتى تقرب المسافة بين شبابنا،.. وبين الكتاب المقروء بعد أن طغت ثقافة الإنترنت على أغلبية الشباب والباحثين، وأصبح الكتاب الورقى غريب الوجه واليد واللسان فى عصر الإنترنت والذكاء الاصطناعى.

شكراً لدار الهلال، ومجلة الهلال على تخصيصها هذا العدد لتلقى تجارب الكتاب والأدباء وأساتذة الجامعات وتفاعلهم مع فعاليات المعرض الدولى.. للهيئة العامة للكتاب..

وتظل مصر فى طليعة رواد الثقافة والفكر والإبداع والتفتح على كل المنجزات الحديثة فى ميادين الإبداع المتعددة، وأسعد أن كتبى النقدية ودواوينى الشعرية تعرض كل عام بكثير من دور النشر فى أجنحة المعرض المتعددة منذ عام 1984م حتى الآن بحمد الله.

Dr.Randa
Dr.Radwa