للأسرة دور كبير انتشار روح المحبة والألفة بين أفرادها، وبينها وبيــن الأسر المختلفة؛ قال الله تعالى: ﴿يَأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْتَكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْتَكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لتَعَارَفُوا ﴾ [الحجرات: ١٣].
فتتقوى روابط المحبة بالمصاهرة، وتزداد بالإنجاب والتكاثر، قال الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِى خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرَا} [الفرقان: ٥٤].
وخير قدوة في تحقيق هذا الهدف الاجتماعي من تكوين الأسرة هو الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقد تزوج بالسيدة عائشة بنت سيدنا أبي بكر الصديق، وتزوج بحفصة بنت سيدنا عمر بن الخطاب، وبهذا ارتبط بصاحبيه الكبيرين بـرابـط المصاهرة، فعزّز الأُخوَّة الإسلامية لهما في الله بالمصاهرة.
وزوج النبي صلى الله عليه وسلم ابنته رقيَّة لسيدنا عثمان فلما توفيت عقد لـه على شقيقتها أم كلثوم، وزوج ابنته فاطمة الابـن عـمـه سيدنا علي بن أبي طالب.
ومن هنا تأتي أهمية الأسرة في تقوية أواصر المحبة والتآلف بين الناس جميعا، وحينئذ يسود المجتمع حالة من حالات التناغم والترابط بين أبنائه، وهذا ينعكس إيجابا على الوطن؛ حيث الهدوء والاستقرار والبناء.
كما تحافظ الأسرة على المجتمع من الانحلال الخلقي وما يتبعـه مـن ضـيـاع للأنساب، وانتشار للرذائل بين أفراد المجتمع ؛ فالأسرة هي الوعاء الحافظ للنسب والقربى والرحم وقد نهى الله تعالى عن طلب قضاء الشهوة في غير إطار الأسرة، فقال واصفا عباده المؤمنين : ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَفِظُونَ * إِلَّا عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَتُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَيكَ هُمُ الْعَادُونَ﴾ [المؤمنون: ٥ - ٧]. كما نبه الكتاب المقدس إلى ذلك، فقال: «لأَنَّهُ بِسَبَبِ امْرَأَةٍ زَانِيَةٍ يَفْتَقِرُ الْمَرْءُ إِلَى رَغِيفِ خُبْزِ ... وَامْرَأَةُ رَجُلٌ آخَرَ تَقْتَنِصُ النَّفْسَ الْكَرِيمَةَ. أَمَّا الزَّانِي بِامْرَأَةٍ فَعَدِيمُ الْعَقْلِ. الْمُهْلِكُ نَفْسَهُ هُوَ يَفْعَلُهُ» (أم ٦ : ٢٦ ، ٣٢).
فإذا التزم الأفراد بهذه الأخلاق الحميدة انعكس ذلك على المجتمع فأصبح سالمًا من العلل والآفات.