الثلاثاء 18 يونيو 2024

أدباء نوبل| الدنماركي «كارل جيلوروب» من الدنيوية والرومانسية إلى الموت والتناسخ والسعادة القصوى

كارل جيلورب

ثقافة2-6-2024 | 09:03

همت مصطفى

تعد جائزة «نوبل»،هي أشهر الجوائز العالمية في حقول الإبداع والخلق والابتكار المتنوعة، وعقب نيل الجائزة للفائزين بها يتعرف عليهم العالم أكثر ويحظون بشهرة واسعة عبر قارات العالم كله، مما يدفع بنا للبحث عن رحلتهم ومسيرتهم، وإسهاماتهم للبشرية وتنميتها وتطورها.

ومع قسم الثقافة ببوابة «دار الهلال»، نحتفي معًا بحاصدي جائزة نوبل في الآداب لنسطر بعضًا من تاريخ إبداعاتهم ورحلتهم، من عقود كثيرة منذ بداية القرن بداية القرن العشرين، منح الجائزة لأول مرة في عام 1901 في فروع الكيمياء والأدب والسلام والفيزياء وعلم وظائف الأعضاء أو الطب.

نلتقى اليوم مع كارل أدولف جيلوروب 

 

 ولد  الروائي والشاعر الدنماركي  كارل أدولف جيلورب في  مثل هذا اليوم 2 يونيو من 1857 م،  ونشأ في جو مثالي من الوطنية والرومانسية،  فقد كان والده نائبا لمقاطعة زيلاند في الدنمارك، لكنه  توفي عندما بلغ سن الثالثة، فتولى عمه يوهانس فيبيجر رعايته بعد ذلك. 

 

روايات جرئية لـ  «جيلوروب»

 

كان «جيلوروب» يكتب أحيانا باسم مستعار هو إيبيجونز، وانشق في عام 1870 م عن خلفيته، والاتجاهات التي تأسس عليها في  الأدب،  تلك وأصبح من المتحمسين لحركة «جورج برانديس» الطبيعية، وبدأ يكتب روايات جريئة عن الحرية والحب، وبما يعرف بحركة «الاختراق الحديث»، والتي تمثل حركة أدبية ظهرت في الدول الاسكندنافية خلال الفترة 1870-189م، ثم انتشرت كطفرة في باقي أوروبا، وهي تراث ما كان يسمى بـ راديكالية ثقافية لتحويل الأدب نحو الواقعية والطبيعية بدل الرومانسية، ولمحاولة جعل الأدب كوسيلة للتأثير على المجتمع.

 

قام «جيلوروب»  بالابتعاد تدريجياعن نهج «جورج برانديس» وفي عام 1885 توقف تماما عن الكتابة في اتجاه المدرسة الطبيعية، وعاد رومانسيا من جديد.

 

 مؤثرا ت في حياة «جيلوروب»

 

كان «جيلوروب» مؤيدا للاتجاه الثقافي والحضاري الألماني، ومشدودا بقوة إلى الثقافة الألمانية، وربما هذا ما قد دفعه للتزوج من فتاة ألمانية واستقر معها في العام 1892 في ألمانيا،  لكن ذلك  تسبب في خسارته لأي شعبية ممكن أن يحظى بها في موطنه وبلاده الدنمارك، ومرت بضعة سنوات عُرف فيها«جيلوروب» الأديب بتأييده التام للإمبراطورية الألمانية، بما في ذلك مواقفها في الحرب العالمية الأولى 1914-1918 م .

 

مؤلفات «جيلوروب» .. وروايات  عن للسير الذاتية

 

 قدم  «جيلوروب» في بداية رحلته الأدبية روايته التي صدرت في العام 1882 باسم «المتعلم الألماني»، والتي تقدم  حكاية سيرة ذاتية عن نشأة وتطور شاب بدأ حياته كرجل دين ملتزم تحول إلى الانقلاب على دينه، والفكر المؤيد للفكر الألماني، وفي عام  1889م،  صدرت له رواية «مينا»، وهي قصة حب وهي أيضا دراسة في علم النفس المرأة، وصدر له أيضا في  عام 1896، رواية مولن «الطاحونة»، وهي ميلودراما حول الحب والغيرة.

 

 

وتأثر «جيلوروب» في السنوات الأخيرة من حياته بالبوذية والثقافة الشرقية، حيث تلقى انتقادات واسعة حول روايته التي صدرت في العام 1906 بعنوان «الحاج - دير بيلجر»، والتي تم وصفت بأنها واحدة من أغرب الروايات المكتوبة باللغة الدنماركية، وتتحدث عن رحلة نجل تاجر هندي، ولقاءه مع راهب غريب، ويذكر أنه «جوتاما بوذا»، وتحولاته من الدنيوية والرومانسية إلى الأفكار عن الموت والتناسخ والسعادة القصوى.

 

في ام 1907 صدرت لـ «جيلوروب» رواية بعنوان «زوجة من الكمال»، وهي دراما مستوحاة من دانتي «الكوميديا الإلهية»، وتتحدث أيضا عن حياة بوذا الدنيوية في سدهارتا، وجهود زوجته ياسودهارا،  في تحوله للحياة الروحية.

 

وفي عام 1910 صدرت له الرواية العملاقة التجوال في العالم «واندررز العالم»، والتي  تتحدث عن فتاة ألمانية معاصرة تنطلق في رحلة أكاديمية إلى الهند، وتواجه بعض المواقف وتتطور شخصيتها عبر مستويات من التسلسل الزمني، بإعادة تجربة ما حدث في دهور سابقة، ويقدم من خلالها«جيلوروب» فكرة التجسد والتناسخ من خلال فكرة تجوال الروح من جسد إلى آخر.

 

 صدرت في 1913 ، رواية «التمرين لممارسة الطب المعالج»، والتي تعرف باسم «رودولف ستين» وتتحدث عن حياة «جيلوروب»، نفسه ونشأته في موطنه في «زيلاند» في الدنمارك ونظرة شاب ليبرالي السطحية إلى الحياة، بما في ذلك نزعات الشباب الرومانتيكية، والتفكير والتفاني تجاه وجهات النظر الأكثر نضجًا.

 

جائزة نوبل .. لماذا ؟

 

حصل  «جيلوروب» على جائزة نوبل في الأدب لسنة 1917 وتقاسمها مع «هنريك بونتوبيدان»​،  وجاء في تقرير لجنة اختياره لجائزة النوبل  أنه حصل عليها «لأشعاره الواسعة والثرية المستوحاة من المثل العليا».

 

في العام 1919 ، العام الذي رحل  فيه «جيلوروب»، ظهرت له رواية «أقدس الحيوانات»، وهي محاكاة ساخرة، وقد تكون هذه الرواية هي المحاولة الوحيدة لـ«جيلوروب»  التي تتجه نحو الاتجاه  الكوميدياو الفكاهة. وفيها هجاء لقصص الحيوانات الأسطورية عندما يصلون الجنة الخاصة بهم بعد الموت، كالأفعى التي قتلت كليوباترا، والكلب أرجوس، والبقرة المقدسة في الهند، وحمار السيد المسيح، وحصان بوذا وخيول قادة التاريخ المعروفة.

رحل «كارل جيلوروب» في 13 أكتوبر 1919 عن عمر يناهز 62 عامًا.