يُعدّ المقهى جزءًا مهمًا من تاريخ مصر الحديث، فهو أكثر من مجرد مكان لقضاء أوقات الفراغ كما يُظن، وتزخر مصر بالعديد من المقاهي العريقة ذات التأثير التاريخي البارز، التي شهدت نهضة فكرية وثقافية مهمة على مر العصور، مما أسهم في تغيير مجرى التاريخ، فقد احتضنت المقاهي شرائح مجتمعية متعددة تحت سقف واحد، واكتسبت شهرتها من كبار الشخصيات المؤثرة في ميادين مختلفة سياسية وفنية وأدبية.
ونستعرض خلال أيام شهر رمضان المبارك بعام 1445 هجرية أشهر المقاهي بمصر والوطن العربي مما لهم من تاريخ وأثر ونبدأ اليوم برحلة مه مقهى «الهموز» من أرض فلسطين.
ويعتبر مقهى الهموز بمدينة نابلس بفلسطين من أقدم المقاهي وأعرقها تاريخيًا ولا تزال موجودة حتى الآن، وتعرف بعدة أسماء كمقهى "المنشية"، أو "الطرابيش"، وأسست عائلة الهموز في العهد العثماني عام 1894م.
ويتميز المقهى بجمال عمارته ومكوناته التي تعود إلى عهد الأتراك مثل حجارة السور وبلاط الأرضية والبوابة الحديدية والنافورة التي تتميز بزخارفها القديمة، التي تتوسط المكان، ويحوي المكان على الشيشية التي كانت تستخدم قديمًا في هذا العصر كجزء من الاحتفاظ بالتراث بجانب الصور المعلقة في كل مكان "أبيض وأسود" دالة على جزء من تاريخ هذا المقهى العريق.
وأغلق المقهى في الأربيعينات من القرن الماضي خلال العهد البريطاني حيث تحول إلى ثكنات عسكرية للبريطانيين لشهور طويلة.
وشهد مقهى الهموز تاريخ فني وطربي حافل لكبار مطربين الوطن العربي في القرن الماضي، أمثال السيدة أم كلثوم التي تغنت هناك لأول مرة بأغنية "يا بدر اختفي" في مسرح المقهى، وفريد الأطرش وأسمهان ومحمد عبد الوهاب، وفيروز هي الوحيدة التي غنّت أمام المقهى ولم تدخله.
كان المقهى بجانب حفلات الطرب يجمع أيضًا الأدباء والشعراء والمفكرين، مثل: إبراهيم طوقان وأكرم زعيتر وغيرهما.