الخميس 23 مايو 2024

عقيلة بني هاشم.. بَرَكَة مصر وصاحبة سرّ الدعاء

مقام السيدة زينب

ثقافة12-5-2024 | 20:00

أشرقت شمس اليوم الأحد الثاني عشر من مايو على حي السيدة زينب، أحد أعرق أحياء مصر القديمة، لتشهد حدثًا تاريخيًا ثقافيًا دينيًا عظيمًا، حيث افتتح الرئيس عبدالفتتاح السيسي مسجد عقيلة بني هاشم السيدة زينب رضي الله عنها بعد إعادة تجديده وترميمه، ورفع كفاءة جميع ملحقاته وأثاثاته، ذلك المسجد صاحب المنزلة العظيمة في نفوس المصريين بشكل خاص، وأنفس المُسلمين حول العالم بشكل عام.

تجلّت أهمية وقيمة المسجد في نفوس المصرية، بسبب لتعلّقهم بسيدة المقام وصاحبته، الشريفة ابنه الشريفة حفيدة أشرف الخلق وخاتم المُرسلين، تعلّق المصريون بالسيدة زينب، وزادت صلتهم بها، حينما بادلتهم حبًا حين دعت لأهل مصر عند خروجهم لاسقبالها، مرددة كلماتها التي خلّدها التاريخ: "يا أهل مصر: نصرتمونا نصركم الله وآويتمونا آواكم الله، وأعنتمونا أعانكم الله، جعل الله لكم من كل ضيق مخرجا ومن كل هم فرجا"، ذلك الدعاء الذي يعتقد كثير من المصريين أنه الزاد المزخور، والتميمة المُباركة، وصاحب السر في البركة والرعاية.

من مكانة السيدة زينب في نفوس المصريين جاءت مكانة مسجدها المُبارك، الذي جاءه المُريدين والمُحبين من شتى بقاع الأرض، وكتب عنه كبار المُفكرين والمُبدعين والأدباء، ومن بينهم الكاتب الكبير فاروق أباظة، الذي نشر مقالًا في العدد السادس من مجلة الدوحة، في يونيو عام 1986م، تحت عنوان "عقيلة بني هاشم.. وبطلة كربلاء"، سرد خلاله مجموعة من المعلومات عن المسجد التاريخي وصاحبته المباركة، بدأه بالحديث عن مكانة المرأة في الإسلام وتكريمه لها، ثم انتقل للحديث عن السيدة زينب رضي الله عنها وعن مسجدها.

ومما قاله أباظة: "زينب بنت علي بن أبي طالب وفاطمة الزهراء أحب بنات الرسول إليه.. من سيرتها العطرة يفوح عبق ذكي لا ينضب رغم انقضاء مئات السنين؛ فهي جماع بطولة وإباء وشجاعة ونبل يتحلى بها الباحثون عن العدالة والحق بين ركام الأطماع والمظالم.. امتحنها الله بالآلام العظيمة. عندما شاهدت بعينيها مصارع أنبل الشهداء من إخوتها وبنيهم وأعمامها وبني عمومتها عندما خرج شقيقها الإمام الحسين إلى الكوفة يسعى إلى استرجاع حق أصيل استلبته الفئة الباغية.. خرج في فصيلة من الرجال الأحرار كل واحد منهم تختزن روحه زادا لا ينضب من الإيمان بقضية عادلة ومعهم زينب الطاهرة عقيلة بني هاشم التي جمعت المجد من أطرافه عن خير أب وأم وجد وعندما وقعت الواقعة لم تستسلم السيدة زينب للقهر والأحزان ونجحت في تجسيم صورة المأساة لتنتقل إلى أرجاء العالم الإسلامي. وكان موقفها الأبي الشجاع سبباً وراء استيقاظ من تقاعسوا في نصرة الحق وشعورهم بالإثم الذي توارثه الأبناء عن الآباء يتخلفهم عن نصرة الحق والانتقام من قتلة الذرية الطاهرة. ولدت بطلة كربلاء في العام السادس من الهجرة، وهو عام استقرار الأمر لجدها النبي الكريم. ودرجت زهرة متفتحة في بيت الرسول".

بعد أحداث كربلاء العظيمة، وصلت السيدة زينب إلى مصر، "وتحديدًا في عام 61 هـ، وعند قرية قرب مدينة بلبيس في إقليم الشرقية كان ينتظرها مسلمة بن مخلد الأنصاري، والي مصر ومعه وفد من أعيان البلاد وعلمائها خرجوا للقاء بنت الزهراء والإمام علي وشقيقة الحسين الشهيد. وعندما أطلت عليهم وقد اكتست ملامحها بآلام الاستشهاد أجهشوا وأحاطوا بالبكاء بركبها حتى بلغت العاصمة، ومضى بها مسلمة إلى داره فأقامت بها قرابة عام لم تر خلاله إلا عابدة متبتلة زاهدة، وماتت عقيلة بني هاشم عشية يوم الأحد الرابع وعشرين من رجب عام 62 هـ ومهدت لها الأرض الطيبة مرقداً حيث كان مخدعها في دار مسلمة التي كانت تطل على الخليج الذي يخرج من النيل في المكان الذي عرف باسم فم الخليج، يقول علي مبارك في كتابه "الخطط التوفيقية"، عرف هذا الشارع بشارع السيدة زينب نسبة إلى سيدة الطاهرات السيدة زينب بنت الإمام على وضريحها داخل الجامع الشهير بالزينبي تجاه قناطر السباع وجدده الأمير علي باشا الوزير المتولي سنة خمس وخمسين وتسعمائة. ثم في سنة ثلاث وسبعين ومائة وألف جدده ووسعه الأمير عبد الرحمن كتخدا.. وهو عامر إلى الآن وشعائره مقامة إلى الغاية ويعمل به حضرة للسيدة رضي الله عنها كل ليلة أحد".

وكان تجديد المسجد وافتتاحه الذي شهده الرئيس السيسي اليوم، درّة العقد، وجوهرة تاج الينوبع الزينبي الفواح، ذلك المسجد الذي يحمل عبق آل بيت النبي المصطفى، ويضم رفاة الطاهرة عقيلة الأطهرين، السيدة زينب ابنه الإمام والزهراء، وحفيدة أشرف الخلق والمُرسلين.