قال مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير الدكتور محمد حجازي، إن الاعتداءات الإسرائيلية ضد مواقع داخل سوريا ولبنان ولا سيما على القنصلية الإيرانية في دمشق كانت محاولة من حكومة تل أبيب لاستدراج المشهد الإقليمي لمزيد من المواجهة والعنف؛ للبقاء في السلطة حتى لو عرضت مصالح وأمن بلادها والمنطقة للخطر خاصة وأنها تعلم تداعيات المواجهة مع طهران إقليمياً ودولياً.
ورأى السفير حجازي، في تصريح خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم /الأحد/ ، أن حكومة بنيامين نتنياهو تسعى إلى البقاء في السلطة عبر جر منطقة الشرق الأوسط إلى مواجهات لا سيما عقب تصدي مصر والقوة الإقليمية والولايات المتحدة لخطة تنفيذ هجوم عسكري على مدينة رفح الفلسطينية علاوة على عدم تمكن الجيش الإسرائيلي من تحقيق الأهداف التي حددها منذ بداية الحرب وهي القضاء على حماس واستعادة الرهائن بجانب إدراك إسرائيل أن الإفراج عن الأسرى يستلزم وقفا لإطلاق النار وتدفق المساعدات الإنسانية إلى القطاع.
وأضاف : أن حكومة تل أبيب ورئيس وزرائها اعتبرا أن توسيع نطاق العنف واستمرار الحرب لأشهر قادمة وصولاً لمرحلة الانتخابات الأمريكية سيمكنها من البقاء في الحكم وتفويت معادلة إنهاء الحرب في غزة ومواجهة ومحاسبة الحكومة داخلياً ، وكذا ما قد تفرضه إدارة جو بايدن من مسار قد يقودها لتنازلات باتجاة حل الدولتين ؛ مما استدعى توسيع نطاق النزاع من خلال عملية ممنهجة ومدروسة بقصف للقنصلية الإيرانية بدمشق وبالتالي دفع إيران إلى ضرورة الرد حفاظاً على سمعتها الإقليمية ومواجهة الرأي العام الداخلي.
واعتبر السفير حجازي أن إيران لا تسعى إلى مواجهة مفتوحة مع إسرائيل وكذلك الولايات المتحدة التي تدرك أن عملية استدراج طهران لمواجهة إقليمية هو خطر يهدد مصالحها وسيقود إلى صراع شامل واسع النطاق في الشرق الأوسط..مرجحا أن تقوم الولايات المتحدة بكبح جماح أي رد فعل إسرائيلي بعد الضربة الإيرانية خاصة عقب إعلان طهران أنها توقفت بالفعل عند هذا الحد ومنع توسيع نطاق المواجهة الإقليمية ليس فقط لمخاطرها على دول وشعوب المنطقة ولكن أيضا على الأمن والاستقرار في أوروبا والعالم.
وقال : "إن إيران تعد أحد مصادر الطاقة الكبرى بالعالم ، والمواجهة معها ستؤدي حتماً لاضطراب الأسواق العالمية في الوقت الذي لاتزال تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية تؤثر على إمدادات الطاقة في العالم وتسبب اضطرابات بالأسواق العالمية"..مؤكدا أهمية منطقة الشرق الأوسط بالنسبة لمصالح الولايات المتحدة والدول الكبرى والأوروبيين.
وحذر السفير حجازي من أن المشهد الحالي بات دليلاً واضحاً على مخاطر استمرار الحرب في قطاع غزة على السلم والأمن الدوليين وخطر التطرف اليميني لحكومة نتنياهو سواء في غزة أو الضفة الغربية.
وقال :"إن تلك التطورات الإقليمية الخطيرة جاءت في الوقت الذي كنا على مشارف جولة مفاوضات جديدة بالقاهرة، لن تقبل إسرائيل بمآلاتها، إذ ترفض منذ البداية المطالب المحددة لحركة حماس من وقف إطلاق النار المستدام، والإفراج عن الأسرى ، وإدخال المساعدات الإنسانية وبدء عملية إعادة الإعمار وانسحاب القوات الإسرائيلية من داخل القطاع والسماح بعودة النازحين إلى شمال غزة".
ونبه السفير حجازي إلى أن تل أبيب تعمل من خلال توسيع نطاق المواجهة الإقليمية على إبعاد الأنظار عن الحرب في قطاع غزة وذلك عقب محاصرة موقفها وانحسار دعم شركائها وإدانتها بارتكاب جرائم ترقى للإبادة الجماعية ، بل ووصف وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث ما فعلته في غزة بأنه "خيانة للإنسانية".
كما حذر من أن إسرائيل تحاول تشتيت الانتباه بعيداً عن التحركات الدبلوماسية المهمة في الأمم المتحدة لصالح فلسطين، حيث يعتزم مجلس الأمن بحث قرار منح العضوية الكاملة لدولة فلسطين بالأمم المتحدة ، مذكراً بأن نتنياهو وحكومة اليمين الاستيطاني يرغبان في إدارة الصراع في نطاق العنف العسكري وتحقيق من خلاله أهداف ووأد أي محاولات لمواجهة سياسية أو استدراجه لحلول دبلوماسية تقضي على نفوذ اليمين المتطرف.
وشدد السفير حجازي على أن مخاطر اليمين المتطرف وجرائمه باتت تستلزم العقاب وازاحته عن سدة الحكم وإفساح المجال لحل سياسي يبدأ بوقف العنف وينتهي بالانتصار للعدالة الدولية ومعاقبة المتطرفين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كمدخل وحيد لاستعادة أمن واستقرار الشرق الأوسط بل والعالم.
ورأى أنه ومن الآن وحتى تصويت مجلس الأمن على الاعتراف بالعضوية الكاملة لدولة فلسطين بالأمم المتحدة فيتعين الضغط على واشنطن لإفساح المجال لبداية طريق الحل ووقف انحيازها لإسرائيل حتى لا تظل القضية الفلسطينية مصدراً لعدم الاستقرار الإقليمي والدولي الدائم.
وأكد السفير حجازي، أن الولايات المتحدة الامريكية باتت مدركة لمخاطر التصعيد الإسرائيلي وردود أفعال تل أبيب المندفعة رداً على إيران دون التشاور مع واشنطن ومراعاة مصالحها، مثمناً في الوقت ذاته موقف مصر ودعوتها إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس وتجنيب المنطقة مخاطر الانزلاق إلى منحى خطير من عدم الاستقرار والتهديد لمصالح شعوبها.