الإثنين 29 ابريل 2024

مساجد تاريخية| «جامع أحمد بن طولون» (3-30)

جامع أحمد بن طولون

ثقافة13-3-2024 | 15:28

أروى أحمد

تميز العصر الإسلامي بغزارة عمائره الدينية، والتي أساسها بيوت الله المساجد، والجوامع، وسُمّيت المساجد بهذا الاسم: باعتبارها مكان للسجود، والمكان الذي أعد للصلاة فيه على الدوام، ويطلق على المسجد هذه التسمية إذا كان صغير الحجم، وهو مكان مهيئ للصلوات الخمس، أمّا إذا كان كبير الحجم فيُسمى جامعًا ، لأنه علامة لاجتماع عدد كبير من الناس للصلاة فيه وكذلك لإقامة صلاة الجمعة فيه أيضا، ويُقال لكل جامع مسجد، وليس كل مسجد جامع.

ونستعرض معكم عبر بوابة «دار الهلال» خلال شهر رمضان الكريم، يوميًا، مساجد وجوامع تاريخية، وسنلقي الضوء على الجوامع التاريخية  في مصر بشكل عام ومدينة القاهرة التي عرفت بمدينة الألف مأذنة بشكل خاص، ونستكمل في اليوم الثاني من رمضان 1445 هـ،  في جولة مع «جامع أحمد بن طولون» بالقاهرة

جامع أحمد بن طولون هو أحد أشهر  المساجد التاريخية الأثريّة بالقاهرة، أمر ببناؤه أحمد بن طولون وهو مؤسس الدولة الطولونية، يعد أقدم مساجد مصر القائمة حتى الآن لاحتفاظه بحالته الأصلية بالمقارنة مع المساجد الأخرى.

شيد جامع أحمد بن طولون موضع جبل يشكر والذي ذكر عنه أنه مكان مشهور باجابة الدعاء، وقيل أن سيدنا موسى عليه السلام  كان يناجي ربه عليه.

يروي المؤرخون أن السبب في بناء هذا الجامع أن أهل مصر  قدمو شكوا إلى أحمد بن طولون بضيق الجامع عليهم يوم الجمعة فأمر بإقامة الجامع بجبل يشكر وبدأ البناء فيه بالفعل عام 263حتى 265هجري،

 تبلغ مساحتة الجامع مع الزيادات الخارجية حوالي ستة أفدنة ونصف الفدان، وقد بُني على شكل مربع مستلهمًا من طرز المساجد العباسية، وخاصة جامع  سامراء بالعراق والذي استلهم منه شكل المنارة الملوية، يقع المسجد حاليًا بميدان أحمد بن طولون بحي السيدة زينب التابع للمنطقة الجنوبية بالقاهرة

قيل عن أحمد بن طولون أنه في شهر رمضان الكريم رأى العمال يبنون في الجامع عند صلاة العشاء، فقال "متى يشتري هؤلاء الضعفة  الإفطار لأولادهم أصرفوهم العصر، ومن هنا بدأ يطبق نظام العمل من الصباح وحتى العصر، وهو الأمر الذي لايزال يطبق في وقتنا الحالي،

عندما انتهى أحمد بن طولون من بناء الجامع ذكر الناس بعض العيوب به، فمنهم من قال: إن محرابه صغير، وقال آخر: لايوجد به عمود، وقال آخر: ليست له ميضأة، فبلغه ذلك فجمع الناس وقال: أما المحراب فأني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وقد خطه لي في منامي، وأصبحت فرأيت النمل قد طافت بذلك المكان الذي خطه لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما العمد فأني بنيت هذا الجامع من مال حلال وهو الكنز، وما كنت لأشوبه بغيره، وهذه العمد إما أن تكون في مسجد أو كنيسه فنزهته عنها، وأما الميضأة فإني نظرت فوجدت ما يكون بها من النجاسات فطهرته عنها، وها أنا ابنيها خلفه وأمر ببنائها.

وقد رأى أحمد بن طولون بعد فراغه من بناء الجامع في منامه كأن ناراً نزلت من السماء فأخذت الجامع دون ما حوله من العمران، فلما أصبح قص رؤياه فقيل له: أبشر بقبول الجامع المبارك لأن النار كانت في الزمن الماضي، إذا قبل الله قرباناً نزلت نار من السماء أخذته. .

وعند افتتاح الجامع للصلاة لم يحضر أحد من المصلين لاعتقادهم أنه بني بمال لا يعرفون أصله وكان الناس في ذلك الوقت محترزين على دينهم، فعز ذلك على ابن طولون وجمعهم في يوم جمعة وخطب فيهم وأقسم بالله العظيم الذي لا إله إلا هو أنه ما بنى هذا الجامع «ويده تشير إليه» بشيء من ماله وأنه بناه بكنز ظفر به في الجبل الثالث، وأن العشارى الذي نصبه على مئذنته وجده في الكنز، وأكمل الخطبة، فلما سمع الناس ذلك اجتمع خلق كثير وصلوا فيه الجمعة ولما سمع الناس حكاية المحراب الذي خطه النمل عظم ذلك عندهم حتى ضاق بالمصلين فقالوا لابن طولون نريد أن تزيد لنا فيه زيادة، فزاد فيه ما يعرف حالياً بالزيادات.

ويتألف الجامع من الداخل من صحن أوسط مكشوف، يتوسطه فسقية" وهي حوض من الرخام تتوسطة نافورة مياه" تعلوه قبة وهي ثالث قبة أقيمت عليه، وأربعة ظلات أماكن الصلاة "، وأكبرها ظلة القبلة ، وقد احتوى الجامع على 42 باب  فتحت في جدرانه وجدران الزيادات المحيطة به. 

Dr.Randa
Dr.Radwa