التصاعد المستمر لذكاء الاصطناعي، جعل منه قضية محورية يُسال حول مستقبلها الكثير من حبر، إذ بات الذكاء الاصطناعي يزاحم الكثير من الوظائف مما يثير الكثير من التساؤلات حول مستقبلها.
ومنذ بداية عام 2024، قامت 141 شركة تكنولوجيا بتسريح 34300 موظف، وذلك على رغم من أن معظم هذه الشركات أظهرت أداء ماليًا ممتازًا، وفقًا لموقع "لاياوفس.إف واي آي".
ومن ذلك، قيام شركة "جوجل" بتسريح أكثر من ألف عامل، وكانت على وشك الإبلاغ عن زيادة بنسبة 13٪ في الإيرادات لتصل إلى 86.31 مليار دولار.
فيما قامت "مايكروسوفت" بتسريح 1900 عامل قبل خمسة أيام من الإعلان عن قفزة بنسبة 17.6٪ في الإيرادات إلى 62.02 مليار دولار.
إلى جانب ذلك، قامت شرك "ميتا" بتسريح العشرات من الموظفين رغم قفزة الإيرادات بنسبة 25% إلى 40.11 مليار دولار.
لكن.. لماذا؟ يربط البعض ذلك التسريح بالذكاء الاصطناعي، حيث باتت الكثير من الشركات تعتمد على الأدوات القائمة على الذكاء الاصطناعي.
وقد ارتفع عدد الوظائف المفتوحة المرتبطة بالذكاء الاصطناعي أو التي تتطلب مهارات في هذا المجال من نحو 2000 وظيفة في ديسمبر 2023، إلى 17479 وظيفة في يناير 2024، وذلك وفقاً لتحليل أجرته شركة كومب تيا.
في حين، لجأت بعض الشركة إلى الاستثمار في تطوير وتنفيذ قدرات الذكاء الاصطناعي، بدلاً من توظيف آلاف الموظفين كل ثلاثة أشهر.
ويعبر عن ذلك، ما قاله الرئيس التنفيذي لشركة "ميتا" مارك زوكربيرج، حول قيام الشركة بتسريح العمال في يناير الماضي، حيث أرجع ذلك إلى الاستثمار في رؤية طويلة المدى وطموحة بشأن الذكاء الاصطناعي.
ماذا.. عن المستقبل؟
بخصوص ذلك، أكد مشاركون في جلستين ضمن محور الحوكمة والخوارزميات، عقدتا ضمن فعاليات اليوم الأول من القمة العالمية للحكومات في دبي، أن الذكاء الاصطناعي يمكنه القيام بالكثير من المهام لكنه لا يستطيع القيام بكل شيء لافتقاده للإدراك والوعي البشري، مؤكدين أن الخوف من الذكاء الاصطناعي أمر طبيعي لكنه لا يدعو إلى القلق.
وناقشت الجلستان، عدداً من التساؤلات المطروحة حول تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وما يمكن أن تقوم به في المستقبل القريب والبعيد، خصوصاً وأنها تحظى باستمرار لتطوير متسارع، الأمر الذي صدّر مخاوف من أن يأتي اليوم الذي يسيطر فيه الذكاء الاصطناعي على الحياة، بعد أن يتفوق على العقل البشري.
في غضون ذلك، قال إجناسيو جارسيا ألفيس، الرئيس التنفيذي لشركة آرثر دي ليتل:"من دون شك فإن "شات جي بي تي" يعرف الكثير من الأمور، لكنه لا يستطيع أن يفعل كل شيء، والخوف من الذكاء الاصطناعي خوف طبيعيّ، فهذه ليست المرة الأولى التي يخاف فيها الناس من الجديد الغريب، فعندما اخترعتْ الطباعة عبر الناس وقتها عن مخاوفهم من هذا الاختراع، والأمر نفسه حدث مع أجهزة الحاسوب الشخصية عندما ظهرت، وبعدها الإنترنت، وصولاً إلى العمل عن بعد، وحتى الشات جي بي تي، مؤكداً أن للذكاء الاصطناعي فوائد لا تنكر".
وأضاف ألفيس، الذكاء الاصطناعي قادر على تحليل كمية هائلة جداً من البيانات، بسرعة فائقة وبشكل منطقي، الأمر الذي يساعد على طرح حلول مستدامة، ما سيزيد من الإنتاجية، ويقلل من الوقت، ويحسن من أداء العمل، ما يعني في النهاية جني الكثير من المال.
وأشار إلى أن من المفاهيم الخاطئة هو الاعتقاد بأن الذكاء الاصطناعي يمتلك نفس مستوى الذكاء والوعي البشري، لكنه في الحقيقة هو عبارة عن مجرد "محاكاة" تفتقر إلى مستوى الوعي والإدراك الكامل الذي يتميز به البشر.
من ناحية أخرى، أكد جوناثان روس، الرئيس التنفيذي لشركة "جروك"، أن الذكاء الاصطناعي لا يمكن أن يحل محل البشر، أو يلغي دورهم في العمل والإبداع، وإنما سيدعم منظومة العمل ويسهلها.
وأضاف روس، خلال جلسة حوارية بعنوان "هل يمكن للذكاء الاصطناعي الاستغناء عن البشر؟"، عُقدت ضمن أعمال القمة العالمية للحكومات 2024، إن تقنيات الذكاء الاصطناعي أصبحت أمراً واقعاً وليست خيالاً علمياً، ومن ثم فإن التعامل معها سيكون إما بالتجاهل وهذا سيؤدي إلى التأخر عن ملاحقة التطور، وإما بالتفاعل إيجابياً معها بما يحقق رفاهية الإنسانية.
وتابع: "العالم يتغير بسرعة غير مسبوقة، ولا يمكن كبح سرعة التغيير، ومن ثم فلابد من التعامل مع هذا التغيير السريع وفق معايير تحقق الاستفادة القصوى للبشرية".
وقدم روس مثالاً حياً أمام الحاضرين في الجلسة؛ إذ طرح أسئلة على الروبوت "المساعد الافتراضي"، والتي أجابت بمنتهى الدقة.
وشدد على أن التطور يقتضي طرح برامج الذكاء الاصطناعي على أجهزة الحاسوب، بحيث تكون هذه التكنولوجيا متاحة لاستخدام جميع البشر، مؤكداً أن على الحكومات دوراً كبيراً في توظيف الذكاء الاصطناعي لصالح المجتمعات.
وتطرق إلى ضرورة دعم الموهوبين في مجال الذكاء الاصطناعي، مشيراً إلى أن ذلك يتطلب توفير التقنيات الحديثة، مؤكداً أن على الحكومات أن تبحث بشكل دائم عن الوسائل والآليات التي تكفل استغلال الذكاء الاصطناعي لصالح تقدم الإنسانية، وجعلها أكثر سعادة، موضحاً أنه كلما صار استخدام الذكاء الاصطناعي شائعاً، كلما تراجعت المخاوف منه.