«كليلة ودمنة» هو من أشهر الكتب بالعالم التي تقدم عالما كبيرًا من الحكايات والكتاب يضم مجموعة من القصص المتنوعة، التي ترجمها عبد الله بن المقفع من الفارسية إلى اللغة العربية في العصر العباسي وتحديدا في القرن الثاني الهجري، وكتبه بأسلوبه الأدبي.
و أجمع عدد كبير من الباحثين على أن الكتاب يعود للتراث الهندي، وتمت ترجمته في البداية إلى اللغة الفارسية ثم إلى اللغة العربية، وسبب نشأته جاءت من رغبة ملك هندي يدعى دبشليم بتعلم خلاصة الحكم بأسلوب مسلي فطلب من حكيمه بيدبا أن يؤلف له هذا الكتاب.
وكان للنسخة العربية من «كليلة ودمنة» دورًا رئيسيًا ومهما في انتشاره ونقله إلى لغات العالم، ويصنفه النقاد العرب القدامى في الطبقة الأولى من کتب العرب، ويرون أنه أحد الكتب الأربعة المميزة إلى جانب كتب أخرى، وهو يحتوي على خمسة فصول تضم خمسة عشر بابًا رئيسيًا يتناول قصص تراثية للإنسان على لسان الحيوانات.
وتقدم بوابة «دار الهلال» لقرائها طوال شهر رمضان المبارك 1445 هجريًا، من كتاب «كليلة ودمنة» كل يوم قصة، وسنستكمل سلسلة الحكايات بقصة اليوم، بعنوان «القرد والطائر».
وجاء بالقصة: «زعموا أن جماعة من القردة كانوا ساكنين في جبل، فالتمسوا، في ليلة باردة ذات رياح وأمطار نارا فلم يجدوا، فرأوا يراعة «حشرة يتوهج ذيلها ليلا وتبدو كالنار»، تطير كأنها شرارة نار، فظنوها نارا وجمعوا حطبًا كثيرًا، فألقوه عليها، وجعلوا ينفخون بأفواههم و يتروحون بأيديهم، طمعا في أن يوقدوا نارا يصطلون « أي يتدفأون بها»، من البرد.
وكان قريبا منهم طائر على شجرة ينظرون إليه و ينظر إليهم، وقد رأى ما صنعوا فجعل يناديهم و يقول: «لا تتعبوا أنفسكم فإن الذي رأيتموه ليس بنار، فلما طال ذلك عليه عزم على القرب منهم، لينهاهم عما هم فيه، فمر به رجل فعرف ما عزم عليه فقال له: «لا تلتمس تقويم ما لا يستقيم، فإن الحجر الصلب الذي لا ينقطع لا تجرَب عليه السيوف، والعود الذي لا ينحني لا تعمل منه القوس، فلا تتعب، فأبى الطائر أن يطيعه و تقدم إلى القردة ليعرفهم أن اليراعة ليست بنار، فتناوله أحد القردة، فضرب به الأرض ».