يزخر تاريخنا الثقافي والفني بعلامات مضيئة، أصبحت نجومًا تتلألأ في حياتنا، من مؤلفين وممثلين ومخرجين، ونجوم خلف الستار، أضافوا الكثير بالتزامها وإخلاصها وموهبتها وإبداعها في مسيرة المسرح المصري والعربي، وأسعدوا الجمهور بكل ما قدموا، تركوا إرثًا فنيًا في الحركة الفنية المصرية وحفروا أسمائهم في عالم الإبداع بما قدموا بالكثير من الأدوار والشخصيات بمسرحنا المصري.
وتستكمل بوابة «دار الهلال» في رمضان 2024، ما بدأته من قبل برمضان 2023، حيث تواصل تسليط الضوء يوميًا على رحلة أحد الفنانين بالزمن الجميل، ولنسافر معه في سطورنا تحت عنوان «نجوم المسرح المصري».
ونلتقي اليوم، مع المسرحجي المؤلف والممثل والمخرج محمود الطوخي
هو الكاتب والمؤلف المبدع، و المسرحجي الذي ينتمي أدبيا إلى جيل الثمانينات من الكتاب بالقرن الماضي، نجح في أن يحفر لنفسه مكانة متفردة بين أبناء جيله، هذا الجيل الذي بدأ عدد كبير منهم في تقديم إبداعاتهم من خلال الفعاليات المتعددة والمهرجانات المتخصصة التي نظمتها «الجمعية المصرية لهواة المسرح» إنه رجل المسرح المصري محمود الطوخي
البداية والنشأة
ولد والكاتب محمود الطوخي 13 مارس عام 1945، وحصل على ليسانس الآداب قسم اللغة الإنجليزية من جامعة عين شمس عام 1965، ووفق في بدء حياته العملية قبل تخرجه، بالعمل بمشروع السد العالي بأسوان عام 1964.
رائد الكباريه السياسي بالمسرح
شارك في تأسيس فرقة أسوان المسرحية، وبعدها اكتسب كثير من الخبرات قرم صقل موهبته بالدراسة فالتحق بقسم التمثيل والإخراج في المعهد العالي للفنون المسرحية عام 1968، ولكنه لم يستطع استكمال الدراسة به، وفضل السفر إلى سوريا للعمل بها عام 1969، وهناك مارس هوايته الفنية وأخرج مسرحية «ثمن الحرية» لفرقة محافظة السويداء، ثم انضم إلى ورشة «مسرح الشوك» السورية، وشارك بالكتابة في أول عروضها والذي يعتبر تاريخيًا من أوائل عروض «الكباريه السياسي» في المسرح العربي .
وفي عام 1970 كان محمود الطوخي مدعوا من فرقة المسرح الجامعي بالإسكندرية وقدم من تأليفه وإخراجه عرض «سبرتو على جروح بلدنا» ، ويعتبر هذا العرض ومع عرض« البعض يأكلونها والعة» لمنتخب جامعة القاهرة)، من أوائل عروض «الكباريه السياسي» في مصر، و شارك في بطولته نخبة من الشباب هواة التمثيل آنذاك من بينهم: محمود عبد العزيز، عادل أمين، وأسامة عبد الوهاب.
مبدعا بالخارج
ودفع طموح محمود الطوخي بعد ذلك إلى السفر إلى لندن بالمملكة المتحدة عام 1972 وعاش هناك أربعة عشر عاما حتى عام 1986، درس خلالها إدارة الفرق المسرحية والإنتاج الفني بإكاديمية ويبردوجلاس، ثم التحق بورشة السيناريست العالمي بادي تشايفسكي» لمدة عامين، وهناك عمل معدا ومقدما إذاعيا بالقسم العربي بإذاعة ال بي. بي. سي وعمل صحفيا بمجلة “الحوادث اللبنانية» بعد هجرتها للندن، وليصل بموهبته ومجهوده إلى منصب مساعد رئيس التحرير.
وبالرغم من تحقيق محمود الطوخي لتلك النجاحات إلا أن حنينه إلى وطنه دفعه إلى اتخاذ قرار العودة إلى مصر بصفة نهائية والاستقرار الدائم بها منذ عام 1986، فعاد إلى القاهرة وبدأ يمارس الصحافة بجانب الكتابة الفنية كمحترف بالمسرح والسينما والتليفزيون، وقرر عام 2006 بعد زواجه من الدكتورة غادة حسين موسى بالإقامة بصورة دائمة بالأسكندرية.
