نفى مصدر مسؤول في الاتحاد الأوروبي أن تكون خطة الاتحاد الأوروبي التي اعتمدها مؤخرا لتنويع إمداداته من المواد الخام الحيوية تستهدف الصين، فيما يمكن اعتباره محاولة لتخفيف العلاقات المتوترة بشكل متزايد بين بكين وبروكسل.

وأكد المصدر - في تصريح لمنصة /يوراكتيف/ الإعلامية - أن قانون المواد الخام الحيوية (CRMA)، الذي اعتمده البرلمان الأوروبي والمجلس الأسبوع الماضي، يهدف "ببساطة إلى تنويع مصادر التوريد".

وأضاف: "أعتقد أنه من المهم للغاية أن نلاحظ أن الأمر لا يتعلق باستعداء الصين وسنواصل شراء الكثير من المواد من الصين وسنكون سعداء للغاية إذا واصلت الصين تنميتها الاقتصادية من خلال بيع المواد لنا."

واستطرد قائلا:" نريد فقط ألا نعتمد بنسبة 99% على المعادن الأرضية النادرة الصينية كما لا نريد أن نعتمد بنسبة 71% على البلاتين من جنوب أفريقيا أو 90% على البورون من تركيا. 

وردد نائب رئيس المفوضية فالديس دومبروفسكيس تصريحات هذا المصدر، موضحا أن "التدفقات التجارية للمواد الخام الحيوية مركزة للغاية". مضيفا قائلا:" بما أننا سنواصل الاعتماد على الواردات، فإننا بحاجة إلى التنويع بشكل كبير".

وتأتي تعليقات المفوض وسط مخاوف بشأن هيمنة الصين على سوق المواد الخام الحيوية، خاصة في مرحلة المعالجة.وتقوم الصين حاليا بتكرير ما يقرب من 60% من الليثيوم الموجود في العالم، وهو عنصر أساسي لإنتاج بطاريات الهواتف المحمولة والسيارات الكهربائية.

وتتم معالجة أكثر من نصف المنجنيز والكوبالت على مستوى العالم في الصين، ويتم تكرير 90% من العناصر الأرضية النادرة هناك، وهي فئة تتألف من 17 عنصراً يعتمد الاتحاد الأوروبي بشكل كامل على الواردات.ويسعى الاتحاد الأوروبي جاهدا إلى تعزيز وتنويع أمنه الاقتصادي بهدف تحقيق الاستقلال الاستراتيجي، وأشار الخبراء إلى أن صناع السياسات يمكنهم استلهام استراتيجيات بكين. 

وقال بيتر توم جونز، مدير معهد المعادن والمعادن المستدامة (SIM²) بجامعة /KU Leuven/، إنه يجب على الاتحاد الأوروبي أن يحذو حذو الصين لأن هناك الكثير لنتعلمه.

و تابع قائلا:" نحن لسنا الصين. لكنني أعتقد أنه يمكننا أن نتعلم الكثير من الصينيين، لأن لديهم استراتيجية رائعة و لديهم رؤية طويلة المدى و استراتيجية متكاملة رأسيا تماما، بدءا من منتجاتي وحتى منتجات التكنولوجيا النظيفة النهائية ولا توجد صوامع في هذا النظام"، مشيرا إلى أنه على العكس من ذلك، فإن سلسلة التوريد الأوروبية مجزأة للغاية.

وأوضح جونز قائلا :" إذا كان لدينا المناجم و المصافي، وإنتاج المحركات، وإنتاج المغناطيس، وإنتاج البطاريات: هذه كلها وحدات فردية في سلسلة توريد معقدة للغاية".

وفي تكرار للتعليقات التي أدلى بها العديد من المحللين وصانعي السياسات في الاتحاد الأوروبي في الأشهر الأخيرة، قال جونز إن العالم يدخل الآن "عصرا جديدا" من القومية و حمائية الموارد .

وتابع قائلا: "في الواقع، يحتاج الجميع في المجتمع، من صانعي السياسات والمنظمات غير الحكومية والمدنيين العاديين والمديرين التنفيذيين للشركات والجامعات، إلى الانفتاح لأننا نتحرك بشكل أعمى نحو الهاوية".

وتم اقتراح اتفاقية CRMA رسميا قبل أسبوعين من قيام رئيسة المفوضية، أورسولا فون دير لاين، بتحديد استراتيجية "الحد من المخاطر" الاقتصادية والدبلوماسية للاتحاد الأوروبي في مارس 2023 تجاه الصين.

وفي ذلك الوقت، أشارت فون دير لاين صراحة إلى اعتماد أوروبا الكبير على الصين في الحصول على العناصر الأرضية النادرة والليثيوم والمغنيسيوم كأسباب رئيسية لحاجة أوروبا إلى الحد من هذا الإعتماد.

حدد اتفاقية CRMA سلسلة من الأهداف الطموحة لإمدادات الاتحاد الأوروبي بالمواد الخام الإستراتيجية بحلول نهاية العقد. ولن تقوم أي دولة ثالثة بتزويد الاتحاد الأوروبي بأكثر من 65% من الاستهلاك السنوي لأي من المواد الرئيسية.

ووفقا لدراسة نشرت في أبريل 2023 من قبل مركز الأبحاث بروجل، تجاوزت واردات الاتحاد الأوروبي من الصين هذا الحد لخمس مواد: البزموت والمنغنيز والمغنيسيوم والكوبالت والسترونشيوم.

كما تجاوز الاتحاد الأوروبي هذه العتبة بالنسبة للواردات من بلدين آخرين: تركيا بالنسبة للبورات والفلسبار والولايات المتحدة بالنسبة للبريليوم.