واجه كل رسولٍ أرسله الله إلى الأرض العديد من المصاعب والتحديات أثناء تبليغ رسالته، لكن منَّ الله عليهم بمن يساندهم ويخفف عنهم أعباء الدعوة، وكان لرسول الله محمد ﷺ نصيبٌ من هذه النعمة، إذ أحاط به عدد كبير من الصحابة الكرام الذين آمنوا به، ووقفوا بجانبه، وساهموا في نشر رسالة الإسلام والدفاع عنها.
والصحابة هم كل من آمن بالرسول ﷺ، ورآه، ومات على الإسلام، وقد لازمه بعضهم في أغلب مراحل حياته بعد البعثة، فكانوا عونًا له في تبليغ دعوته.
وخلال شهر رمضان المبارك، تأخذكم بوابة دار الهلال يوميًا في رحلة مع واحد من صحابة رسول الله ﷺ الذين بذلوا جهدهم لنصرة الإسلام وتقوية دعائمه، ونبدأ اليوم 1446هـ أحد صحابة رسول الله، ممن سعو دائما لنصر دين الحق، ولمؤازرته وتشديد عضده، ونستكمل في اليوم الثاني من رمضان 1445 هـ، في جولة مع الصحابة الكرام بـ«عمر بن الخطاب»
هو الصحابي الجليل عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزي، ولد بعد عام الفيل وبعد مولد الرسول محمد بثلاث عشر سنه، وهو ثاني الخلفاء الراشدين، عمل راعيا للإبل منذ صغره، تعلم المصارعة والفروسية والشعر، كما تعلم التجارة أيضا وعمل بها فكان يعمل في اليمن شتاء و بلاد الشام صيفا، وكان من أغنياء أشراف مكة، وكان على دين قومه الوثنية في الجاهلية.
كان عمر بن الخطاب من أشد الناس في دينهم، وحينما سمع بأمر الإسلام، وبدأ دخول الناس به أصبح متعصبا أكثر حتى أنه كان يعذب جاريته من الصباح وحتى المساء عند علمه باعتناقها الإسلام، وفي يوم من الأيام أصبح يتبع الرسول ونذر نفسه بمتابعته حتى يخطط للخلاص منه، وقرر بعد ذلك بقتل رسول الله ، وحينما كان في طريقه لقتله، صادفه نعيم بن عبد الله العدوي القرشي والذي كان قد أسلم في الخفاء، فسأله عن طريقه فأخبره أنه سيذهب ليقتل محمد ،حينها قال نعيم له: "والله لقد غرتك نفسك يا عمر، أترى بني عبد مناف تاركيك تمشي على الأرض وقد قتلت محمدا ؟ أفلا ترجع إلى أهل بيتك فتقيم أمرهم؟ فإن ابن عمك سعيد بن زيد بن عمرو، وأختك فاطمة بنت الخطاب والله أسلما واتبعا محمدًا على دينه؛ فعليك بهما، فهرول عمر سريعا إلى بيته ووجد الصحابي خباب بن الأرت يجلس معهما يعلمهما القرآن، فضرب سعيد ثم ضرب فاطمة أخته ضربة قوية شقت وجهها، فسقطت منها صحيفة كانت تحملها تحتوي على آيات من القرآن الكريم، وحين أراد عمر قراءة ما فيها رفضت أخته أن يحملها إلا عندما يتوضأ، فتوضأ عمر وقرأ الصحيفة وإذا فيها أيات من سورة طه، فاهتز عمر وقال: «ما هذا بكلام بشر»"، وأسلم حينها بلا تردد.
وقد قيل أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد دعا الله فقال: «اللهم أعز الإسلام بأحد العمرين، عمر بن الخطاب أو عمرو بن هشام، وكان أحبهما إليه عمر، فاستجاب الله لدعوة رسوله، وحينما أسلم عمر أصبح للمسلمين سندا وعونا كبيرا يستندون عليه ويحميهم من أذى وبطش قريش، فكان من أشد الرجال قوة، ولم يخشى شيء أبدا فكان يجاهر بالإسلام دون خوف من أحد، وحينما أسلم شجع المسلمين والرسول على الجهر بالرسالة دون الخوف من أحد، وخرج بالمسلمين في صفين أحدهما هو أوله والثاني كان يتقدمه حمزة بن عبد المطلب، ليطوفو بالكعبة المشرفة، وبالفعل أقاموا الصلاة عند الكعبة وأطلق عليه الرسول لقب الفاروق حينذاك.
فكان عمر الفاروق من أقرب الناس لرسول الله بعد أبو بكر الصديق، و بعد وفاة الرسول تولى أبو بكر الخلافة الإسلامية، وفي أواخر أيام أبو بكر الصديق وبعد أكثر من عامين في الحكم، اشتد عليه المرض ، وخاف أن تتفرق صفوف المسلمين بعد وفاته، فقرر أن يبحث عن من يناسب هذا المنصب، ووقع الاختيار على عمر بعد أن نظر في الأمر مع أهل الحل والعقدة من صفوة الصحابة ، وأعلنوا جميعهم اتفاقهم على أن يصبح عمر خليفة المسلمين بعد وفاة أبو بكر.
كانت وفاة عمر بن الخطاب أليمة جدا، فقد قتل بخنجر مسموم على يد أبو لؤلؤة فيروز وهو كان فارسي الأصل، فكان قتله مؤامرة بعد انتصارات وفتوحات عظيمة، وعندما ضرب ، عرف بشخصية قاتله فقال: "الحمد لله الذي لم يجعل منيتي بيد رجل سجد لله سجدة واحدة، ما كانت العرب لتقتلني، وبذلك شهد الإسلام نهاية رجل من أعظم رجال المسلمين ."