إبراهيم البهرزي
ولد عام 1958. تخرج في كلية الهندسة ببغداد عام ١٩٨١، ويعمل مهندسا. بدأ النشر في صحف ومجلات أدبية عراقية وعربية منذ نهاية السبعينيات، له مجموعتان شعريتان: صفير الجوال آخر الليل، شرفة نيتشه. وصدرت له عام 2015 رواية "لا أبطال في طروادة".
1
لا أفكر بِشَيْءٍ حينَ أكتبُ قصيدة عنكِ.
لا أفكرُ بِشَيْءٍ البتةَ؛ لا بالكلماتِ ولا بالصور..
تكونينَ ساعتها موجودة حولي كعطرِ الطَلْعِ المريض.
وخزةُ الأنوثةِ التي تنخسُ الرئةَ
تجعلني ألهثُ راكضا ألفَ ميلٍ من قصائد المروج.
2
حينَ أحبَبْتُك متأخرا، رأيتُ حصانا يركضٌ فَوْقَ الماء.
لم تَقُل الْحَيَاةُ بَعْد كلمتها الفاصلة.
وكان يُمْكِنُ لبعضِ الخرافات أن تَبْهرني.
ما جَمعتَه من الحكمةِ صارَ يعلوهُ الصدأ.
حينَ أحبَبْتُكِ مُتأخرا، صارت العادة أنْ لا ألتفتُ أبدا
مِثْلَ خنزيرٍ ملعون.
3
حينَ أكتبُ قصيدة في الحبِ لا أكتبُ أبدا،
أنبشُ في تَلةٍ متعاليةٍ
لُقى من العادياتِ يَحسبها البعضُ من النفايةَ،
هي ما يسعدني وأنا أنفضُ التراب.
لقد نفضتِ عن روحي تُرابا بحجمِ المقابرِ
ساعةَ عثرتُ على خاتمكِ الشعري.
4
تَخْمشينَ بإظفرك الذهبي جِلدي البُني.
لا خطوط على الجلدِ غَيْرَ حَكة القصيدة.
كانت روحي كَأي نسيانٍ عَديم الوجَع،
لا تفطنُ لجلدِها الحارس.
صارَ جَسدي قاموسي
بِطَبعةٍ فريدةٍ للعِميان.
5
يبدو صَعبا، ولكن شديدَ السيولةِ
حُبيَ المُمْتَنع..
يبدو غَثا، لا تَطيقهُ الحكايةُ الشائعة.
لكني في طريقِ الإيابِ
لا أبحثُ عن سيرةٍ خالدةٍ،
يكفي أن أعودَ رَيانا بماءِ الينابيع.
6
يكفي أن أكونَ حَزينا بلا مبالَغةٍ
لِأثِقَ بالمُواسينَ.
لَقَد رأيتُ من أسرابِ الطيرِ التائهِ
ما يعينني على تَلمسِ السَمَاءِ الناعمة.
كُل ناعم مَثلُكِ
سَيُفضي إلى الفراغ.
7
إيماني بكِ، وربما هو الجرح الوحيدُ في كل المعركة.
كانَ فُرصة ملائمة
لتدبير الكلام،
على الأقل لحظة اختلاطِ الأصوات.
كثيرونَ نادوا علي
فما سمعتُ غيرَ صمتكِ الخجول
8
هَذِهِ الأيام المقاتلة
لم تَضع أوزارها خوفا،
ولا احتراما لهيبةِ الموت.
كُنت حاضرة بشِدةٍ،
فما كانَ علي غَيْرَ الانزواء
في عَمى السطوع نَفْسه،
هيبة
وَجلالا..