الأحد 28 ابريل 2024

صلة رحم

مقالات24-3-2024 | 17:53

هل كان من الضروري أن يموت الزوجان في نهاية المسلسل؟

سؤال يتبادر لذهنك كمتفرج وانت تشاهد الحلقة الأخيرة من مسلسل (صلة رحم) والتي من حسن التنظيم كانت الحلقة الخامسة عشر فقط، وهذا سمح للمؤلف الموهوب محمد هشام عبية أن يعتمد فكرة التكثيف الدرامي بابتعاده عن المط بمشاهد وأحداث لا ضرورة لها.

فالمسلسل من عنوانه يحيل إلى فكرة القرابة بوجود كلمة (رحم) التي تدقق وتؤكد معنى الكلمة الأولى (صلة) فليست أي صلة أو أي نوع من التواصل صداقة أو زمالة أو جيرة أو غيرها من أنواع الصلات بين البشر بل هي صلة رحم أخوة أبوة أمومة، أعمام أخوال جدود، وتلك العلاقات هي مصدر هام من مصادر الدراما التي محورها دائما الإنسان وعلاقاته سلبا وإيجابا.

  سيناريو المسلسل للمؤلف محمد هشام عبية – كما جاء في تترات المسلسل – الفكرة لأحمد أبوزيد وشارك في تطوير الحلقات علاء عزمي والعمل عن كتاب حمل عنوان (حكايات الإجهاض)  للكاتبة غدير أحمد، قدموا لنا فكرة قديمة بثوب جديد، فالإجهاض بأنواعه، منه لأسباب طبية أو صحية أو إنسانية هو موضوع درامي بالأساس فالأم لديها كيان داخلها ينمو مع الشهور التسع وتنمو معه أحلام وأمال عندها وعند الأب وعند دوائرهم الاجتماعية من أقارب وأصدقاء وهذا مستوى عميق وجميل من صلات الرحم. وعدم وجود تلك الصلات بإنجاب طفل ينهي ويفتت الكثير من صلات الرحم بالانفصال أو الابتعاد، كما نجد حولنا في علاقات كثيرة.

 من هذا المنطلق يرتكز البناء الدرامي للمسلسل، فالزوج دكتور حسام وزوجته دكتورة ليلى يسعيان للإنجاب وتثبيت علاقتهما العاطفية بإنجاب طفل صغير لكن الظروف لا توافق هواهما، ولأن الزوج كان هو السبب في حرمان زوجته فإنه يسعى إلى تحقيق حلمها عبر تأجير رحم لفتاة فقيرة هي حنان  وتشتبك ظروف الأم البديلة حنان مع ظروف حسام وليلى في مواقف إنسانية متعددة يتعاملون معها بحذر وأمل، بعد أن جمعت بينهم صلة الرحم  عبر هذا الطفل المرتقب.

وفي جانب أخر هناك أشخاص في محيطهم يقطعون صلة الرحم من خلال  طبيب متخصص يقوم بعمليات إجهاض وممرضة مستفيدة ماديا، وفتيات خاطئات وساقطات يقعن في أخطأ جنسية وهربا من هجوم وعقاب المجتمع يلجأن للطبيب للتخلص من أجنة ما زالت عالقة في أرحمهن  فلا تكتمل وتسقط، بين دموع الفتاة التى تحرم نفسها من الأمومة المتوقعة.

الموقف يحمل الكثير من عناصر الدراما والصراع، نفسي وعاطفي وقانوني ونجح في ربط المشاهد مع الفكرة وتتبع مصير الشخصيات في صورة من صور(صلة الرحم) بديعة، فكل منا شعر أن ليلى الطيبية المثقفة هي أخته لكن بشكل أهدأ من أخيها في الأحداث الدور أداه الممثل (عابد عناني) باقتدار، والمشاهد تمنى نجاح مسعى حسام في ميلاد طفل يسعده ليكمل حياته مع زوجته الجميلة ليلى التي يحبها ويسعى لتعويضها عن الخطأ الغير مقصود منه في حرمانها من الإنجاب، كما تعاطف المشاهد مع حنان الفتاة الطيبة المنكسرة والتي ظلمتها ظروف حياتها كما حكت للمحامية "مديحة " ريم حجاب ، في مشهد من أجمل مشاهد المسلسل ولم يتركنا إلا ونحن نتمنى لحنان الأمان والسلامة من زوج طاغ وظروف قاهرة.

