ويكأنه يتحدث عن الخلافات التي تعصف بـ "تل أبيب" اليوم، في ظل الأزمة السياسية التي تتعايش فيها منذ شن الفصائل الفلسطينية عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر الماضي، يتناول الكاتب صبري أبو المجد في عدد مجلة "المصور" الصادر في 27 يوليو 1978 الخلافات التي تطرأ في الساحة الإسرائيلية بين الحكومة والمعارضة، وسط رجاء بعض العرب في إمكانية الإستفادة منها.
وصبري أبو المجد،.هو صحفي ومؤرخ مصري برز في عهد أنور السادات، وتولى رئاسة تحرير مجلة "المصور" ورئاسة مجلس إدارة "دار الهلال" كما عمل رئيسًا للتحرير لجريدة "مايو" التي كانت تصدرعن الحزب الوطني الحاكم، وشغل منصب أمين عام المجلس الاعلى للصحافة، فضلًا عن عضويتة في مجلس الشورى.
إلى النص حيث يقول:"إن الخلافات والإختلافات القائمة بين القادة الإسرائيلين ومن هم في الحكم، ومن هم في المعارضة، لاتشكل أبدًا أي خطر على السياسة الإسرائيلية، وهذه الخلافات والإختلافات حتى لو أدت إلى حل الكنيست واجراء انتخابات جديدة، لايمكن أبدًا أن يستفيد من العرب بأية حال من الأحوال". مضيفًا إن إسرائيل تستفيد إلى أبعد حدود الإستفادة من الخلافات والإختلافات القائمة اليوم بين قادة العرب ولكن القادة العرب لايستطيعون مهما بذلوا من جهد أن يستفيدوا من الخلافات القائمة بين القيادات الإسرائيلية.
وتابع في حديثه:" القادة العرب، لايستفيدون من الخلافات والاختلافات القائمة بين القادة الإسرائيليين، بينما القادة الإسرائيليون يستفيدون، وإلى أبعد حدود الاستفادة بالخلافات القائمة، بين القادة العرب، ولكن لماذا ؟ أقول إن هناك لدى الإسرائيليين تخطيطًا دقيقًا، في كل ما يتعلق بقضاياهم المصرية، هذا التخطيط الدقيق يضـع حدًا معينًا، للحكومة، وحدًا معينًا آخر، للمعارضـة بل إنه يضع حدودًا معينة لبعض الوزراء، وحدودًا لبعض المعارضين، وأخشى أن اقول إن هذا التخطيط الهام والخطير، بمقتضاه يتم توزيع الأدوارأنت تخالف، ولكن إلى هـذا الحد .. أنت توافق، ولكن ايضًا عند هذا الحد، وفي كل حالات الاتفاق، والخلاف بل والاختلاف، كل من المتفقين، أو المختلفين، لايتهم الآخرين، بالخيانة ، ولا بالعمالة، ولا ببيع اسرائيل لان كل واحد من هؤلاء : حاكمًا ، كان أم معارضًا، لا يعمل إلا وفى ذهنه، وقلبه مصلحة إسرائیل".
وأضاف أبو المجد: كثيرون من أولئك الذين درسوا كل شيء عن إسرائيل، وعن قيادات إسرائيل يعرفون جيدًا أن القادة الإسرائيليين، عندما يختلفون حول موضوع معين، فانهم يعرفون مسبقًا أن هناك حدًا معينًا، واضح المعالم يقف عنده الخلاف، ولا يمكن أبدًا لأحد من الإسرائيليين معارضين، أو حاكمين ان يتجاوزه، بأية صورة من الصورجولدا مائير، مثلًا تختلف مع بيجين، تتهمه بأفظع التهم، حتى أنها تلمح أكثر من مرة إلى أن بعقله بعض المس، ولكن جولدا مائير، لاتقول ابدًا عن مناحم بيجين إنه خائن، وإنه عميل، وإنه يبيع اسرائيل للأمريكيين، أو للبريطانيينن، شيمون بيريز يذهب إلى النمسا، يقابل السادات : هو زعيم معارضة، وليس رئيس حكومة، يختلف مع بيجين في الأسس الخاصة بقضايا السلام يهاجمه أكثر من مرة، يتهمه بالغباء، بأنه ســوف يضيع الفرصة الكبيرة السانحة لإسرائيل لكي تشارك في صنع السلام، يصر باستهزاء على أن من الزم الواجبات على مناحم بيجن أن يستقيل، يتبــال الاثنان التهم، الشنيعة، الفظيعة، وبعد المناقشات الحامية، المنيفة في الكنيست، التي كاد بعض الاعضاء، يتبادلون اللكمات، يذهب مناحم بيجن وشيمون بيريز، ليتناولا الغــداء معًا.
ويستدل في حديثه بالخلافات التي كانت بين القادة الإسرائيلين في أوائل عام 1967، والتي قد بلغت حدًا من العنف والشدة لم يسبق لها أن بلغته.. أزمات عنيفة، اتهامات شنيعة، حملات متبادلة، وفجأة يختفي ذلك، كله وتتألف حكومة وحدة وطنية قبل حرب 5 يونيو 1967 بساعات قلائل، وتستطيع الحكومة في دقائق قليلة، أن تضمن لنفسها النصر.