الإثنين 29 ابريل 2024

"جبر الخواطر وأثره".. عنوان خطبة اليوم

صلاة الجمعة

تحقيقات9-2-2024 | 10:06

محمود غانم

تنشر بوابة -دار الهلال- نص خطبة صلاة الجمعة اليوم، والتي جاءت تحت عنوان "جبر الخواطر وأثره في تقوية الروابط والعلاقات الاجتماعية" حيث تناولت الخطبة هذا العنوان من خلال الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية.

نص الخطبة 

جبر الخواطر وأثره في تقوية الروابط والعلاقات الاجتماعية

الحمد الله رب العالمين، القائل في كتابه الكريم: {وافعلوا الخير لعلكم تفلحون}، ويقول سبحانه: {قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حليم}، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:

فإن جبر الخواطر قيمة إنسانية نبيلة، وخلق إسلامي كريم، يدل على شرف النفس، وطيب الفؤاد، ومن معاني اسم الله تعالى "الجبار" أنه سبحانه يجبر خواطر عباده، حيث يقول الحق سبحانه: {هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار}، فرب العالمين سبحانه يجبر الفقر بالغنى، والمرض بالصحة، والخوف بالطمأنينة، واليأس بالأمل والرجاء؛ لذلك كان من دعاء نبينا (صلى الله عليه وسلم) في

صلاته: (اللهم اغفر لي، وارحمني، واهدني، واجبرني، وارزقني)، ولله در القائل:

كذلك الجبـار في أوصـافـه * والجبر في أوصافه نوعان

جبر الضعيف وكل قلب قد غدا *** ذا كسرة فالجبر منه دان

والثاني جبر القهر بالعز الذي *** لا ينبغي لسواه مـن إنسان

والمتأمل في القرآن الكريم يدرك أن الله (عز وجل) تجلى على عباده، فجبر خواطرهم، وطيب نفوسهم، وأراح قلوبهم، وأدخل السرور عليهم، فهذه أم سيدنا موسى (عليه السلام) حين تفطر قلبها على ولدها (عليه السلام) خوفا عليه، رده الله (عز وجل) إليها؛ جبرا لخاطرها، وتطييبا لقلبها، حيث يقول الحق سبحانه: {فرددناه إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن ولتعلم أن وعد الله حق ولكن أكثرهم لا يعلمون}، وعندما أخرج نبينا

(صلى الله عليه وسلم) من وطنه مكة جبر الله تعالى خاطره، وأوحى إليه في طريقه إلى المدينة قوله (عزوجل): {إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد}، أي: إلى مكة مرة أخرى، ويقول الحق سبحانه: {وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين

فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفاً}، وذلك جبرا لخواطرهم وتطيبًا لنفوسهم.

ويضرب لنا نبينا (صلى الله عليه وسلم) أعظم الأمثلة في جبر الخواطر بالكلام الطيب والفعل الجميل، حينما جاءه فقراء المهاجرين، وقالوا له: يا رسول الله، ذهب أهل الدثور بالأجور، يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون بفضول أموالهم، فقال لهم (صلى الله عليه وسلم): (أو ليس قد جعل الله لكم ما تصدقون؟ إن بكل تسبيحة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن منكر صدقة...). وعن عبدالله بن أبي أوفى (رضي الله عنه) قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم (لا يأنف أن يمشي مع الأرملة والمسكين، فيقضي له الحاجة).

وحين لقي نبينا (صلى الله عليه وسلم) جابر بن عبد الله (رضي الله عنه) منكسرًا لاستشهاد أبيه عبد الله (رضي الله عنه) وتركه عيالًا ودينا، جبر (صلى الله عليه وسلم) خاطر جابر (رضي الله عنه)، وقال له: (أفلا أبشرك بما لقي الله به أباك؟ ... ما كلم الله أحدا قط

إلا من وراء حجاب، وأحيا أباك فكلمه كفاحا (أي: من غير حجاب)، فقال: يا عبدي، تمن عليا أعطك، قال: يا رب، تُحييني، فأقتل فيك ثانية، فقال الرب (عز وجل): إنه قد سبق مني أنهم إليها لا يرجعون)، وحينما استشهد سيدنا جعفر بن أبي طالب (رضي الله عنه) 

جبر نبینا (صلى الله عليه وسلم) بخاطر أهله، حين قال: (اصنعوا لآل جعفر طعامًا؛ فقد أتاهم ما يشغلهم).

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد (صلی الله عليه وسلم)، وعلى آله و وصحبه أجمعين.

 

لا شك أن لجبر الخواطر أثرًا عظيمًا في تقوية الروابط والعلاقات الاجتماعية، وتأليف القلوب، ووحدة الصف، حين يتحقق الإخاء الصادق، والتكافل الحق، فتعظم روح المحبة، وتدوم الألفة والمودة، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (مثل المؤمنين في توادهم، وتراحمهم، وتعاطفهم، مثل الجسد؛ إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)، ويقول (صلوات ربي وسلامه عليه): (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا)، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم ): {من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه}.

وجدير بالذكر أننا في أيام مباركات هي أيام جبر الخواطر بالمواساة، بالتكافل المجتمعي، بالكلمة الطيبة، فما أحوجنا جميعا إلى التحلي بخلق جبر الخواطر؛ فإن

الجزاء من جنس العمل، حيث يقول سبحانه: {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان}، وقدقالوا: "من سار بين الناس جابرا للخواطر؛ أدركه الله في جوف المخاطر".

اللهم اجبر خواطرنا وتولنا واعف عنا

واحفظ بلادنا وارفع رايتها في العالمين

 

Dr.Randa
Dr.Radwa