مر شهر رمضان الكريم مرور الكرام بروحانيته وبركاته التي حلت علي بيوتنا جميعا واحتفظ بكل ما هو جميل من عادات وتقاليد اجتماعية بالرغم مما نعانيه من ظروف اقتصادية ستفرج قريبا، فما زالت موائد الرحمن تملأ ربوع مصر وباقي عاداتنا وموروثاتنا الرمضانية.. وفي خضم ذلك تخلي شهر رمضان هذا العام عن عادة أتمنى ألا تعود مرة أخرى وهي المسلسلات التي تحتوي على حوارات ومشاهد لم تراع فيها حرمة الشهر وروحانيته.
فالتحية واجبه للشركة المتحدة للخدمات الإعلامية على اختيارهم الراقي الموفق اللائق بشهر رمضان فلم اسمع حوار غير لائق ولا مشهد يؤذي البصر بل قدمت فن بمفهومه الشامل حمل رسائل غابت منذ فترة عن شاشتنا الصغيرة وأنا هنا لا أقيم المسلسلات من وجهة نظر النقد الفني فهذا له مختصين اعلم مني بالنقد الفني ولكن أشيد بموضوع الإنتاج الضخم للشركة المتحدة للخدمات الإعلامية والتي تشمل بجانب الخدمات الإعلامية التي تقدمها الشركة في هذا القطاع إنتاج البرامج التلفزيونية والأفلام، والإعلانات، والتسويق الإعلامي، والعلاقات العامة، وتوزيع المحتوى الإعلامي، والخدمات الصحفية، والإعلام الاجتماعي، والتصميم والتطوير، وغيرها من الخدمات المتعلقة بالإعلام استحوذت بهذه القطاعات على ثقة المشاهد وما تقدمه من أعمال هادفة تشكيل الوجدان المصري والعربي حيث بلغ حجم إنتاجها للمسلسلات في رمضان 17 مسلسلا تقريبا .. أهمهم مسلسل الحشاشين الذي ألقي الضوء بموضوعية وحيادية على هذه الجماعة التي حملت السلاح في وجه المجتمع وعندما تخلت عنه تحولت إلى جماعة فكرية أقرب للفكر الإسماعيلي أحد فرق الخوارج.
هذا العمل التاريخي الضخم كتب له النجاح لأن القائمين عليه لم يبخلوا عليه فكريا وماديا ومن هنا يأتي دور الشركة المنتجة التي لم تضع الربح المادي هدفا لها بل وضعت الشعب المصري بأسره أمامها وإعادة تشكيل الوجدان المصري وتفكيره من جديد.
وكنت أتمنى أن أشاهد هذا العمل على العديد من القنوات وخاصة mbc مصر والتي تميزت بعرض مسلسل نعمة الأفوكاتو والرسائل التي حملها القائمين عليها وخاصه الصورة الذهنية لرجل الأعمال الغارق في الفساد والخطايا واستغلال حاجة الآخرين للإيقاع بهم فهذا عماد زيادة رجل أعمال حقيقي أدى دور رائع لم أشاهد مثل هذا النموذج الملتزم والذي يخاف ربه ولا يرتاد الملاهي الليلية ولا يصرف أمواله فيما لا ينفع.
وكانت نهاية المسلسل تتوافق مع قيمنا المجتمعية وأيضا العتاولة هذا النموذج المنتشر في أزمنة سابقة وسبق تقديم نماذج مشابهة ولكن أشعر في ختام حلقات المسلسل بقيمة الرسالة التي نجح فريق العمل في توصيلها لكي تتطهر من ماضيك الآثم من بلطجة وعربدة وسرقة عليك أن تتخلي عن كل ما جمعته بأسلوب يخالف تعاليم الدين وتبدأ صفحة جديدة بأموال حلال.
ولا أنسى توجيه التحية للقائمين على المسلسلات من كاتب القصة والسيناريو والإنتاج والإخراج والممثلين الذين أبهرونا بأدائها القوي المتجدد.
وأتساءل في النهاية هل انهار التوزيع ونسب المشاهدة وعزوف المجتمع عن متابعة الأعمال الهادفة عندما تخلى عن كل ما يؤذي السمع والبصر.. بالطبع لا.
أتمنى أن نستمر على هذا النهج في كل أعمالنا الفنية وغيرها ونشاهد على شاشتنا البيضاء والصغيرة كل ما يشرفنا أمام المجتمعات الأخرى وانفسنا قبلهم وأحمل هنا المسؤولية للشركة المتحدة للخدمات الإعلامية أن تستمر في تقديم أعمال تساهم في إعادة بناء الإنسان وتشكيل وجدانه في إطار القيم الاجتماعية في ظل الجمهورية الجديدة.