الثلاثاء 30 ابريل 2024

العلاقة بين الزوجين.. المنظور ديني يوضح الحقوق والواجبات

العلاقة بين الزوجين

تحقيقات6-4-2024 | 14:04

وضعت كل الرسالات السماوية الأسرة في مقدمة اهتمامها؛ لأن الأسرة هي الخَلِيَّة الأولى في البناء المجتمعي إذا صلحت صلح المجتمع والعكس بالعكس.

ومن هنا كانت عناية الدين بالأسرة وحرصه - عبر كل رسالات السماء - على أن تكون أسرة سعيدة هانئة هادئة سوية مستقرة؛ ففي القرآن: ﴿ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوف} [البقرة: ۲۲۸]، وقال -صلى الله عليهوسلم-: «إنَّمَا النِّسَاءُ شَقائِقُ الرِّجالِ».

فللمرأة حقوق تتمتع بها، ويجب على الرجل أن يلتزم بهذه الحقوق، وعليهـا واجبات تجاه الرجل يجب عليها أن تؤديها، وكذلك الرجل سواء بسواء، ولكل منهما حقوق مشتركة، وفي التالي توضيح ذلك.

 الحقوق المشتركة بين الزوجين

 

إذا كان للزوج حقوق على زوجته، ولهـا عليـه حقـوق، فهناك حقوق مشتركة بينهما، ومن هذه الحقوق المشتركة : إحسان المعاملة، وثبوت نسب الأولاد إليهما، وكذلك التوارث، والمعاشرة الزوجية بحقوقها وآدابها التي في طليعتها ما يأتي:

أ - وجوب الاستتار عند ممارستها.

ب استحباب التسمية قبلها.

ج - وجوب تلبية رغبة الزوج إذا دعاها وليس ثمة مانع شرعي أو طبي.

د - عدم إفشاء أسرار المعاشرة الجنسية بينهما.

هـ - عدم الممارسة في أثناء وجود مانع شرعي أو طبي.

و - تحريم إتيان الزوجة في غير ما أحل الله.

ز - عدم العزل عنها إلا بإذنها.

ويؤكد الكتاب المقدس هذا المعنى: "لِيُوفِ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ حَقَّهَا الْوَاجِبَ، وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ أَيْضًا الرَّجُلَ لَيْسَ لِلْمَرْأَةِ تَسَلُّطْ عَلَى جَسَدِهَا، بَلْ لِلرَّجُل، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ أَيْضًا

لَيْسَ لَهُ تَسَلُّطْ عَلَى جَسَدِهِ، بَلْ لِلْمَرْأَةِ» (١ كو٧: ٤-٣).

وهذا تفصيل أهم النقاط:

- عدم إفشاء أسرار الحياة الزوجية:

وصف الله تعالى علاقة الزوج بزوجته بوصف دقيق فقال تعالى: ﴿هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ ﴾ [البقرة: ۱۸۷]، وفي هذا المعنى من الستر والحشمة ما لا يخفى.

وقد عد النبي ﷺ إفشاء أسرار هذه العلاقة بأنها أعظم الخيانة، فقال: «إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْأَمَانَةِ عِنْدَ اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرَّجُلَ يُفْضِي إِلَى امْرَأَتِهِ، وَتُفْضِي إِلَيْهِ، ثُمَّ يَنْشُرُ سرها».

فما بين الزوج وزوجته لا يطلع عليه أحدٌ؛ فقد كانت أَسْمَاءُ بِنْتُ يَزِيدَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَالرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ قُعُودٌ عِنْدَهُ ، فَقَالَ: «لَعَلَّ رَجُلًا يَقُولُ مَا يَفْعَلُ بِأَهْلِهِ، وَلَعَلَّ امْرَأَةٌ تُخْبِرُ بِمَا فَعَلَتْ مَعَ زَوْجِهَا فَأَرَمَّ الْقَوْمُ، فَقُلْتُ: إِي وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُنَّ لَيَقُلْنَ، وَإِنَّهُمْ لَيَفْعَلُونَ، قَالَ: «فَلَا تَفْعَلُوا؛ فَإِنَّمَا مِثْلُ ذَلِكَ الشَّيْطَانُ لَقِيَ شَيْطَانَةٌ فِي طَرِيقِ فَغَشِيَهَا وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ».

 

 - المعاشرة بالمعروف:

يتوجب على الزوجين المعاشرة بالمعروف، الذي يظهر في مواطن عديدة؛ ومنها : أن ينادي كلا منهما الآخر بأحب الأسماء إليه، وأن يستمع كل منهما لحوار الآخر، فلا ينشغل عنه، وأن يظهر المعروف عند الخلاف، وقد روي عـن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.أنه قال لأم المؤمنين عائشة: «إِنِّي لَأَعْلَمُ إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً، وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى قَالَتْ: فَقُلْتُ: مِنْ أَيْنَ تَعْرِفُ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: «أَمَّا إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً، فَإِنَّكِ تَقُولِينَ: لَا وَرَبِّ مُحَمَّدٍ، وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَىٰ قُلْتِ: لَا وَرَبِّ إِبْرَاهِيمَ قَالَتْ: قُلْتُ: أَجَلْ، وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَهْجُرُ إِلَّا اسْمَكَ».

والحديث الشريف يبين جمال الحوار الدائر بين الزوجين، وحسن تفقد الزوج لموضع رضا زوجته وغضبها، وعلامة معرفته ذلك، ومـا رجـل أكثر أعباء منه، ثم يظهـر حـب الزوجة في قولها : «مَا أَهْجُرُ إِلَّا اسْمَكَ».

 ـ المودة والرحمة:

بين الله - تعالى - في القرآن الكريم أن الزواج آية من آياته، وذكـر عـلـتـه، فقال:{وَمِنْ ءَايَتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَوَدَّةً وَرَحْمَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: ٢١].

والمودة والرحمـة الدعامتان الروحيتان اللتان يقوم عليهما البيت، وتنشأ في ظلهما الأسرة نشأة هادئة مطمئنة؛ فالزوج العائد إلـى بيـتـه بعـد عـملـه مهموما، لا يزيح عنه ألم هذا الهم إلا ابتسامة زوجة أو مداعبة ولد، وكل هذا لا يكون إلا في سكن روحي متسم بالمودة، وقد رحم بعضه بعضًا، وأزاح عنه ما يكابده من مشقة وأعمال ؛ ولذا فإن الله -تعالى- تفضل على الرجال فخلق لهـم مـن أنفسهم أزواجا، فقال تعالى: {هُوَ الَّذِى خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إلَيْهَا} [الأعراف: ١٨٩].

 - غض الطرف عن بعض الحقوق رعايةً لمصلحة الأسرة:

عادة ما تكتنف الأسرة كثيرًا من المشاكل التي لا يخلو منهـا بـيـت؛ ولذا فاللـه تعالى قد أرشدنا إلى طريقة في التعامل تساعدنا على حل كثيـر مـن هـذه المشاكل؛ فقد قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾ [البقرة: ٢٣٧].

وعدم نسيان الفضل واستدعاء العطاء بينهما من شأنه أن يبعث على الاستمرار في الحياة الزوجية، وفي تعاهده عون كبير على الإلف والتحابب.

كما أن على الزوجين أن يزيلا أسباب الخلاف بينهما رافعين مصلحة الأسرة فوق كل اعتبار، وفي ذلك رفع للشقاق، ويُعد من الطلاق، وَطَرْدٌ للفراق، قال الله تعالى:{إِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا} [النساء: ٣٥].

Dr.Randa
Dr.Radwa