ذكرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية أنه قبل عام بالضبط، بدأ الانهيار المدمر للسودان حيث نشبت التوترات بين فصيلين متنافسين قويين –القوات المسلحة السودانية، برئاسة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع شبه العسكرية برئاسة الفريق أول محمد حمدان دوقلو ثم انفجرت لتتحول إلى في حرب مفتوحة.
وأصابت الغارات الجوية آنذاك مراكز مدنية؛ وأقام رجال الميليشيات والحراس نقاط تفتيش ونهبت الأحياء.
وتحولت العاصمة الخرطوم إلى ساحة معركة مترامية الأطراف. واندلع الصراع في أماكن أخرى في الدولة الأفريقية التي يبلغ عدد سكانها ما يقرب من 50 مليون نسمة، بما في ذلك منطقة دارفور التي مزقتها الحرب بالفعل.
وقالت الصحيفة -في تقرير عبر موقعها الالكتروني اليوم الاثنين- إنه لبعض الوقت، اجتذبت الحرب الأهلية في السودان بعض الاهتمام العالمي. وسارع الرئيس جو بايدن ونظراؤه الأوروبيون إلى التحرك لإخلاء سفاراتهم ومئات المواطنين الأجانب ومزدوجي الجنسية المتمركزين في الغالب في مدن السودان الكبرى.
وأضافت الصحيفة أن الصراع كان بمثابة تحول حزين للأحداث: فقد أدى التحول الذي وصفته ب"الوليد" نحو الديمقراطية في السنوات السابقة إلى تعزيز علاقات السودان مع مجموعة من الحكومات الغربية، وبعض من التخفيف للعقوبات الأمريكية التي استمرت لعقود. لكن يبدو أن الحرب قد قضت على كل ذلك (وفقا للصحيفة). لقد انهارت الدولة السودانية بشكل أساسي في أجزاء كثيرة من البلاد.
وفي بعض المناطق، بالكاد تعمل المستشفيات والخدمات الصحية. وقُتل آلاف المدنيين، بما في ذلك في فظائع ومجازر من المرجح أن تُذكر على أنها جرائم حرب. وتقوم جماعات الحقوق المدنية الشجاعة بتوثيق روايات لا تعد ولا تحصى عن العنف الجنسي والاغتصاب، بينما أسفرت الجولات الباهتة من محادثات السلام، التي أجرتها في بعض الحالات حكومات عربية، عن وقف إطلاق النار الفاشل.
ومع تصاعد الدمار والموت، تضاءل الوعي الدولي والاهتمام بحالة البؤس التي يعيشها السودان. وأشارت واشنطن بوست إلى أنه بعد مرور اثني عشر شهرا، ما زال الوضع الإنساني في السودان قاتما إلى حد غير مألوف.
وتشهد البلاد أكبر أزمة نزوح في العالم، حيث أُجبر أكثر من خمس سكانها على ترك منازلهم بسبب الحرب الأهلية، فضلا عن جولات الصراع السابقة، بينما تشير بيانات الأمم المتحدة إلى أن ما يقرب من ثلث السكان يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.
وهناك نحو 19 مليون طفل خارج المدارس؛ ويعاني ما يقدر بنحو 3 ملايين طفل سوداني من سوء التغذية. من جانبهم حذر مسؤولو الهيئات الإنسانية من الجوع - وما يصاحبه من بؤس، مثل الكوليرا والأمراض الأخرى التي تجتاح البلاد.
وقالت سيندي ماكين، المديرة التنفيذية لبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة: "إن هذه مشكلة ضخمة تلوح في الأفق، وهم قريبون جدا من المجاعة.. إن الأطفال يموتون جوعا في دارفور وأجزاء أخرى من البلاد."
وتشكو المنظمات الدولية من أنه من المستحيل من الناحية اللوجستية خدمة جزء كبير من البلاد. إذ أشار تقرير صادر عن لجنة الإنقاذ الدولية إلى أن "القيود المفروضة على وصول المساعدات الإنسانية تعيق بشدة تقديم المساعدة المنقذة للحياة، ولم تتم تلبية احتياجات التمويل الإنساني إلى حد كبير".
وتقول جماعات الإغاثة إن ندرة التمويل ربما تفضي إلى توقف توزيع الغذاء بشكل وشيك. ومضت الصحيفة تقول إنه من المقرر أن تجتمع الحكومات الدولية والعاملون في المجال الإنساني والمانحون اليوم الاثنين في باريس لحضور مؤتمر يهدف إلى جمع الأموال للسودان. إذ يجتمعون في وقت لم تتم فيه تلبية سوى 5% من الطلبات الإنسانية التي قدمتها وكالات الأمم المتحدة للسودان.
ليس هناك شك في أن الحروب في أوكرانيا وغزة - والتي تفاقمت بسبب التصعيد الأخير بين إسرائيل وإيران - قد وضعت مأساة السودان في الظل. وتعليقا على ذلك قالت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس جرينفيلد، الأسبوع الماضي: "بينما تتجه المجتمعات نحو المجاعة، ومع انتشار الكوليرا والحصبة ومع استمرار العنف في حصد أرواح عدد لا يحصى من الأشخاص، ظل العالم صامتا إلى حد كبير".
وأضافت أن "ذلك يجب أن يتغير الآن.. يتعين على المجتمع الدولي أن يقدم المزيد. وعليه أن يفعل المزيد، وأن يهتم أكثر".
وقال تيجيري شاجوتا، المدير الإقليمي لمنظمة العفو الدولية للشرق والجنوب الأفريقي، في بيان: "على مدار عام، تم إهمال شعب السودان وتجاهله حيث تحمل وطأة الاشتباكات العنيفة" بين الأطراف المتحاربة.
وأضاف: "لقد باءت الجهود الدبلوماسية حتى الآن بالفشل في إنهاء الانتهاكات، أو حماية المدنيين أو توفير المساعدات الإنسانية الكافية أو محاسبة مرتكبي جرائم الحرب".