تحطيم القوالب المعروفة
حاول محمود الطوخي تحطيم القوالب المعروفة في الكتابة والإخراج، وتقديم رؤى نقدية جريئة للواقع السياسى المصري، حيث اتسمت جميع كتاباته بالموضوعات والقضايا السياسية والاجتماعية المهمة التي تطرحها، وبمهارته الكبيرة في توظيف خبراته الصحفية واستلهام كثير من الموضوعات من الأحداث المعاصرة، وذلك مع نجاحه في تقديم عدد كبير منها في إطار كوميدي شيق وجذاب، ولتمثل غالبا، وخاصة بالمسرح - شكلا من أشكال «الكباريه السياسي»
تمتع محمود الطوخي بعضوية نقابة المهن التمثيلية منذ عام 1981 «شعبة التمثيل والتأليف» ، وعضوية نقابة المهن السينمائية منذ عام 1987 «شعبة السيناريو» ، وبعضوية كل من: نقابة الصحفيين البريطانيين، والاتحاد العالمى للصحفيين.
أسهم محمود الطوخي في العديد من المجالات الأدبية والفنية بالصحافة ولفن المسرح للسينما وللتلفزيون.
مجال الصحافة
عمل محمود الطوخي معدًا ومقدما إذاعيا بالقسم العربي بإذاعة الـ «بي. بي. سي» بلندن، وعمل صحفيا بمجلة ا«لحوادث اللبنانية» بسبعينيات وبداية ثمانينات القرن العشرين. وبعد عودته واستقراره بمصر خلال النصف الأول من ثمانينات القرن العشرين مارس مهنة الصحافة بكتابة عدد كبير من المقالات ببعض الصحف والمجلات، كما تولى مسؤولية إصدار نشرة نقابة المهن التمثيلية، ورئاسة تحريرها، ويحسب له أيضا نجاحه في إصدار «دليل الفنانين» بأجزائه الثلاث عام 1983.
مجال التمثيل
شارك محمود الطوخي بالتمثيل فى بعض الأعمال الفنية ومن بينها: فيلم «أيام فى لندن» من إنتاج بريطانى سورى مشترك 1973، مسرحية «مصنع الشيكولاتة» عام 1978، مسلسل «نهاية العالم ليست غدا» 1983، فيلم «مقص عم قنديل» 1985.
مجال الإخراج
قدم محمود الطوخي من إخراجه بمسارح المحترفين عرضًا واحدًا وهو «بكره» عام 1994، من إنتاج فرقة مسرح الغد، وبطولة كمال أبو رية، ألفت إمام، علي عزب، وأمينة سالم
مبدعا في عالم الكتابة
وتصنف إبداعات محمود الطوخي الأدبية والفنية في مجال الدراما إلى ثلاثة أقسام:
- للدراما التليفزيونية ومنها مسلسلات: «افتح يا سمسم، خيانة، رجل طموح، حكايات زوج معاصر، عيب يا دكتور، أيام الحب والشقاوة، المهنة طبيب، بنات × بنات، لو كنت القاضى» .
- و التمثيليات والسهرات التليفزيونية: «طلقة في الظلام، كل هذا الحب، صفحة من كتاب الحب، صورة تذكارية، دليل إثبات، حفل الزفاف، أيام الطفولة، الحب في امتحان، الحب وأحكامه» .
- والكتابة السينمائية: تضمنت إسهاماته الإبداعية أيضا كتابة قصص وحوار وسيناريوهات بعض الأفلام ومن بينها: «الأوباش» من إخراج أحمد فؤاد (1986)، حقد امرأة من إخراج نادية حمزة (1987)، شغل أراجوزات ولم يصور بعد (2011).
التأليف المسرحي
قدم محمود الطوخي العديد المسرحيات على خشبات المسارح ومنها
فرق مسارح الدولة
- «الكوميدي» : ليلة مجنونة جدا (1987)، أنا والبنت حبيبتي (1999).
- «الغد» : بكره (1994).
- «الأسكندرية» : بيرم بيرم (2012).
- «الحديث» : غيبوبة (2015).
فرق القطاع الخاص
- «الصقر» (إبراهيم حافظ): حظ نواعم (1995).
- «مسرح الفن» : دستور يا أسيادنا (1995)، دنيا أراجوزات (2011).
- «التليفزيون» : الجميلة والأندال (2004).
- «مسرحيات مصورة» : الطلاينة وصلوا (1995)،
وشارك بإخراج المسرحيات السابقة بمجال الاحتراف: جلال الشرقاوي، فهمي الخولي، محمد أبو داود، رزيق البهنساوي، شادي سرور، محمود الطوخي، محمد مرسي.
