يزعم بعض الناس، أن الإنسان إذا كان على طعام وسمع آذان الفجر، فإنه يتمه حتى يشبع، أو كان يريد الشرب، والكأس في يده، فإنه يشرب حتى يرتوي.. فهل هذا صحيح؟
وبحسب ما ورد في كتب الفقه، أن بمجرد الأذان يصير الإنسان متلبساً بالصيام، فيحرم عليه الطعام، والشراب، وكل مناف للصيام مما يجب الإمساك عنه، وهذا مذهب جميع الفقهاء.
واستشهد الفقهاء بما ورد في السنة عن عائشة وابن عمر من قول النبي-صلى الله عليه وسلم-:"إن بلالاً يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم". وما رواه النسائي:"إذا أذن ابن مكتوم فلا تأكلوا ولاتشربوا، وإذا أذن بلال فكلوا واشربوا".
فالأحاديث صحيحة صريحة في وجوب الامتناع عن الطعام بسماع النداء للصلاة، فإذا سمع الصائم الأذان، وجب عليه أن يترك طعامه وشرابه، فإن استمر في طعامه وهو مفطر.
وإن كان في فمه لقمة طعام، فإنه لايجوز له أن يبتلعها، أوجرعة ماء فإنه لايجوز له أن يسيغها، يل يجب عليه أن يقذفها، وإلا كان مفطراً.
ماذا عن قول النبي:"إذا سمع أحدكم النداء، والإناء على يده، فلايدعه حتى يقضي حاجته"؟
وجاء في كتب الفقه، أن البيهقي قال عقب روايته:"وهذا إن صح محمول عند عوام أهل العلم، على أن صلى الله عليه وسلم علم أنه ينادي قبل طلوع الفجر، بحيث يقع شربه قبيل طلوع الفجر، ليكون موافقاً لحديث عائشة وابن عمر، رضي الله عنهم"، متابعاً:"وعلى هذا تتفق الأخبار".
وهذا الذي قال البيهقي، هو الذي فهمه من قبله، وأقره عليه من أتى بعده، وهو الذي اتفق عليه أهل العلم لصحة الأحاديث السابقة وصراحتها في أن الطعام لايجوز بعد المناداة والأذان للفجر، بحسب ما أوردته كتب الفقه.
ما حكم الأكل والشرب بعد إطلاق مدفع الإمساك؟
وقد أجاب الأزهر عن ذلك فقال: فمن المعلوم شرعًا أن وقت وجوب الصوم يبدأ بطلوع الفجر الصادق، فيجب حينئذ الإمساك عن المفطرات، أما مدفع الإمساك الذي تعارف عليه الناس فهو تنبيه لاقتراب وقت الفجر؛ ومن ثمَّ فلا يترتب عليه حكم شرعيّ؛ لأن وقت الصوم يبدأ بطلوع الفجر الصادق، والنبي ﷺ أرشد صحابته إلى ذلك فقال: «كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَإِنَّهُ لاَ يُؤَذِّنُ حَتَّى يَطْلُعَ الفَجْرُ». [أخرجه البخاري].
وعليه؛ فلا بأس بأن يأكل الإنسانُ أو يشربَ بعد إطلاق مدفع الإمساك وقبل آذان الفجر.