الثلاثاء 18 يونيو 2024

الحماية الاجتماعية .. خطوات حاسمة اتخذتها الدولة لتعزيز شبكة الأمان للمواطنين

الحماية الاجتماعية

تحقيقات30-5-2024 | 23:20

أماني محمد

أولت الدولة المصرية على مر العشر سنوات الماضية اهتماما كبيرا بملف الحماية الاجتماعية وإرساء دعائم شبكة أمان اجتماعي للمواطنين، لحمايتهم من تداعيات الأزمات الاقتصادية، وتحسين ظروف المعيشة، وهو ما عكسته مخصصات الحماية الاجتماعية في الموازنة العامة للدولة على مر السنوات وكذلك قرارات الرئيس عبد الفتاح السيسي والمبادرات الرئاسية.

 

وتقول منى لطفي، الباحثة بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إنه شهدت السنوات الأخيرة تحوًلا أساسياً في فلسفة الحماية الاجتماعية في مصر من خلال تبنى الدولة لسياسية إصلاحية تشريعية ترتكز على تغير منظور الحماية الاجتماعية من "التوجه الإغاثي" الذي كان يقتصر على مجرد تقديم مساعدات للفئات الأكثر احتياجا في المجتمع خلال أحداث معينة إلى "توجه التمكين" الاجتماعي والاقتصادي.

وأوضحت في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن هذا تجلى من خلال إصدار قانون جديد للتأمينات الاجتماعية رقم 148 لسنة 2019 وقانون للتأمين الصحي الشامل رقم 2 لسنة 2018، وكذلك تعديل الفلسفة التي تعمل بها شبكات الأمان الاجتماعي المقدمة عبر وزارة التضامن الاجتماعي من ضمان صحة الاستهداف ألا تذهب التحويلات النقدية والعينية إلى غير مستحقيها، واعتبار التمكين هو أساس أي برامج، والسعي للربط بين التحويلات النقدية وبرامج التمكين الاقتصادي والاجتماعي، فضلاً عن شمول جميع الفئات الاجتماعية الأكثر احتياجا والتركيز على المناطق الجغرافية الأكثر فقراَ، والمراجعة الدورية  للمساعدات الاجتماعية لضمان الإنصاف في التوزيع.

وأضافت أنه تم أيضا تبنى العديد من البرامج الاجتماعية للفئات الأكثر احتياجا لتحسين جودة حياتهم مثل معاش تكافل وكرامة، والتي تتوجه للأسر الأكثر احتياجا، يضاف إليها إما مساعدات شهرية وإما سنوية خاصة بالأطفال، من أجل ضمان استمرارهم في التعليم، كذلك تدشين برامج هدفها التمكين الاقتصادي عبر مجموعة من البرامج الهادفة لتوفير فرص عمل وتأهيل الفقراء للانخراط في سوق العمل، مثل برامج "فرصة" و"مستورة".

وأشارت إلى أنه امتدت البرامج إلى السعي لتوفير فرص عمل في المناطق الأكثر احتياجا من خلال برنامج "سكن كريم"، وذلك لتحسين ظروف السكن والبنية التحتية للمناطق الفقيرة، وتوفير فرص عمل للشباب ولصغار المقاولين في هذه المناطق، بالإضافة إلى مبادرة "حياة كريمة" التي ركزت على تلبية احتياجات المواطنين في القرى الأكثر احتياجا.

وأكدت أنه مع توالي الأزمات الجيوسياسية الخارجية والاقتصادية، بداية من جائحة كورونا مرورًا بالأزمة الروسية الأوكرانية وصولًا إلى تصاعد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والتي أدت إلى اتساع رقعة الصراع في المنطقة بأكملها، والتي انعكست على حالة الاقتصاد العالمي سواء من تعطيل سلاسل الإمدادات الغذائية وقرارات الفيدرالي الأمريكي برفع أسعار الفائدة؛ أثر الأمر سلبيًا على الوضع الاقتصادي المصري من خلال نقص السيولة الدولارية وارتفاع معدلات التضخم وارتفاع أسعار السلع الأساسية.

وتابعت: كانت كل هذه العوامل دافع للدولة للعمل على تحسين الوضع الاقتصادي من خلال اتخاذ عدد من الإجراءات الاستباقية للتخفيف عن كاهل المواطنين أعباء الأزمة الاقتصادية العالمية، ومحاولة احتواء أكبر قدر ممكن من التداعيات السلبية.

واختتمت: وقد اتخذت القيادة والحكومة المصرية عدة قرارات حاسمة كان آخرها توجيه الرئيس السيسي، في فبراير الماضي بتنفيذ أكبر حزمة اجتماعية عاجلة للحماية الاجتماعية، بقيمة 180 مليار جنيه، لزيادة أجور العاملين بالدولة والهيئات الاقتصادية، كما شهدت الحزمة استهدافًا لفئات بعينها، مثل الأطباء والتمريض والمعلمين وأعضاء هيئة التدريس بالجامعات، وشملت أيضاً زيادة في المعاشات لـ 13 مليون مواطن، وزيادة في معاشات "تكافل وكرامة"، والتي تدل على وجود رغبة حقيقة في الحد من تأثير الأزمة الاقتصادية على المواطنين والحفاظ على الاستقرار الأسري بتأمين الاحتياجات المعيشية، كذلك تعد استكمالًا للدور الذي تقوم به الدولة لتوفير منظومة متكاملة لتحقيق الأمان الاجتماعي للطبقة الأكثر احتياجاً.

