الأحد 19 يناير 2025

ثقافة

أساطير عالمية| من زيوس إلى باندورا.. كيف دخلت الشرور إلى العالم؟

  • 7-5-2024 | 20:54

صندوق باندورا

طباعة
  • إسلام علي

تقدم الأساطير اليونانية روايات عن قصص الخلق الأول، وتصور الكيفية التي تخيل بها الإغريق القدامى بداية الوجود وكيف ظهرت الفضائل والرذائل في العالم، وتعكس هذه القصص مفهومهم عن الطبيعة البشرية وكيف يتفاعل البشر مع مختلف المواقف والتحديات. 

وتظهر هذه الأساطير جوانب معقدة من السلوك الإنساني، وتستعرض الدروس والعبر التي يمكن أن تساعدنا في التنقل في هذا العالم المادي، وإن فهم هذه الأساطير يمنحنا نظرة أعمق على كيفية تطور القيم والمبادئ عبر التاريخ، ويساعدنا على تقدير الحكمة الكامنة في تلك الحكايات القديمة.

تعتبر أسطورة "صندوق باندورا" من أبرز القصص المتعلقة بملك الآلهة الإغريقية، حيث تروي كيف قام زيوس، ملك الآلهة، بخلق امرأة تدعى باندورا، أخذت القصة عن الشاعر اليوناني هسيودوس، الذي عاش في القرن السابع قبل الميلاد، وهي جزء من مجموعة من الأساطير التي تتناول علاقة البشر بالآلهة والكيفية التي وصلت بها الشرور إلى العالم.

تبدأ هذه الأسطورة عندما سرق بروميثيوس، النار الإلهية من زيوس وأعطاها للبشر، وهو عمل اعتبره زيوس إهانة لسلطته، كعقاب لبروميثيوس وللبشرية، قرر زيوس خلق باندورا، وهي امرأة جميلة ولكنها تحمل في طياتها مصائب كبيرة. 

أرسل زيوس مع باندورا صندوقا يحتوي على كل العديد من الصفات مثل الآلام والشرور، ونصحها بعدم فتحه، ومع ذلك، فإن فضول باندورأتغلب عليها، ففتحت الصندوق، لتخرج منه كل أنواع الأمراض والآفات إلى العالم، مسببه بذلك معاناة للبشرية.

أدركت باندورا خطأها وأغلقت الصندوق بسرعة، رغم ذلك، بقيت صفة الأمل في الصندوق، مما يشير إلى أنه حتى في وجه المصائب والشرور التي يمكن أن يحتويها  العالم يبقى الأمل وهو الشيء الذي يمكن أن يساعد البشرية على التحمل. 

تعكس أسطورة صندوق باندورا كيف يمكن للفضول أن يقود إلى نتائج غير متوقعة، ولكن الأمل دائما يبقى، حتى في أصعب الظروف.

رسائل باندورا إلى البشر 

تجسد هذه الأسطورة فكرة طبيعة الإنسان، إذ تكشف عن رغبة البشر الدائمة في اكتشاف المجهول، وهو ما يتجلى في سلوك باندورا عندما فتحت الصندوق المليء بالشرور. 

وتحمل هذه الأسطورة رسائل واضحة حول ميل الإنسان للفضول والسعي وراء المعرفة، حتى وإن كانت تحمل في طياتها مخاطر جسيمة.

وكشفت القصة أن بعض الأفعال، رغم أنها نابعة من نوايا بريئة مثل السعي للمعرفة، يمكن أن تؤدي إلى عواقب كارثية،  فالشرور التيتسربت من الصندوق ترمز إلى التحديات والعقبات التي يمكن أن يواجهها الإنسان نتيجة للفضول غير المنضبط، وتوضح الأسطورة أنه علىالرغم من أن الطموح للمعرفة يمكن أن يكون دافعا إيجابيا، إلا أن هناك حدود يجب عدم تجاوزها، حيث قد يؤدي تجاوزها إلى الفوضى والدمار.

توضح الأسطورة أيضا أن هناك أنواعا من المعرفة يمكن أن تكون خطيرة إذا لم نتعامل معها بحذر، وهذه العلوم مثل التنجيم والسحر التيت تطلب درجة عالية من الوعي والفهم، وإلا فإن الشرور التي قد تتسرب منها يمكن أن تغرق العالم في الفوضى، لذا، فإن التعامل مع هذه الأنواع من المعرفة يتطلب حذرا  كبيرا  وتوازنا دقيقا.

في نهاية القصة، رمز فتح باندورا للصندوق إلى سقوطها من السماوات، حيث كانت تعيش في بيئة تعكس الوعي والازدهار فيها،  ومن ثم انتقالها إلى الأرض حيث تسيطر الشرور على العالم المادي. 

ويمثل هذا الهبوط بداية مرحلة جديدة من الوعي تتطلب توخي الحذر والتعامل الدقيق مع القوى الكامنة في هذا العالم، وإن هذا التحول من العالم الروحي إلى المادي "أي السقوط من السماوات إلي الأرض"  يعكس التحديات التي يمكن أن تواجهها البشرية عند محاولة السيطرة على قوى تتجاوز فهمها.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة