الأحد 22 سبتمبر 2024

ديوان العرب| أقـفَـرَ مِـن أَهــــلِـهِ مَلْـحـوبُ.. معلقة عبيد بن الأبرص الخالدة

عبيد بن الأبرص

ثقافة5-5-2024 | 18:24

فاطمة الزهراء حمدي

تعد قصيدة «أقـفَـرَ مِـن أَهــــلِـهِ مَلْـحـوبُ» للشاعر عبيد بن الأبرص، إحدى أهم القصائد التي عرفها تاريخ الشعر العربي، وهي أيضًا من المُعلقات العشرة التي حفظتها العرب، وتناقلوها فيما بينهم.

ويعرف "عبيد بن الأبرص" بأنه أحد أبرز الشعراء في العصر الجاهلي الذين كتبوا قصائد تميزت بالوصف والإنسانية وقوة التشبيه والحماسية، وعلى رأسها قصيدة «أقـفَـرَ مِـن أَهــــلِـهِ مَلْـحـوبُ».

تعتبر قصيدة «أقـفَـرَ مِـن أَهــــلِـهِ مَلْـحـوبُ»، من أشهر المعلقات، وهي من أجمل ما قيل في الشعر العربي، تحتوي هذه المعلقة على 45 بيتًا، تحدث عبيد بن الأبرص عن رحيل سكان البلد، وحزنه عليها، وتقلب الزمان من حال إلى حال، وصف الفرس والفروسية.

وإليكم القصيدة..

أَقفَرَ مِن أَهلِهِ مَلحوبُ

فَالقُطَبِيّاتُ فَالذَنوبُ

فَراكِسٌ فَثُعَيلِباتٌ

فَذاتُ فِرقَينِ فَالقَليبُ

فَعَردَةٌ فَقَفا حِبِرٍّ

لَيسَ بِها مِنهُمُ عَريبُ

إِن بُدِّلَت أَهلُها وُحوشاً

وَغَيَّرَت حالَها الخُطوبُ

أَرضٌ تَوارَثُها شُعوبُ

وَكُلُّ مَن حَلَّها مَحروبُ

إِمّا قَتيلاً وَإِمّا هالِكاً

وَالشَيبُ شَينٌ لِمَن يَشيبُ

عَيناكَ دَمعُهُما سَروبُ

كَأَنَّ شَأنَيهِما شَعيبُ

واهِيَةٌ أَو مَعينٌ مُمعِنٌ

أَو هَضبَةٌ دونَها لُهوبُ

أَو فَلَجٌ ما بِبَطنِ وادٍ

لِلماءِ مِن بَينِهِ سُكوبُ

أَو جَدوَلٌ في ظِلالِ نَخلٍ

لِلماءِ مِن تَحتِهِ قَسيبُ

تَصبو فَأَنّى لَكَ التَصابي

أَنّى وَقَد راعَكَ المَشيبُ

إِن تَكُ حالَت وَحُوِّلَ أَهلُها

فَلا بَديءٌ وَلا عَجيبُ

أَو يَكُ أَقفَرَ مِنها جَوُّها

وَعادَها المَحلُ وَالجُدوبُ

فَكُلُّ ذي نِعمَةٍ مَخلوسٌ

وَكُلُّ ذي أَمَلٍ مَكذوبُ

وَكُلُّ ذي إِبِلٍ مَوروثٌ

وَكُلُّ ذي سَلَبٍ مَسلوبُ

وَكُلُّ ذي غَيبَةٍ يَؤوبُ

وَغائِبُ المَوتِ لا يَؤوبُ

أَعاقِرٌ مِثلُ ذاتِ رِحمٍ

أَم غَنِمٌ مِثلُ مَن يَخيبُ

أَفلِح بِما شِئتَ فَقَد يُبلَغُ بِال

ضَعفِ وَقَد يُخدَعُ الأَريبُ

لا يَعِظُ الناسُ مَن لَم يَعِظِ ال

دَهرُ وَلا يَنفَعُ التَلبيبُ

إِلّا سَجِيّاتِ ما القُلوبِ

وَكَم يَصيرَنَّ شانِئاً حَبيبُ

ساعِد بِأَرضٍ إِذا كُنتَ بِها

وَلا تَقُل إِنَّني غَريبُ

قَد يوصَلُ النازِحُ النائي وَقَد

يُقطَعُ ذو السُهمَةِ القَريبُ

مَن يَسَلِ الناسَ يَحرِموهُ

وَسائِلُ اللَهِ لا يَخيبُ

وَالمَرءُ ما عاشَ في تَكذيبٍ

طولُ الحَياةِ لَهُ تَعذيبُ

بَل رُبَّ ماءٍ وَرَدتُ آجِنٍ

سَبيلُهُ خائِفٌ جَديبُ

ريشُ الحَمامِ عَلى أَرجائِهِ

لِلقَلبِ مِن خَوفِهِ وَجيبُ

قَطَعتُهُ غُدوَةً مُشيحاً

وَصاحِبي بادِنٌ خَبوبُ

عَيرانَةٌ مُؤجَدٌ فَقارُها

كَأَنَّ حارِكَها كَثيبُ

أَخلَفَ ما بازِلاً سَديسُها

لا حِقَّةٌ هِي وَلا نَيوبُ

كَأَنَّها مِن حَميرِ غابٍ

جَونٌ بِصَفحَتِهِ نُدوبُ

أَو شَبَبٌ يَحفِرُ الرُخامى

تَلُفُّهُ شَمأَلٌ هُبوبُ

فَذاكَ عَصرٌ وَقَد أَراني

تَحمِلُني نَهدَةٌ سُرحوبُ

مُضَبَّرٌ خَلقُها تَضبيراً

يَنشَقُّ عَن وَجهِها السَبيبُ

زَيتِيَّةٌ ناعِمٌ عُروقُها

وَلَيِّنٌ أَسرُها رَطيبُ

كَأَنَّها لِقوَةٌ طَلوبُ

تُخزَنُ في وَكرِها القُلوبُ

باتَت عَلى إِرَمٍ عَذوباً

كَأَنَّها شَيخَةٌ رَقوبُ

فَأَصبَحَت في غَداةِ قِرَّةٍ

يَسقُطُ عَن ريشِها الضَريبُ

فَأَبصَرَت ثَعلَباً مِن ساعَةٍ

وَدونَهُ سَبسَبٌ جَديبُ

فَنَفَضَت ريشَها وَاِنتَفَضَت

وَهيَ مِن نَهضَةٍ قَريبُ

يَدِبُّ مِن حِسِّها دَبيباً

وَالعَينُ حِملاقُها مَقلوبُ

فَنَهَضَت نَحوَهُ حَثيثَةً

وَحَرَدَت حَردَةً تَسيبُ

فَاِشتالَ وَاِرتاعَ مِن حَسيسِها

وَفِعلَهُ يَفعَلُ المَذؤوبُ

فَأَدرَكَتهُ فَطَرَّحَتهُ

وَالصَيدُ مِن تَحتِها مَكروبُ

فَجَدَّلَتهُ فَطَرَّحَتهُ

فَكَدَّحَت وَجهَهُ الجَبوبُ

يَضغو وَمِخلَبُها في دَفِّهِ

لا بُدَّ حَيزومُهُ مَنقوبُ