حققت روجينا بمسلسلها "سر إلهي" مالم تحققه من قبل، حيث ثبتت أقدامها على عرش البطولة المطلقة ، للمرة الثالثة، لتؤكد للجمهور والنقاد أن "الثالثة ثابتة"، ولا شىء آخر .
فلا يمكن لهذه الممثلة "الشاطرة" بكل ما لديها من هذا الحضور والامكانات أن تتراجع ، وإنما في كل موسم درامي تفاجئنا بأنها تنطلق في خطوات سباقة للأمام.
في "سر الهى" تنجح روجينا في الجمع بين الخيوط الدقيقة لاحترافها التمثيل وبين توظيف طاقتها المميزة من الموهبة والابداع ، انها تفرض اسلوبها الخاص على كل مشهد درامي تقدمه بعيدا عن الأداء لمجرد الأداء .
لكن ما يعجبني في شخصية روجينا الفنية من خلال هذا العمل هو قدرتها على منح البطولة المطلقة ذلك التشكيل الفني البارع بخطوطه العريضة وامكاناته الواضحة ، فلا تشتت ولا ارتباك ، وإنما اهتمام بكل التفاصيل وثقة وحرص على الوقوف على أرض صلبة بارادة فنية واعية وحب كامل لفنها ، فالحب هو سر روجينا الالهى والذي يمنحها القدرة على العطاء .
واعتقد أن روجينا لم تصل إلى هذه المكانة المميزة من فراغ ولكن من خلال خبرة فنية وورق جيد، وفريق عمل متكامل ، لديه رغبة ملحة في تأكيد الذات بدءا من المؤلف أمين جمال والمخرج رءوف عبد العزيز والذي يشكل مع روجينا ثنائي فني لا يراهن إلا على النجاح .
في "سر الهى" تقدم روجينا شخصية "نصرة" المرأة المطحونة المغلوبة على أمرها والتى تتجرع الظلم ، وتعانى من طعنات المحيطين بها لكنها تتحول مع رغبة عارمة في الانتقام، كل ذلك
في تجسيد فنى، وأداء تلقائي يكشف عن عمق وخبرة تمثيلية متراكمة.
والأمثلة من مشاهد العمل كثيرة ، لكن يحضرني مشهد دفن البطلة لابنتها في المسلسل، حيث تنطق عيون الممثلة ويبوح تعبير وجهها بما يعتصره قلبها من الألم ، كل ذلك بدون صراخ ولا صخب ، وانما تمثيل راق ، وأداء عميق وتركيز عال.
مع مسلسل "سر الهي" وما سبقه من أعمال قدمتها الفنانة خلال المواسم الماضية يمكن أن نقول أن لروجينا مشروع درامي محدد له ، يتميز بتقديم أعمال ذات رؤية اجتماعية انسانية حية، تركز على شخصية المرأة في تنوعها وتحولاتها ، دفاعا عن وجودها ، وهى رؤية تتوافق مع شخصية الممثلة وقناعاتها ، وتنم عن فهم اكيد لما تريد أن تقدمه وتضيفه إلى مسيرة الدراما المصرية.