- مسرحيات حكاية شعب كويس (2008)، كان فيه واحدة ست (2010)، أبو شامة (2012).
وبخلاف المسرحيات السابة تتضمن قائمة إنتاجمحمود الطوخي أيضا بعض المسرحيات الأخرى ومنها:
مسرحية «ما تقتلوش السينما» التي قدمت بافتتاح مهرجان الأسكندرية السينمائيعام 2014 وشارك فيها النجم الراحل نور الشريف، ومسرحية «مش بين السما والأرض» التي قام بانتاجها صندوق التنمية الثقافية عام 2014.
محمود الطوخي مترجمًا
وقام محمود الطوخي بترجمة بعض النصوص الأجنبية ومنها مسرحية: حاكم على الجسر للكاتب التركي ناظم حكمت.
مع المبدعين ونجوم الفن المصري
شارك محمود الطوخي نخبة متميزة من كبار الفنانين في تجسيد شخصياته الدرامية التي أبدعها فى أعماله الفنية ومنهم: «عزت العلايلى، محمود عبد العزيز، يحيى الفخرانى، رشوان توفيق، محمود الحدينى، سعيد صالح، محمود الجندى، جمال إسماعيل، عبد العزيز مخيون، نبيل الحلفاوى، أحمد خليل، عبد الله فرغلى، أسامة عباس، أحمد راتب، نجاح الموجى، أحمد بدير، ممدوح وافى، سعيد عبد الغنى، رياض الخولى، ممدوح عبد العليم، هشام سليم، أحمد السقا، خالد صالح، محمود حميدة، خالد النبوى، خليل مرسى، أحمد فؤاد سليم، سامى مغاورى، عبد الله محمود، أشرف عبد الباقى، شريف منير، وائل نور، هشام عبد الحميد، ومن الفنانات: ميرفت أمين، سميرة عبد العزيز، عايدة عبد العزيز، خيرية أحمد، ماجدة الخطيب، رجاء الجداوى، دلال عبد العزيز، سوسن بدر، بوسى، سعاد نصر، شيرين، مشيرة إسماعيل، لوسى، هالة فؤاد، حنان ترك، نيرمين الفقى، رانيا فريد شوقى، رانيا يوسف.
تكريم وجوائز
توجت المسيرة الأدبية والفنية العطرة للمبدع محمود الطوخي بالعديد من مظاهر التكريم أهمها عدد من الجوائز بالمسابقات ومنها:
المركز الأول على جامعات مصر بمسرحية «بكره» التي قدمتها جامعة عين شمس عام 1994، جائزة أحسن مؤلف مسرحى بالمهرجان القومى للمسرح المصري للدورة الثالثة عام 2008 عن مسرحيته الشهيرة « دستور يا أسيادنا» ، رغم تقديمها من خلال مجموعة من الهواة السكندريين، بجائزة أحسن عرض عن مسرحية «حكاية شعب كويس» (الشعب لما يفلسع) التي قدمتها كلية الحقوق بجامعة الإسكندرية عام 2007،
جائزة المركز الثانى بنفس المسرحية حينما قدمتها فرقة المصرية للاتصالات، بمسابقة الشركات عام 2008، وكذلك حصوله على جائزة أفضل عرض في مسابقة الشركات المصرية عن مسرحية «أبو شامة» عام 2012.
كرم محمود الطوخي كمؤلف بعدد من المهرجانات المسرحية ومنها: المهرجان السادس للمسرح العربي، الذي تنظمه الجمعية المصرية لهواة المسرح عام 2007، مهرجان الضحك بوزارة الثقافة 2010
وشارك بعضوية بعض لجان التحكيم في عدد من المهرجانات المسرحية ومنها : المهرجان القومي للمسرح المصري دورة عام 2010، ومهرجان مسرح بلا إنتاج الدورة السادسة الدولية نوفمبر 2014.
- جائزة الكتاب الأفضل باللغة العربية فى فرع المسرح، بمعرض القاهرة الدولى للكتاب عام 2015 ، عن ثلاث مسرحيات مصرية وهي: بكرة، كان فيه واحدة ست، غيبوبة»، وكذلك جائزة أحسن كاتب بمهرجان همسة عام 2015.
رحل وأثر كبير باق
رحل محمود الطوخي الكاتب المبدع ورجل المسرح رحل عن عالمنا في 13 مايو عام 2020 بعد رحلة طولة ومميزة ومتفردة لها أثر كبير باق امتدت لعقود أسعد الكثير والكثير من جمهور الفن والمصري والعربي.