الأربعاء 29 مايو 2024

إبداعات الهلال.. «غراب» قصة قصيرة لـ محمد أبو زيد التجاني

محمد أبو زيد التجاني

ثقافة15-5-2024 | 16:13

دار الهلال

تنشر" بوابة دار الهلال"، ضمن باب "إبداعات" قصة قصيرة بعنوان " غراب " للكاتب محمد أبو زيد التجاني، وذلك إيمانا من المؤسسة بقيمة الأدب والثقافة ولدعم المواهب الأدبية الشابة وفتح نافذة حرة أمامهم لنشر إبداعاتهم.

قصة غراب

-صباح الخير

أي صباح وأي خير لم يبدأ يومه بعد، وأنا لا أعلم مايَحملهُ ذاك الغريب وما يحويه من مجهول، ما أشرق يوم إلا ومعه شعور بغيض يولد فيّ مع ولادة ضحاه وبزوغ شمسه تحرق وجداني، لا أعلم لما يساورني هذا، رغم أني لم أبدأ يومي بالأفعال التي تجلب التشأؤم، لم أرى غُراب، ولم تُطرف عيني، ولم ألمس حتى "المقص" اي تشاؤم يجلبه علينا ذاك المسكين الأسود؟ وما هو إلا طي، عجيب ذلك الإنسان ينكر الجميل، ألم يُعلمهُ ذاك الأسود مدارة فعلته الدنية وكيف يواري سؤته الأولى، أم لأنه يُذكره بالحقيقة، هكذا نحن بني الإنسان، لانحب الحقيقة ونَغضُ الطرف  لنواري عقولنا عنها، أنا أكره الصباح وـمقته.

تلومني زوجتي وتقول ألا يارجل تقول يا  "فتّاح" أتذكر آخر مرة قلتها انقلَبت عيناي ورأيتها الوحيدة دون غيرها وتزوجتها حتى ما اعتدل العقل ورجع إلى رشده إذا أجد الأيام مرت وأصبحت وحيدة القرن سمينة ثرثارة لا تهتم إلا بتوافه الأمور "واللي يعوزه البيت يحرم على الجامع" لا لا لن أقول يافتاح حتى لا تفتح السماء وتأتيني بمصيبة أخرى، عليّ أن أذهب إلى صديقى سعيد وهو السعيد المسعود حقًا، وظيفة بالبنك، وزوجة رشيقة مدللة، على كل حال سأحاول ربما "من جاور السعيد يسعد"

اتصال هاتفي ..

- سعيد وحشتني فينك ..

- ‏موجود تعالى في القهوة.

ذهبت له بالفعل فلم أراه طيلة ثلاثة شهور، أنيق في مظهره، ولبق في حديثه، حتى لياقته مازالت قيد الحياة، لما لا، وهو يجمع بين خيرين، المال والزوجة، وكما هو ينعتني بالغراب، ربما لأنه يراني تعيسًا، لكني لم أسأله يوما لماذا ينعتني به هل التعاسة جلية واضحة بهذا الشكل...

- هو أنت ليه بتقول لي يا غراب؟

لم أتوقع هذه الإجابة القاتلة، هذا صباح لا محالة عجيب الأطوار، جال بخاطري أن أقدم له جميع الأعذار ربما تُمحي ما قاله، لكن الإنسان حينما يمتلئ صدره عبء ثقيل لا يتحمل فيحاول إخراجه مهما حدث، وها قد حدث.

أخبرني أنه غار بشدة حينما علم بحبي لزوجته قبل زواجه منها، لكنه يراني دوما آخذ ما لا أستحق، فأوقعني في زوجتي تلك التي أظنها بئر تعاستي وقدري الأسود، ويقول إنها أجمل وأنقى قلبًا،  بل يَحسدني عليها، وكلما يراني يتذكر أنه من فعل الأفاعيل لكي يحوز على زوجته التي أراها جنة تمشي على الأرض، وهي له بئر تعاسته، أنا أذكره بجريمته، هكذا كل إنسان ينعت أي شيء يذكره بحقيقته، بغراب .

تركته في قمة فوارن ثورته البغيضة التي تكاد نار تحرقني، وذهبت أفكر لما طيلة هذه السنوات لا أرضى بزوجتي وحياتي، السعيد اتضح أنه تعيس، وتعيس جدًا، وأنا لما ألوم عليها، ولم أوفر لها المال الذي يجعلها كما أريد والأهم أني دوما ساخط عليها، فكيف تكون لي كما أحب وأنا لها كما لا تحب.. وهكذا حياتي.