تتميز خريطة "مابا موندي هيرفورد"، بتقديم تصور شامل لنظرة علماء القرون الوسطى للعالم الذي عاشوا فيه، على عكس النظرة السطحية في العصر الحديث، فلم تكن تلك الخريطة تقتصر على توضيح المواقع والقارات والأقاليم بدقة، بل كانت تعكس وجهة نظر محددة سائدة في ذلك العصر.
تعد خريطة "مابا موندي هيرفورد" نموذجا كاشفا للاتجاه الديني الذي هيمن على العصور الوسطى، حيث تبرز الجوانب التاريخية والدينية والأسطورية، اتخذت الخريطة شكلا دائريا يتوسطه القدس، مما يشير إلى البعد اللاهوتي الذي قامت عليه.
وجهت الخريطة نحو الشرق في الجزء العلوي ، وكانت المدن والمعالم الجغرافية ممثلة بشكل مختلف عن الخرائط الأخرى، حيث تم تحديد المدن الهامة في القرون الوسطى وتمثيلها بالرموز المعمارية المشهورة بها مثل القلاع والأبراج.
وضحت خريطة "مابا موندي" جميع الأماكن المذكورة في الكتاب المقدس بدقة، حيث حددت موضع جنة عدن في الجزء الشرقي وفقا لتصور علماء القرون الوسطى، وصورتها كحديقة مزهرة تتكون من أربعة أنهار، كما صورت موضع سفينة نوح على جبل أرارات، حيث استقرت بعد الطوفان، وأبرزت الخريطة أيضا مواقع العديد من الأحداث التاريخية المهمة مثل برج بابل.
كما تضمنت الخريطة مواقع تواجد الكائنات الأسطورية في الماضي، مثل أحادي القرن والتنانين التي كانت تعتبر أنها تتواجد على الأرض قبل قدوم البشر، وتضمنت الخريطة أيضا الإشارة إلى الإسكندر الأكبر ومواقع حملاته العسكرية، فضلا عن صور وأماكن الملوك العظام مثل سليمان وداود، بالإضافة إلى أحداث تاريخية أخرى مثل الحملات الصليبية.
وكان هدف خريطة مابا موندي هيرفورد ، تعليميا ودينيا، بهدف شرح العديد من المواقع التاريخية والتراثية من الناحية الدينية والروحية المسيحية.