كتب : خالد فؤاد
ردود أفعال واسعة أثارتها النجمة المحبوبة شيريهان منذ قيامها بالإعلان عن عودتها لنشاطها الفنى من جديد بعد غياب تجاوز الـ 15 عاما من الزمان بسبب الظروف الصحية التى مرت بها ، ودفعتها للاختفاء وإجراء العديد من العمليات الجراحية الدقيقة ، مما أدى لحرماننا من فنانة تعد من ابرز وأهم نجمات الاستعراض فى مصر والوطن العربى.
نيللى ونعيمة
دائما وأبدا إذا ما أثير الحديث عن ابرز وأهم نجمات فن الاستعراض نجد اتفاقا شبه كامل على أن عددهن لايتجاوز حدود أصابع اليد الواحدة، فقد ظلت النجمة الراحلة نعيمة عاكف متربعة على عرشه طيلة حقبتى الخمسينيات حتى رحيلها فى منتصف الستينيات وهى فى ريعان الشباب نتيجة إصابتها بالمرض اللعين .
وظلت بعد رحيلها متصدرة للمشهد دون منافسة من أى فنانة أخرى لسنوات طويلة حتى أطلت علينا النجمة الكبيرة نيللى لتمتعنا ولسنوات طويلة باستعراضاتها الجميلة التى يصعب نسيانها ، ومع ظهور شيريهان فى النصف الثانى من ثمانينات القرن الماضى سواء عبر الفوازير الجميلة التى ظلت تقدمها لبضعة أعوام ، اوعبر المسرح الذى صالت وجالت سنوات طويلة فوق خشبته اتفقنا جميعا "صحفيين ونقادا وفنانين" وجمهور على أن ابناء هذا العصر من المحظوظين بحكم بوجود نجمتين استعرضيتين كبيرتين هما «نيللى وشيريهان».
شقية ولهلوبة
ومن هنا لم نستطع نسيان شيريهان طيلة العشرين عاما الماضية لكون ماقدمته خلال سنوات قصيرة يفوق بمراحل ماقدمه غيرها من الفنانات الأخريات اللاتى لم يتعرضن لما تعرضت له وظللنا يعملن لسنوات تفوق بمراحل سنوات عملها هى .
ولعل من الأسباب التى ساهمت إلى حد بعيد فى عدم نسياننا لها عدم ظهور أى فنانة أخرى طيلة سنوات غيابها يمكننا إطلاق لقب فنانة استعراضية عليها ، ومن ثم ظلت حاضرة بقوة في الاذهان.
وربما لكل هذا وغيره شعرنا جميعا بحالة من السعادة بخبر الإعلان عن عودتها فى الاحتفالية الكبيرة التى أقيمت لها أخيراً وحرص عدد كبير من النجوم والنجمات على التواجد فيها وتقديم التهنئة من منطلق أن شيريهان حالة فريدة من نوعها ويستشعر الجمهور حالة من الوحشة الشديدة لها.
وهنا يأتى السؤال .. ماذا ستقدم شيريهان وكيف ستكون إطلالتها على الجمهور بعد غياب كل هذه السنوات؟
شيريهان أخرى
مؤكد أن السؤال صعب للغاية ، والأصعب هو الإجابة عنه ، فيجب أن نلتفت الى شئ هام وهو عامل السن والليونة الجسدية ، فإذا تعاملنا مع الأمر بأننا سنشاهد شيريهان البنت الشقية اللهلوبة فسنظلمها كثيرا وسنحكم عليها بالفشل مع أول إطلالة لها فى العمل الذى ستقدمه.
فشيريهان التى سنشاهدها بالتأكيد ستكون مختلفة تماما عن شيريهان التى كنا نعرفها منذ ربع قرن من الزمان ، نعم نجحت فى قهر المرض وتغلبت على كل الصعاب التى واجهتها، ولكن الفن مختلف تماما ويتم التعامل معه بمعايير ومواثيق أخرى تماما، فقبل ربع قرن كنا نتعامل مع فتاة صغيرة تجيد فن الرقص والاستعراض بطلاقة ، وتبذل مجهودات شاقة فى التدريبات ودون ان نخدع أنفسنا أو نمنيها بآمال صعب تحقيقها لابد وأن نتفق على صعوبة أن لم يكن استحالة قدرتها على فعل الأمر ذاته اليوم ، فظروف المرض الذى مرت به وعامل السن الذى تجاوز الخمسين يحول دون تحقيق هذه الأمنيات.
