يحتفل المصريون، غدًا الإثنين، بـ شم النسيم، وهوعيد شعبي قديم، يرجع تاريخه إلى مصر القديمة منذ نحو 5 آلاف عام.
وكلمة "شم النسيم" ترجع إلى كلمة "شمو" الهيروغليفية، التي تعنى عيد الخلق أو بعث الحياة، حيث تأتي من منطلق إيمان المصريين القدماء، بأن هذا اليوم يرمز إلى بدء خلق العالم وبعث الحياة.
ومع مضي الزمن حرفت الكلمة، حيث أضيفت لها "النسيم" لارتباط هذا الفصل باعتدال الجو، وطيب النسيم، وما يصاحب الاحتفال بذلك العيد من الخروج إلى الحدائق والمتنزهات والاستمتاع بجمال الطبيعة.
ويرتبط هذا اليوم، بـ "أحد القيامة"، لأن مع انتشار المسيحية في مصر، واجه المصريون صعوبة في الاحتفال بهذا العيد، إذ كان يحل دائمًا داخل موسم الصوم الكبير المقدس.
ولجأ المصريون المسيحيون وقتها إلى تأجيل الاحتفال بـ "شم النسيم" إلى ما بعد فترة الصوم، واتفقوا على الاحتفال به في اليوم التالي لعيد القيامة المجيد، والذي يأتي دائمًا يوم أحد، فيكون عيد شم النسيم يوم الاثنين التالي له، حسبما تذكره المصادر المسيحية.
الإحتفال بـ شم النسيم
وعلى مدى تاريخ هذا اليوم، أخذ أشكال مختلفة من ناحية الإحتفال به، فالإحتفال به في مصر القديمة مغاير تماتمًا لـ مصراليوم.
فقديمًا، احتفل المصريين بهذا اليوم، بالذهاب إلى الواجهة الشمالية للهرم قبل الغروب ليشهدوا غروب الشمس، فيظهر قرص الشمس، وهو يميل نحو الغروب مقتربًا تدريجيًّا من قمة الهرم، حتى يبدو للناظرين وكأنه يجلس فوق قمة الهرم، وتخترق أشعة الشمس قمة الهرم، فتبدو واجهة الهرم أمام أعين المشاهدين وقد انشطرت إلى قسمين.
ومع اعتناق معظم أهل مصر المسيحية، أصبح "شم النسيم" مرتبطًا بـ "أحد القيامة"، وأصبح يخضع لطريقة الحساب المسيحية الشرقية التي تستخدمها الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وهي أكبر طائفة مسيحية في البلاد.
وتواصل الإحتفال بهذا اليوم مع مجئ الفتح الإسلامي لمصر، واليوم أخذ الإحتفال به شكل مهرجان شعبي، حيث أصبح يوم عطلة رسمية، يخرج فيه الناس إلى الحدائق والشواطئ والحقول والمتنزهات.
وأصبح "شم النسيم" مرتبطًا بالعديد من الأطعمة، خصوصًا الأسماك المملحة كالرنجة والفسيخ، التي تعد الأكلة المعتادة لهذا اليوم، إلى جانبها البصل والخص.
بالإضافة إلى البيض، الذي بدأ ظهوره على مائدة شم النسيم، منذ عهد المصري القديم، إذ كانوا ينقشون عليه الدعوات والأمنيات بألوان مستخلصة من الطبيعة ويجمعونه في سلال من زعف النخيل الأخضر ويتركونه في شرفات المنازل أو يتم تعليقها على فروع الأشجار بالحدائق ، لتحظى ببركات نور الإله عند شروقه فيحقق دعواتهم.
وقد تطورت تلك العادة، فيما بعد لتصبح لونًا من الزخرفة الجميلة والتلوين البديع للبيض، التي لايزال يقوم بها عموم المصريون حتى اليوم.