الأربعاء 15 مايو 2024

عن مخطط الاستلاب الثقافي


حمدي رزق

مقالات1-5-2024 | 13:20

حمدي رزق

يلزم التوقف والتبين ، توقفا أمام مقولات رائجة تقول  بـ " مخطط استلاب القوى الناعمة المصرية  " (الثقافية تحديدا)، ومستهدفات المخطط المرسوم، وتبينا لقدرات مصر الثقافية العصية على الاستلاب.

تبينا لموقع، مصر الثقافي في محيطها العربي، وحول العالم، فى قلب العالم، قلب الثقافة العربية النابض، حقيقة لا سبيل لإنكارها، لا تعبر بالمطلق عن شوفينية ثقافية بغيضة، تواضعا ليس تعاليا، أقرار بواقع ثقافي يقره المثقفون على اختلاف مشاربهم الثقافية.

القاهرة ثقافيا تقارن بمثيلاتها عالميا، بـ (باريس .. روما ) عاصمة ثقافية ليست عادية، استثنائية، مصدر رئيس للمنتوجات الثقافية، آداب (شعر، نثر، قصص، رواية، مسرح، ونقد)، وفنون، (سينما، مسرح، موسيقي، غناء، ومتاحف) القاهرة حالة ثقافية مشعة، من العواصم المنيرة ثقافيا.

مخطط الاستلاب الرائج فى الأقبية المسحورة ، جد خطير فى تجلياته ، استلاب موقع  القاهرة الثقافي من الخارطة الثقافية، كعاصمة طبيعية للثقافة العربية، بإغراء جواهر التاج بمغريات يسيل لها اللعاب، والاستحواذ على مواهبها (تجنيسا).

صحيح تماما، القاهرة غنية ثقافيا، ولادة، لا ينقطع نسلها من المواهب، ولكن كما يقول المثل الشعبى " خد من التل يختل " ، وتصدير الثقافة ( كدور ثقافي تاريخي ) لا يترجم استلابها عنوة، القاهرة تصدر ثقافتها بأريحية، واستدامة لدور ثقافي، يعزز المكانة المستحقة ، والقول المشهور " "القاهرة تكتب وبيروت تطبع وبغداد تقرأ " لا يزال صالحا فى العصر الرقمي.

القلق على المكانة المستحقة والدور التاريخي، مشروع، وهم من هموم المؤتمنين على قوة مصر الناعمة، ومستوجب العض بالنواجذ على جواهر التاج الثقافية، واستثمارها وطنيا فى مشروع ثقافي بأليات عصرية تستشرف مستقبلا ثقافيا واعدا.

ما يطمئننا على " مستقبل الثقافة في الجمهورية الجديدة " ، فضلا عن كنز (موروث) الثقافة المصرية الثمين، دأب المؤتمنين على مستقبل الثقافة المصرية على تنمية أبار الثقافة الوطنية، واحتياطياتها المركوزة، الثقافة المصرية لا تنضب، ونهر الثقافة جار كما نهر النيل من الأزل.

الثقافة العالمية تمر بمرحلة تتلاطم فيها الأمواج الثقافية، ما يسمى عولمة الثقافة، أو ثقافة بلا حدود، ثقافة عابرة للحدود، ما يستوجب رفد النهر بماء متجدد ، تجدد النهر الثقافي، بجديد عصرى وبما لا يمس جوهر الثقافة الوطنية.

سلسلة المتاحف الجديدة، ودرتها المتحف الكبير، أعظم متاحف العام، مدينة الفنون والثقافة العالمية بالعاصمة الإدارية الجديدة، مدينة خيالية على مساحة (127 فدانا) تستحق لقب الأجمل عالميا، تستوعب ألوانا من الفنون والاستعراضات والاحتفالات على مدار العام.

المدينة  (كنموذج ومثال) مستقبلا تحتاج إلى عقلية احترافية تتوفر على حالة فنية ثقافية باهرة تلفت أنظار العالم، وتستقطب نجوم الفن والغناء مصريا وعربيا وعالميا، مؤولا للفنون والثقافات العربية والعالمية.

مطلوب تحرير الثقافة المصرية،  نرجوها  متحررة من ربقة العقول السلفية، والبيروقراطية، والأمراض الوظيفية المزمنة والسارية.

ثقافة العصر الرقمي يلزمها خلية شبابية احترافية متحررة إبداعيا، لا ترتهن أبدا بالنسق الإداري الذى يقتل  الإبداع في مهده، ويخنق روحه، ويكومه جنب الحائط ركاما.

مطلوب مثقفين من الصنف الفاخر يديرون منظومة فنية ثقافية بامتياز واحترافية، ولن تعدم مصر مثل هذه النوعية الفاخرة من المثقفين العظام الذين يتمنون خدمة تراب الوطن.