 يعتمد العمل على ثلاثية شهيرة الزوج والزوجة والعشيقة لكنه طور دور العشيقة إلى الصديقة أو المنقذة من المأزق أي شخصية حنان، وهو تطور جاء في صالح الأحداث فقد أحبابنا الثلاثة وتعاطفنا معهم ولذا يبقى السؤال الذي بدأت به هذا المقال حول النهاية وهي قتل الزوجان دكتور حسام والعامل فرج زوج حنان السابق بعضهما في معركة كان من الممكن أن لا تحدث ولا ضرورة درامية لها تماما . فقد وصل حسام إلى هدفه في الحصول على طفل سوف يعيش به بسعادة مع زوجته ليلى، ووصل فرج لتعلم درس في الحياة بعد السجن والتعب في أن يبتعد عن المشاكل، فكان يسعى للتصالح مع الحياة والتماس السماح من حنان ليستأنف حياته الزوجية معها، فلماذا ياعبية قدمت هذه النهاية؟ ميلودراما لا ضرورة لها أولا، وثانيا خرجت بالأحداث.

من جانبها الإنساني الذي ربط به المشاهد منذ البداية وثالثا وهذا ما جاء من في تعليفات الجمهور حول مصير هذا الطفل والدراما لا يجب أن تثير أسئلة بلا إجابات في النهاية. ورابعا وتلك فكرة شديدة الأهمية أنك تجاهلت مبدأ هام وهو العدالة أي أن تكافئه كل شخصية بما تستحق في النهاية، فهل تم ذلك؟ بالعكس لقد سعى حسام وليلى للسعادة وسعى فرج للتوبة والطريق القويم وسعت حنان للاستقرار والأمان في كنف زوج تائب وعبرت عن هذا في أخركلماتها عن فرج ، الحقيقة لقد استحق الأربعة المكافأة بالسعادة في النهاية وليس العقاب والموت، لقد قدمت فكرة قديمة في ثوب جديد كان يجب أن تستمر للنهاية وتحيد عنه يا عبية .

بقى الإشادة بالمستوى الفني للمسلسل بدأ من أغنية التتر الهادئة المؤثرة لصوت جميل كان مفاجأة لي صوت محمد عدوية وللملحن إيهاب عبد الواحد والشاعر محمود فاروق.

ومستوى التمثيل مميز من أكبر لأصغر دور محمد جمعة مميز في دور الطبيب المخطئ لكنه صاحب منطق و هبة عبد الغني لا يمكن تصور غيرها في دور "أبلة سهام" الممرضة المقهورة من زوج مدعي ومن أزمة اقتصادية دائمة، إعادة اكتشاف صفاء جلال في دور"أبلة ميرفت "

محمد السويسي ممثل هادئ لأدوار تعج بالمشاعر الصاخبة، إياد نصار في حالة مميزة تذكرنا بدوره في "الجماعة" لكن عمره كان أكبر من الدور، يبقى مكسبنا الجميلات يسرا اللوزي دور جديد قدمته بجدية وتألق يعد بداية مرحلة جديدة سوف تنطلق بها لأدوار أهم قادمة.

أسماء تؤكد موهبة عملت على تطويرها نظرة عينيها، إحساس مرهف بالشخصية يتجلى في صوتها وتعبيرات وجهها، ولا شك أن المخرج تامر نادي حافظ على تفاصيل كثيرة وإيقاع كان من أهم عناصر النجاح، بقي لدي إحساس بالمكان فلم تكن الاختيارات في أفضل حالة لا المشاهد الداخلية ولا الخارجية ربما يعود هذا للتصوير خارج القاهرة. 

Dr.Randa
Dr.Radwa