تخطو الفتاة السعودية بتميز في ميدان العلوم والابتكار مستندة على قاعدة تعليمية تستشرفُ بناء الأجيال عبر برامج أكاديمية ومهنية متخصصة، ومسارات نوعية للمبتعثات في أرقى المراكز والجامعات العالمية، نتاجها فكر متّقد مبدع يسهم بعطائه في خدمة الوطن والبشرية، لا سيما مع الثورة التقنية التي يعيشها العالم.
وأوضحت وكالة الأنباء السعودية - في نشرتها النسوية اليوم /الجمعة/ - أنه برؤية أكاديمية ترتكز على مستهدفات رؤية المملكة 2030 وازنت المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني بين تلبية قدرات بنات الوطن ومتطلبات المرحلة الحديثة، وعدتها شريكاً علمياً منتجاً إلى جانب شقيقها الرجل، مستظلة بكاملة حقوقها وبتشريعات ممكنة فأبهرت من موقع تدريبها بمختلف الكليات والمعاهد بسخاء فكرها اليانع قياساً بعمر لم يتجاوز العقدين، وسجلت في ميادين التنافس المعتبرة دولياً، حضوراً متألقاً توج بحصدها العديد من المراكز المتقدمة.
واتسعت دائرة نتاج مشاركة السعوديات في المجالين العلمي والابتكاري، الذي لم يكن طارئاً على المشهد العلمي وإنما جاء امتداداً لنماذج وطنية أسهمت في خدمة البشرية وارتقت لمراحل مقدمة وصلت إلى ذروة سنام التخصصات العلمية الدقيقة ومستحدثات التقنية، بل تمكنت من الريادة، واحتكرت فتيات التعليم التقني خلال السنوات الماضية الأسبقية والأولوية خلال حضورها ومشاركاتها في المحافل العلمية العالمية، إذ بات من البديهي والمسلم به أن يأتي اسم بلدها (المملكة العربية السعودية) على رأس قائمة المتوجين، أو ضمن أهم المرشحين لنيل الجائزة.
وجدارة الفتاة السعودية المبتكرة وتفوقها على نظيراتها، تحكيه بعضٌ من النماذج المشرفة والملهمة لغيرها، على غرار المبتكرة منار بنت عبدالهادي الغانم، المتخصصة في البرمجة وتقنية تطوير الويب، عندما مثلت السعودية من خلال الكلية التقنية الرقمية بالأحساء، في معرض سنغافورة الدولي للاختراعات والابتكارات والتقنية بسنغافورة Worldinvent Singapore خلال سبتمبر 2023 الماضي حيث توّجت بالميدالية الذهبية وجائزة خاصة من مركز تايلند الوطني للأبحاث، عن ابتكارها نظام يعمل على تصميم خطط سياحية وخط سير متكامل للرحلة بناء على تفضيلات وميزانية العميل من خلال جمع البيانات وتحليلها بالذكاء الاصطناعي وتقديم خطة شاملة لجميع الأماكن التي يحتاجها العميل وإبراز المعالم السياحية للوجهة المقصودة.
وجاءت المبتكرة السعودية ملاذ بنت سليمان الدهيش، كأنموذج للفتاة السعودية ذات الحضور المشرف دولياً، وذلك عندما شاركت مرشحة من الكلية التقنية ببريدة عن ابتكارها "الجبيرة الذكية" بنظام ثلاثي الأبعاد، مرتبط بحساسات لقياس الرطوبة ودرجة الحرارة لحماية المرضى المصابين بالغرغرينا، إذ تقوم المجسات بإرسال البيانات إلى أجهزة القراءة ومنها الهاتف المحمول، ونالت عن هذا الابتكار في المعرض الدولي للاختراعات والابتكارات والتقنية Malaysia Technology Expo فبراير الماضي 2024 م.
وفي المحفل الدولي ذاته توّجت المتدربة بالكلية التقنية الرقمية للبنات بالرياض شهد سليمان عجيبي، بالميدالية الفضية عن ابتكار "طائرة درون تعمل بالذكاء الاصطناعي Al-Based TerraSight Drone" لتقييم الأضرار بعد الحوادث الطبيعية، عن طريق كاميرا مدمجة عالية الدقة تتعامل مع حالات الحرائق، السيول، الزلازل، والأعاصير، وبعد الرصد يجرى عبر منصة تعمل بتقنيات الذكاء الاصطناعي تصنيف الخطر، ومكان وتاريخ وقوعه ونوعية الأضرار.
