في رحاب الأدب العربي الخالد، تبرز أعمال فريدة تمتزج فيها روعة الكلمات بعمق المشاعر الإنسانية، ومن بين هذه الروائع، يتألق كتاب "الأجنحة المتكسرة" للأديب اللبناني العظيم جبران خليل جبران، والذي يعد من أهم وأبرز أعماله التي كتبها باللغة العربية.
في هذا العمل الرائع، يتناول جبران قصة حب أولى عاشها، متمردًا فيها على كافة القيود المادية للحب، معليًا من قيمة جوهر الروح في هذا الشعور السامي.
ما بين عوالم الواقع والخيال والماضي والمستقبل، تجسدت أولى قصص الحب التي عاشها جبران، عندما عاد إلى لبنان لدراسة اللغة العربية، هناك، افتتن بجمال "حلا الظاهر" (سلمى كرامة) ابنة الشيخ طنوس الظاهر، وهام بها هيامًا حد التوله، ومن خلال علاقة الحب بينهما، استوحى جبران روايته "الأجنحة المتكسرة" بعد عشر سنوات.
شكّل صدور هذه الرواية عام 1912 حدثًا بارزًا في الأوساط الأدبية العربية، كما كان سببًا في تعارف جبران برجلين رافقاه طوال حياته، نسيب عريضة وميخائيل نعيمة.
يروي جبران في "الأجنحة المتكسرة" قصة حب روحي طاهر بين فتى وفتاة، يتجاوز متعة الجسد، حب بريء لا تشوبه الشهوانية، لكنه حب يائس لا يجتمع طرفاه إلا بعد الممات.
يتأرجح جبران في هذا العمل بين ثنائية الرومانسية المعهودة (الروح / المادة)، فيقدس الروح ويجعل منها مخرجًا لتجاوز الجسد، لذلك يرى أن قمة التحرر من عبودية الجسد تتمثل في فكرة الموت، حيث تنصرف الروح إلى مرجعيتها المفارقة لتتجاوز أغلال العالم المادي.
تدور أحداث القصة عندما طلب فارس كرامة من الكاتب (جبران نفسه) أن يزوره في بيته ليحدثه عن ماضيه مع والده، وليعرفه على ابنته سلمى، فقام الكاتب بزيارته، وهناك تعرف على ابنته وكانت علاقته قوية بالسيد كرامة.
أحب الكاتب سلمى من أول نظرة، وأصبح يزورها دائمًا، وازداد حبه وتعلقه بها أكثر فأكثر، وفي يوم، استدعى المطران السيد فارس للتحدث معه في أمر مهم، مما اضطره للتوجه إليه في ذات الليلة، فاستغل الكاتب هذه الفرصة ليعترف بحبه لسلمى، التي بادلته نفس الشعور.
عند عودة السيد فارس من لقائه مع المطران، أخبر سلمى بقرار زواجها من ابن أخ المطران، منصور بك، الذي كان معروفًا بطمعه في الحصول على أملاك سلمى ووالدها.
تزوج منصور بك بسلمى على غير إرادتها، ومرت الأشهر والفصول، بعد هذا الحادث، بدأ الكاتب وسلمى يلتقيان مرة في الشهر في معبد صغير بعيد عن بيتها، وفي السنة الخامسة لزواج سلمى ومنصور بك، حملت سلمى بطفل، لكنها توفيت هي وطفلها بعد الولادة.