الأربعاء 22 مايو 2024

الرمزية في قصص جحا.. عندما تتجاوز الحكايات الترفيه

الدلالات الرمزية في حكايات جحا

ثقافة1-5-2024 | 22:51

إسلام علي

تعتبر حكايات "نصر الدين"، والمعروفة أيضًا باسم "جحا"، مزيجا من المعاني الثقافية والصوفية التي تتجاوز الطبقة السطحية للنصوص، إذ تتميز قصص جحا بأنها تجمع بين الفكاهة والغرابة، وغالبًا ما يشعر القارئ بأن هناك رسائل عميقة وباطنية ترغب القصص في إيصالها، يمكن تطبيق قصص "جحا" على السياقات الثقافية والاجتماعية والدينية، بل وحتى السياسية، مما يجعلها مصدرا ثريًا للتأمل والمعاني المخفية.

وتعد حكاية، نصر الدين في معدية البحر،تمثيل للمعاني الفلسفية العميقة، فضلا عن المعاني الدينية والنص كالتالي:

بينما كان نصر الدين "جحا" يحمل أحد المتحذلقين في معديته هائج، عبر نهر هائج، أخطأ في النحو خلال حديثة معه. وهنا سأل العالم

ألم تدرس النحو في حياتك؟

فقا جحا: لا

-فرد العالم النحوي: إذا أضعت نصف عمرك.

وبعد مرور عدة دقائق التفت إلى الراكب وهو "العالم النحوي"  وسأله:

- ألم تتعلم العوم أبدأ؟

فرد العالم النحوي: لا، وقال: لماذا؟

فرد عليه جحا: إذا فلقد أضعت عمرك كله، إننا نغرق

 

المعرفة الحقيقية

يمثل جحا في هذا التأويل الشخص "العارف بالله" إي العارف بالأمور الروحية العميقة، بينما يمثل العالم النحوي، العارف بالعلوم الدنيوية، يشير خطأ جحا النحوي إلى عدم اهتمامه بالمعارف الظاهرية، بينما تركيزه ينصب على المعرفة الحقيقية، وهي معرفة الله.

يجسد غرق جحا والعالم خطورة الجهل بالله  "إي خطورة عدم التعمق في العالم كما أمرنتا الكتب السماوية الثلاثة، فكما لا ينجو جحا والعالم من الغرق دون معرفة السباحة، لا ينجو الإنسان من عواقب الدنيا والآخرة دون معرفة الله.

 

البعد عن التعلق بغير الله

يمكن النظر إلى جحا والعالم النحوي كرمزين للإنسان المعلق بالدنيا وهو العالم النحوي،  وجحا، رغم معرفته بالله، لم يهتم بتعلم مهارة السباحة، أي أنه لم يجهز نفسه لِمواجهة صعوبات الدنيا، بينما العالم، رغم معرفته بالعلوم الدنيوية، لم يهتم بمعرفة الله، أي أنه لم يجهز نفسه للآخرة.

يظهر غرق جحا والعالم أن التعلق بالدنيا دون زاد من المعرفة الإلهية يفضي إلى الهلاك في الأخرة.

 

الاهتمام بالجوهر

 

يمثل جحا في هذا التأويل الإنسان الحكيم، الذي يهتم بالجوهر ويهمل المظهر، خطأه النحوي لا يقلل من قيمته كعارف بالله، بل يظهر عدم اهتمامه بالقشور اللغوية.

يمثل العالم النحوي هنا الإنسان الذي يركز على المظهر ويهمل الجوهر، اهتمامه بالنحو يظهر سطحيته وجهله بجوهر الأمور، وهو ما جعله عاجزا عن النجاة من الغرق.