مخصصات الحماية الاجتماعية

وشهدت مخصصات الدعم والحماية الاجتماعية ارتفاعا على مر السنوات الماضية، ففي حين كانت تقدر بـ358.4 مليار جنيه في موازنة 2022-2023، ارتفعت لتصل إلى 529.7 مليار جنيه في الموازنة العامة للدولة لعام المالي الحالي 2023-2024، بزيادة بلغت 48.8%.

وفي الموازنة  العامة للعام الحالي زادت مخصصات الأجور وتعويضات العاملين في مشروع الموازنة العامة للدولة للسنة المالية لتقدر بنحو 470 مليار جنيه، مقابل 400 مليار في الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2022/2023 بزيادة قدرها 70 مليار جنيه.

وكانت مخصصات معاش «الضمان الاجتماعي» وبرنامج «تكافل وكرامة»، تقدر بـ5 مليارات جنيه لنحو 1.5 مليون أسرة في 2013/2014، حتى وصلت إلى 35.5 مليار جنيه لنحو 5.2 مليون أسرة في موازنة العام المالي الحالي، 2023/2024، بزيادة 614%.

كما ارتفع دعم السلع التموينية من 35.5 مليار جنيه إلى 127.7 مليار جنيه بنسبة نمو 260%، وارتفعت مخصصات الأجور من 178.9 مليار جنيه في 2013/2014 إلى 470  مليار جنيه في 2023/2024 بنسبة نمو 163%.

كما ارتفعت مخصصات قطاع الصحة من 36.4 مليار جنيه إلى 200 مليار جنيه خلال 9 سنوات بنسبة نمو 447%، وزاد الإنفاق على قطاع التعليم من 84.1 مليار جنيه عام 2014 إلى 230 مليار جنيه بزيادة 173%، وفقا لدراسة أصدرها المركز المصري للفكر والدراسات، فيما تزايد الإنفاق على الاستثمارات الحكومية خلال 9 أعوام من 53 مليار جنيه إلى 587 مليار جنيه بنسبة نمو تتجاوز 1009%.

قرارات الحماية الاجتماعية

وفي فبراير الماضي، وجه الرئيس السيسي أكبر حزمة اجتماعية في تاريخ الدولة المصرية، بقيمة 180 مليار جنيه والتي بدأ تطبيقها اعتبارًا من الأول من الشهر الماضي  مارس وشملت، رفع الحد الأدنى للأجور بنسبة 50% ليصل إلى 6 آلاف جنيه شهريًا، وكذلك زيادة أجور العاملين بالدولة والهيئات الاقتصادية، بحد أدنى يتراوح بين 1000 إلى 1200 جنية شهريًا بحسب الدرجة الوظيفية.

كما تضمنت القرارات تخصيص 15 مليار جنيه زيادات إضافية للأطباء والتمريض والمعلمين وأعضاء هيئة التدريس بالجامعات، وإقرار 15% زيادة في المعاشات لـ 13 مليون مواطن، بتكلفة إجمالية 74 مليار جنيه، وكذلك إقرار 15% زيادة في معاشات “تكافل وكرامة” بتكلفة 5.5 مليارات جنيه، لتصبح الزيادة خلال عام 55% من قيمة المعاش، بجانب تخصيص 41 مليار جنيه لمعاشات “تكافل وكرامة” في العام المالي 2024/2025.

 

الحماية الاجتماعية في الموازنة العامة للدولة 2024 /2025

وفي موازنة العام المالي المقبل 2024/2025، وضعت الحكومة عددا من الإجراءات لدعم الحماية الاجتماعية بهدف تخفيف الأعباء عن كاهل المواطنين ومواجهة الظروف المعيشية الصعبة، فارتفعت مخصصات الحماية الاجتماعية إلى  635.9 مليار جنيه، بزيادة قدرها نحو 20%، مقارنة بـ529.7 مليار جنيه فى العام المالى الحالى 2023 / 2024.

وجاءت أبرز مخصصات الحماية الاجتماعية في الموازنة العامة الجديدة، كالآتي:

تخصيص 134.2 مليار جنيه بالموازنة الجديدة لدعم السلع التموينية مقارنة بـ127.7 مليار جنيه خلال العام المالى الحالى بزيادة 5.1٪.

تخصيص 154.5 مليار جنيه لدعم المواد البترولية مقارنة بـ119.4 مليار جنيه خلال العام المالى الحالى بنسبة زيادة 29.4%.

تخصيص 11.9 مليار جنيه لدعم برامج الإسكان الاجتماعى بنسبة 16.5% مقارنة بـ10.2 مليار جنيه فى العام المالى الحالى.

تخصيص 10.1 مليار جنيه لعلاج المواطنين على نفقة الدولة مقابل 8.1 مليار جنيه فى العام المالى الحالى بزيادة 24.7%.

تخصيص 8.3 مليار جنيه للتأمين الصحى والأدوية مقارنة بـ6 مليارات جنيه العام المالى الحالى بزيادة 38.3%.

تخصيص 215 مليار جنيه مساهمة للتأمينات الاجتماعية لدعم نظام المعاشات وتنفيذًا لاتفاق فض التشابكات.