الخميس 20 يونيو 2024

اتجه إلى الطبيعة بدلا من الإيمان الكنسي التقليدي.. كيف عبر فان جوخ عن إيمانه بلوحة ليلة النجوم؟

لوحة ليلة النجوم لـ فان جوخ

ثقافة29-5-2024 | 22:49

إسلام علي

تعتبر لوحة "ليلة النجوم" من أشهر أعمال الرسام الهولندي فان جوخ، والتي رسمها عام 1889م، أثناء إقامته في المصحة النفسية،  أثارت هذه اللوحة اهتمام النقاد الذين سعوا لفهم الحالة النفسية المصاحبة  لفان جوخ من خلال عناصر اللوحة ورموزها واستخدامه للألوان المتعددة، فضلا عن أسباب جمعه للعديد من العناصر الأرضية والسماوية في لوحته.

تنقسم هذه اللوحة إلى قسمين: الأول يصور قرية هادئة، والثاني يمثل السماء والنجوم التي تحتل الجزء الأكبر من حيز اللوحة،  السماء في اللوحة تصور بهيئة حلزونية، مع نجوم دائرية مضيئة بتنسيق  أيضا حلزوني، مما جعل بعض النقاد يصفون اللوحة بالغريبة والتي تبتعد كل البعد عن أي منظر واقعي يشبه هذه اللوحة في ذلك الوقت.

وعلى جانب آخر، يرى بعض النقاد أن إقامة فان جوخ في المصحة النفسية أثرت على الحالة النفسية له أثناء رسمه لتلك اللوحة، حيث تعكس السماء المضطربة حالته النفسية السيئة ودعموا ذلك بأن أشجار السرو في مقدمة اللوحة تعبر عن فكرة الموت في الثقافات الأوروبية، بينما يرى آخرون أن سمات العصر الذي رسمت فيه اللوحة كانت تتجه نحو الابتعاد عن الواقعية والتوجه إلى الخيال، مما ينفي الاعتقاد الأول.

على العكس من ذلك، فإن الآراء الآخرى، تقول أن اللوحة تعبر عن رحلة روحية متزنة بين الروح والجسد، فالقرية الهادئة تمثل العالم المادي أو الجسد المتزن في العالم الأرضي والذي لم يؤثر عليه العالم المادي، بينما السماء المزينة بشكل حلزوني تعكس الحياة الروحية، والهدوء السائد والمنعكس على اللوحة سواء في جزئها العلوي أوي السفلي يعكس التوازن بين العالمين الأرض والسماوي، وأشجار السرو بدورها تربط بين العالمين السماوي والأرضي.

وفي السياق ذاته، تفسر اللوحة على أنها ليست ذات خصائص فنية تتبع الاتجاه الرومانسي أو الديني، بل هي تجسيد لدوافع نفسية عميقة وتجربة روحية ترتبط بالطبيعة أكثر من ارتباطها بالدين، فهي تعبر عن تجربة فان جوخ الروحية التي تربطه بالطبيعة والقوى الكونية، مما يدل على اتجاهه الروحي بدلاً من الإيمان المسيحي التقليدي.

أكد فان جوخ هذا الاتجاه الروحي أكثر من الاتجاه الديني في لوحته"Still Life with Bible"  لتي رسمها عام 1885م، وعكست هذه اللوحة نهاية نقاشاته مع والده حول إيمانه المسيحي، حيث تضمنت شمعة منطفئة بجانب الكتاب المقدس، مما يرمز إلى انتهاء ارتباطه بالإيمان المسيحي التقليدي، وذلك أكبر دليل على أن لوحته لا تعبر عن الدين المسيحي.

واتضح من الرأي السابق، أن لوحته لا تعبر عن الجانب الديني، وبرغم نسيانه للجوانب المسيحية، لم ينسى التعبير عن الإله في لوحته عن طريق الإشارة إليه بالنجوم وشجرة السرو كدليل على الحياة الآخرة والاتزان الروحي الذي يطمح للوصول إليها.