يزخر تاريخنا الثقافي والفني بنجوم مضيئة، عاشت تتلألأ في حياتنا، من مؤلفين وممثلين ومخرجين، ونجومًا خلف الستار، أضافوا الكثير بالتزامها وإخلاصها وموهبتها وإبداعها في مسيرة المسرح المصري والعربي، وأسعدوا الجمهور بكل ما قدموا، تركوا  إرثًا فنيًا في الحركة الفنية المصرية وحفروا أسمائهم في عالم الإبداع بما قدموه  بعروض مسرحنا المصري.

 ومع بوابة «دار الهلال» نواصل تسليط الضوء يوميًا على رحلة أحد صناع رحلة المسرح المصري على الخشبة، ومن عالم الكواليس، وخلف الستار ولنسافر معه في سطورنا تحت عنوان «صناع المسرح المصري».

نشهد اليوم  مرور 130 عامًا على ميلاد  ​أحد رواد  المسرح المصري والعربي  الفنان الكبير الراحل زكي طليمات،  حيث ولد فى مثل هذا اليوم 29 أبريل من العام 1894، وبرحلته الفن المصري يعد هو مؤسس المعهد العالي للتمثيل، وواحد من رموزنا الثقافية الفنية الخالدة، في تاريخ المسرح والفن المصري والعربي.

بداية الرحلة من وسط العاصمة 

ولد الفنان المبدع زكي طليمات في حي عابدين في القاهرة، ووالده من أصول سورية، و جده من أسرة معروفة في حمص بسوريا، وأتى إلى القاهرة بقصد التجارة وأقام بها، وهو من أم مصرية من أصول شركسية.

شهادات دولية وبعثات  للخارج 

حصل زكي طليمات على شهادة البكالوريا من الخديوية الثانوية، والتحق بمعهد التربية، وأوفد في بعثة إلى فرنسا للدراسة في معهد التمثيل بباريس، ومسرح الكوميدي فرانسيز، ومسرح الأوديون، ومعهد حرفية المسرح بباريس، وحصل من هذه المعاهد والمسارح على دبلوم في الإلقاء والأداء، وشهادة فن الإخراج وشهادة المناظر المسرحية وحرفية المسرح.

 وظائف  إدارية 

عمل مراقبًا للمسرح المدرسي في الفترة من 1937 إلى 1952 ثم مديرًا للمسرح القومي، من 1942 إلى 1952، ثم مؤسسًا وعميدًا لمعهد التمثيل (1944-1952) المعهد العالي للفنون المسرحية بأكاديمية الفنون حاليا، و عمل أيضًا مديرًا عامًا للمسرح المصري الحديث، ومشرفًا فنيًا على فرقة البلدية في تونس من 1954 إلى 1957 ثم مشرفًا فنيًا على المسرح العربي في الكويت.

أشهر دور .. آرثر 

 يعرف  الجمهور المصري والعربي  زكي طليمات  عن دوره  المشهور الدوق  «آرثر» الشهير الذي قدمه  في فيلم «الناصر صلاح الدين»، وهو أحد وأهم الأفلام المصرية للمخرج العالمي يوسف شاهين، إنتاج عام 1963 ، وعرفه مشاهدو هذا الفيلم بجملته الشهيرة التي  يوجهها إلى الفنانة ليلى فوزي «في ليلة أقل جمالًا من ليلتنا ستأتين زاحفة إلى خيمتي يا فرجينيا»،  حيث كان عاشقا لها.

 كما  عرف  الرائد الفني زكي طليمات بين جمهور السينما المصرية  بشخصية المليونير، والد الفنانة زبيدة ثروت في فيلم «يوم من عمري»   وغالذي شاركها البطولة  بالفيلم عندليب  الفن  عبد الحليم حافظ .

مؤسس المسرح المدرسي في مصر

ويعد الفنان والمؤلف والمخرج  زكي طليمات.. مؤسس المسرح المدرسي في عام 1937، وشغل منصب أول مدير للمعهد العالي للتمثيل وهو المعهد العالي للفنون المسرحية بأكاديمة الفنون بالفقاهرة حاليا،  في عام 1944 وأخرج 12 عرضا مسرحيًا، و وقام  بترجمة العديد من النصوص المسرحية العالمية من بينها  مسرحية «الجلف» للأديب  الروسي  العالمي الشهير أنطون تشيكوف، و« الوطن» للمؤلف سارود، و«المعركة» لفروندي.

 وقام  «طليمات»  كمخرج  بتقديم الكثير من العروض،  في زمن الجميل  وأسندت إليه بعض الأدوار التمثيلية الأخرى، كما ساعد في الإخراج في المجال السينمائي، وكتب «طليمات» أيضًا في جرائد ومجلات عديدة مثل: الهلال، المقتطف، الفكر العربي، الرسالة، العربي، وكتب مقدمات فنية لعدة مؤلفات ومسرحيات.

حصاد الرحلة

نال زكي طليمات الكثير من الأوسمة ومظاهر التكريم في رحلته الفنية المثمرة منها: نيشان الافتخار من درجة كوماندور من الحكومة التونسية، 1950م، وجائزة الدولة التشجيعية في الفنون من المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، عام 1961 م، جائزة الدولة التقديرية في الفنون من المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، عام 1975 م،  ونال  جائزة التفوق المسرحي.

 الحياة العائلية .. وأثر لا يزول 

وتزوج زكى طليمات من رائدة الصحافة الكاتبة الكبيرة روزاليوسف والدة الأديب إحسان عبد القدوس بعد طلاقها من والده الفنان محمد عبدالقدوس، و أنجب منها ابنتهما آمال طليمات.

 ورحل المبدع عن عالمنا في 22 ديسمبر عام 1982، لكنه باق بكل ما قدم  في رحلة الفن المصري والعربي أثر  لا يزول  وضوء  متلألأ في سماء الفن لا يمحى أبدًا.