السبت 27 ابريل 2024

فلاسفة الإسلام| الكندي الذي أثبت وجود قمر ثان يحيط بالأرض ( 11_30)

العالم المسلم الكندي

ثقافة21-3-2024 | 18:46

إسلام علي

تعد الفلسفة الإسلامية من أرقى أنواع العلوم الإنسانية، حيث تعتبر بوابة لفهم حقائق غير ظاهرة في مختلف الميادين العلمية، ويعتبر الفلاسفة المسلمون «الفلسفة» هي العلم الذي تميز به الأنبياء للوصول إلى مرحلة اليقين في المعرفة الإلهية  وقام علماء الفلسفة المسلمون بتوظيف قوانين الفلسفة في استكشاف حقائق الأمور في جميع ميادين المعرفة.
 
ونقدم  خلال 30 يومًا من شهر رمضان 1445 هجرية،  سنعرض إسهامات هؤلاء الفلاسفة في ميدان الفلسفة وتوضيح كيفية ربطها بالعلوم الأخرى، في رحلة مع أبرز علماء الفلسفة في  تاريخ الحضارة الإسلامية

 

و اليوم نلتقي مع الكندي، الفيلسوف الذي اشتهر بفلسفته عن علم الفلك والوجود وصاغ نظريات أثارت الجدل حتى بعد وفاته

 

قام الكندي بتأليف أول الكتب في المجال السياسي في الحضارة الإسلامية، " وكان عالم متعدد المواهب،  كتب في الفلسفة والطب والموسيقى والرياضيات. 
ولد الكندي بالكوفة " العراق " عام 185 هجريا . 


وتحدث الكندي في نظريات فلسفية أثارت الجدل حوله بسبب كونه أول فلاسفة الإسلام و كان من أهمها، 


نظرية المعرفة 


ادرك الكندي أن لإدراك المعرفة طريقين، الأول منهما هو الحواس الخارجية التي تستقبل المعلومات ثم تنقلها إلى العقل، و نقد طريقه فحص النظريات والظواهر عن طريق الحواس الخارجية، إذ أن الظواهر في عالمنا المادي متغيرة، لذلك يجب أن نرجعها إلى مصدرها، وقصد من المصدر أن القوانين هي التي أنشأت العالم المادي، وهي المصدر والأصل، ولا يمكن تحصيلها إلا عن طريق المعرفة العقلية، فيبقى الإنسان سجينا للعالم المادي وقوانينه التقليدية والمتجمدة  إذا لم يلجأ إلى العقل في تفسير الظواهر. 

 

ولإجل الوصول إلى النظريات العلمية المؤكدة، يؤكد الكندي أن هناك عقلا فعالا “ يقع خارج العوالم المادية “  يساعد الإنسان على إنارة عقله للوصول إلى المعارف التي يريدها في طريق بحثه عن خالقه.

 


نظرية الوجود "كيف خلق الكون": 

 

وبصفة أن الكندي أول فلاسفة الإسلام، فكان علينا معرفة أولى النظريات الفلسفية الإسلامية في خلق الأكوان، فالعالم بالنسبة للكندي هو قسمان، عالم المثل وهو عالم يصدر منه قوانين جميع العوالم المادية أسفله،  ويصنف عند الكندي بأنه عالم يحتوي على كل الأشياء المتواجدة في العالم المادي ولكن بنسب مثالية "الجنة في المنظور الديني". على الجانب الآخر، يوجد عالم الأجسام وهو عالمنا الذي يتميز بالقوانين غير الثابتة التي تتغير باستمرار بفعل توجيهات عالم المثل أعلاه، وترجع هذه الافكار إلى الفلسفة اليونانية، فكان تأثير أفلاطون عليه واضحا في شرحه لعالم المثل مثل غيره من العلماء والفلاسفة المسلمين من بعده، فضلا عن تأثير أرسطو، إذ أخذ منه نظرية العقل الفعال الذي يساعد الإنسان في رحلته الروحية والوصول إلى الاندماج مع عالم المثل. ولا ننسى تأثير الدين الإسلامي عليه، فجمع الكندي بين الدين الإسلامي والفلسفة اليونانية ووفق بينهما. 

 

نظرية الموسيقى: 

 

اعتبر الكندي الموسيقى بأنها علمٌ رياضي يسير طبقا لقوانين ثابتة، وعن طريق هذه القوانين يؤثر بها الكندي على الجانب النفسي والجسدي، فعلم الكندي من خلال تبحره في الرياضيات والموسيقى أن هناك نسبة رياضية محددة تستخدم في الموسيقى لأجل الشفاء وعلاج الصدمات النفسية، وأيقن أيضاً أن هناك نسبة أخرى تؤثر سلبا على أعضاء الجسد وتسبب له الإعياء والتكاسل.، وبذلك اعتبر الكندي مؤسس الموسيقى العربية. 

 

نظرياته في علم الفلك: 

 

اعتبر الكندي أن حركة الكواكب كانت دائرية، فضلا عن إثباته عن كروية الأرض بتقديم أدلة علمية، ومن المثير للجدل أن الكندي في كتابه "رسائل الكندي في علم الفلك" تحدث عن قمر ثانٍ لكوكب الأرض وحدث ذلك الاكتشاف عن  ليس فقط في الاتجاه الفلكي بل في الاتجاه الفلسفي أيضا وهو المفقود في علم الفلك المعاصر، و وصف الكندي حالة هذا القمر بأنه أصغر حجما من القمر الذي نراه بالإضافة إلى أنه يدور في مدار مختلف، ولا يمكننا رؤيته بالعين المجردة. 

 

نظرية تأثير الكواكب على الإنسان

 

إن نظرية التأثيرات الخاصة بعلم الفلك على أحوال الإنسان، و تختلف تماماً عن علم التنجيم، فتبحر الكندي في تأثيرات الكواكب على الصحة النفسية والعقلية، فضلا عن المشاعر والأحاسيس للإنسان، وأكد على أن لكل شخص طبيعة خاصة يستقبل التأثير من كوكب محدد يختلف عن الأفراد الآخرين المحيطين به، فضلا عن فكرته الإبداعية في استخدام علم الفلك في التأثير على الصحة العقلية للإنسان، وقد حدد الكندي كل كوكب من الكواكب وتأثيره المباشر في عقل المستقبل "الإنسان". 

 

 

العلماء الغرب وتأثرهم بأفكار الكندي

 

يجل علماء الحضارة الأوروبية أبحاث الكندي وكان من بينهم كوبرنيكوس الذي أشار في أبحاثه إلى الكندي واستفادته من رسائله العلمية في علم الفلك، وعلى الجانب الآخر، تأثر دافينشي و جاليليو بأفكار الكندي في علوم الهندسة والجبر وعلم البصريات، وتأثر جيرولامو كاردانو بالكندي في علم حساب المثلثات، والمثير للدهشة هو تأثر العديد من العلماء في كافة المجالات والعلوم بفرد واحد دون غيره. 

 

توفي الكندي في عام 259 هجريا عن عمر يناهز ال 68 عاما في بغداد.

Dr.Randa
Dr.Radwa