ويعزز هذا الابتكار من جهود الجهات العاملة في مجالات الحماية المدنية والإنقاذ والتنبؤ بحالات الطقس والمناخ، كذلك فرق المساعدات الإنسانية والمناخ من تلقى المعلومات والاستفادة منها في التخطيط والتنفيذ.
ويحضر اسم المبتكرة السعودية دانة إبراهيم ليُروى بوصفه قصة أخرى وأنموذجاً جديداً يؤكد قدرة الفتاة السعودية بكل ثقة على الذهاب بعيداً نحو تحقيق المستحيل، وتصدّر قوائم المبدعين حول العالم، وكتابة اسمها في صفحات تاريخ العلم والعلوم المتضمن ابتكارات أسهمت في خدمة البشرية، وتحسين جودة حياة الإنسان، في مختلف بقاع الدنيا، وذلك عندما استقلت الطالبة في مؤسسة التدريب الفني والمهني دانة إبراهيم الطائرة المتجهة إلى سنغافورة للمشاركة وتمثيل وطنها في معرض سنغافورة الدولي للابتكارات والاختراعات، متسلحةً بتخصصها في تقنيه الدعم الفني، الذي مكّنها من ابتكار عصاً إلكترونية تساعد الأطفال المصابين بالتوحد في الرسم، وأسمته بـ “magic move”، تُوّجت عنه بالميدالية الذهبية وجائزة أفضل اختراع من مركز تايلند الوطني للأبحاث.
ومبدعةٌ أخرى وأنموذج آخر مشرف من فتيات الوطن، الطالبة في الكلية التقنية الرقمية للبنات بالرياض، المبتكرة دانه بنت رشيد السكران، المتوجة بالميدالية الفضية إبّان مشاركتها في ذات المعرض الدولي بسنغافورة، عن ابتكارها المتمثل في جهاز قياس جودة الهواء، مدونةً بذلك قصة نجاح تُروى بفخرٍ.
ومن أحضان ينابيع وبساتين محافظة الأحساء، يفوح عطراً ونقاءً اسم الطالبة بالكلية التقنية الرقمية المبتكرة روان بنت هاني الزين، كزهرة أحسائية تنضم لزهور أخرى من بنات الوطن، تزكي العالم عطراً أخاذاً، وتمثل أيقونةً وبرهاناً لحقيقة أن المملكة بمختلف مناطقها ومحافظاتها غنية بمبدعاتٍ لا يؤمن بالمستحيل، مستمداتٍ عزيمتهن وإصرارهن على التفرّد والريادة من دعمٍ ما فتئت تقدمه لهن القيادة الرشيدة – حفظها الله -، ومواكبة ذلك الدعم بابتكارات طالما نالت إعجاب العالم وثنائه واحترامه ومكافأته، وهو الأمر ذاته الذي شهد به الخبراء والمحكمين في معرض MTE بماليزيا، عند منحهم المبتكرة روان الزين المركز الثاني والميدالية الفضية عن ابتكارها المتمثل في مشروعٍ تقني عالجت به عيوب ومشكلات، الطرق التقليدية اليدوية لفرز شوائب البن، المتمثلة في المدد الزمنية الطويلة في عمليات الفرز، وتواضع الفاعلية والدقة في فرز تلك شوائب، وذلك عبر توظيف واستخدام تقنية الذكاء الاصطناعي للكشف عن الشوائب في حبوب البن، الذي يضمن وبشكلٍ كبير تقليص وقت تنفيذ عملية الفرز، وتوافر الدقة الكبيرة والفاعلية في عملية عزل الشوائب.
كل ذلك يوجز بأن الفتاة السعودية في مجال التقنية مع حداثة سنها استطاعت باقتدار خوض العديد من التجارب في مختلف المجالات، كانت الجودة والتميز صفتين حاضرتين دائماً فيما تقدمه في مختلف المحافل الدولية، وما انفكت تمثل وطنها خير تمثيل، مواكبةً طموحات وتطلعات القيادة الرشيدة التي طالما راهنت على قدرة شباب الوطن من الجنسين في الوصول ببلادهم لمكانة أعلى وأفضل على جميع الأصعدة، وفي مختلف المناسبات العالمية، بل إن قيادة المملكة تبني وتستثمر في قدرات أبناء وبنات الوطن، فهيأت لهم البيئات المناسبة ليطلقوا العنان لأفكارهم وتجسيدها على الواقع.