ومن هنا ونكرر يجب أن نتعامل مع الأمر بأننا سنشاهد شيريهان الموهوبة التى ولدت وتربت ونشأت داخل عائلة الكثير من أفرادها عشقوا الفن ونجحوا فى زرع هذا العشق داخلها وقاموا بتسليمها وهى لاتزال تحبو لمجموعة من عمالقة الفن سواء مخرجين اوممثلين اومؤلفين قاموا جميعا بإصقالها وإعادة تشكيلها فأمتعتنا خلال سنوات عملها، وغابت عنا لتعود اكثر خبرة وثقلاً ونضجا وهو مايجب ان ننظر لها من خلاله، فشيريهان البنت الاستعراضية الموهوبة، يصعب عودتها ولكن شيريهان الممثلة المعجونة بتراب الفن والتى تملك القدرة على الأداء المختلف والمتميز هى التى ستعود وتطل علينا.
فللأسف الشديد سبق وتعاملنا بنفس المنطق مع كل الفنانات اللاتى اعتزلن وابتعدن لاسباب مختلفة ثم قررن العودة ، فشعرنا بسعادة وسيطرت علينا حالة من البهجة ، ورحنا نتعامل معهن وكأن الزمن توقف بهن منذ اتخذن القرار فصدمنا أنفسنا ولم نستطع التعامل معهن بالشكل الجديد الذى عدن به.
سهير رمزى
ونذكر منها الفنانة الكبيرة سهير رمزى التى أعلنت الاعتزال فى مطلع تسعينيات القرن الماضى واختفت لنحو 15 عاما وحينما قررت العودة رحنا نتوهم أننا سنشاهد سهير رمزى البنت الشقية المغرية التى كانت ملأ السمع والبصر فى حقبتى السبعينيات والثمانينيات ، ومن هنا لم نستطع تقبلها فى الشكل الجديد الذى عادت به كسيدة تجاوزت الخمسين ترتدى الحجاب وتسعى لتقديم موضوعات تتفق ليس مع المرحلة العمرية التى اصبحت عليها فحسب إنما أيضا مع الأفكار التى اصبحت على قناعة بها والتى تختلف شكلا ومضمونا مع افكارها وقت ان كانت فتاة صغيرة مقبلة على الحياة ، ومن هنا تسببنا نحن بأفكارنا هذه فى إعادتها للاختفاء فنيا من جديد فلم نعد نشاهدها سوى عبر البرامج التليفزيونية التى يتم استضافتها فيها بين وقت وآخر.
سهير البابلى
الكلام نفسه ما يمكن أن تقوله على الفنانة الكبيرة سهير البابلى «ملكة المسرح» فى السبعينيات والثمانينيات والتى كان يتلهف الجمهور على مشاهدة فى القرن العشرين عروضها الجديدة ، فكانت الفنانة «السيدة» الكوميديانة الوحيدة التى يتوجه الجمهور لمشاهدة مسرحياتها بغض النظر عن النجوم الذين كانوا معها ، فكانت النجمة المسرحية الأولى لسنوات ليست بالقليلة ، حتى اتخذت قرار الاعتزال وارتداء الحجاب وهى على القمة وعندما قررت العودة تعاملنا مع الأمر بنفس المنطق وكان من نتيجة هذا عدم اقتناعنا وتقبلها بالشكل والأفكار الجديدة التى أصبحت عليها ومن ثم حدث معها نفس ماحدث مع سهير رمزى.
عفاف وصابرين
وهكذا الحال مع بقية الفنانات الأخريات اللاتى ابتعدن ثم قررن العودة ومنهن عفاف شعيب وصابرين اللتان اختلف الأمر بالنسبة لهما حيث وافقتا على التعامل مع المرحلة الجديدة وفق شروطها، فتناسيا نجوميتهما القديمة ولم يلتفتا لما يريده منهما الجمهور وتعاملا مع السوق بشروطه الجديدة متناسيات الى حد بعيد ماحققتاه من نجومية وهما فى مرحلة الشباب ومن هنا نجحتا فى الاستمرار بالشكل الجديد الذى عادتا به.
فهل سنستطيع التعامل مع شيريهان مع ماهى عليه الآن ووفق المرحلة الجديدة؟، وهل ستستطيع هى التعامل مع المرحلة بما تتطلبه ظروف السوق وإمكانياتها الفنية؟
هذا ما لايمكننا الحكم عليه الآن ، ولننتظر.