الأحد 23 يونيو 2024

قصة "الصولا بريشيبييف" لأنطون تشيخوف

نصب تذكاري للكاتب الروسي أنطون تشيخوف

ثقافة6-6-2024 | 15:46

إسلام علي

يعد الكاتب "أنطون تشيخوف"، من أهم الكتاب اللذين تمكنوا من دراسة الجانب النفسي للطبيعة البشرية، وللجوانب المختلفة في المجتمع الروسي من نظم اجتماعية وسياسية وطائفية، وعمل على إظهار ونقد ما وجد أمام عينيه في المجتمع الروسي.

وبالتزامن مع اليوم العالمي للغة الروسية نستعرض أبرز التفاصيل والأحداث التي تمحورت فيها إحدى قصصك القصيرة، فقد  سلط "تشيخوف" الضوء على المجتمع الروسي، والتي منها عدم اتباعه للقواعد والنظام، ورفضه للسلطة المنضبطة التي توجهه نحو المسار الصحيح ومن ذلك قصة " الصول بريشيبييف".

تبدأ القصة  في قاعة محكمة، والتي كانت في صدد سماع أقوال شهود في قضية كانت محط أنظار إحدى المدن الروسية، وكانت القاعة تضم العديد من الشخصيات الرئيسية، وبدأ القاضي بتوجيه اتهام مباشرة للصولا "بريشيبييف"، بأنه أهان بالفعل والقول كلا من: شيخ الخفر "بفيموف"، و شيخ المنطقة "أليابوف" ومسئول يدعى "جيغن" والشاهدين إيفانوف وجافريلوف، فضلا عن 6 فلاحين آخرين.

ورد الصولا "بريشيبييف" على ذلك بقوله، أنه كان يسير في إحدى الليالي مع زوجته، ووجد تجمع كبير للعديد من الفلاحين، ووجد شخصا يشتبه أنه غريق، فما كان منه أن استخدم كلتا يديه في إبعاد الناس عن المكان وأصر على دفعهم بعيدًا عن مكان الحادث.

وأكمل: أنني كنت أعمل في الشرطة، وبعد أن تمت إحالتي إلى المعاش، فتوجهت للخدمة مع شرطة الإطفاء، ثم  ذهبت بعدها للعمل بوابًا لمدرسة للبنين، وأسرد بعدها بأنه يعشق النظام، فأستفسر عن أن من غيره يعرف التنظيم، وتابع أن كل من أتهمه كان يقف متفرجًا على الشخص الذي لا نعلم أهو مقتول أم غريق، فقال مستهجنًا بعدها، أنه ليس هناك قانونا يحث الناس على عدم السير في الليل وعدم استخدام الأيدي كما فعل.

وانطلقت العديد من الأصوات من القاعة، تذم في ذلك الشخص المدعو "بريشيبييف"، بأنه لا يترك العامة يفعلون ما يريديون، فتارة يمسك الصبيان من أذنهم لكي لا يرقصون ويغنون، وتارة أخرى، يتلصص على النساء كأنه حمو كل منهم لكي لا يرتكبون أي خطأ أو فحش، وأخرى يحض الناس على عدم الغناء في الأعراس.

وعلى جانب آخر من القصة، تحدث فيها الصولا "بريشيبييف"، عن جميع المسؤوليين في المدينة وقتها، أنه كان بعضهم يدخن السجائر والبعض الآخر لا يتصرف بصورة صحيحة حيال هذا الموقف الذي أمامنا وأيضا أخرون لا يأخذون الموقف على محمل الجد من الأساس.

وأكمل بريشيبييف، بأنه في لحظة الحادث كان يلاحظ أن أحد المسئولين، يخطر رئيس الشرطة المحلية بالحادث، فرد عليه، بأنه بأي حق يخطر رئيس الشرطة بذلك، في أي قانون ما فعله، ألا يعرف أنه في مثل تلك الأحوال التي لا نعلم بها أقتل الشخص أم خنق، أم غرق، لا يستطيع رئيس الشرطة المحلية أن يتصرف في القضية، فتلك طبقا للقانون المدني تعتبر قضية ينبغي أن يتم إخطار وكيل النيابة والقضاء.

وتابع بريشيبييف: أنه ومع ذلك ضحك المسئولون مع غيرهم من الفلاحين المتجمعين في المكان، فرد عليه "جيغين" وهو شرطي، بأن قاضي المنطقة ليس له أي علاقة بذلك، فقال له بريشيبييف: ألم تقل ذلك وقت الحادثة، فرد عليه بريشيبييف: نعم قلت ذلك، فتابع بريشيبييف بقوله: ألم أقل لك في وقت الحادثة، كيف تجرؤ على قول ذلك عن قاضي المنطقة، ألا تعلم أنه يستطيع أن يحيلك إلى الخدمة في منطقة أخرى نظير تلك الكلمات التي تدل على خيانتك لوظيفتك.

فرد شيخ الخفر على تلك الكلمات في وقت الحادثة، بأن قاضي المنطقة، لا يستطيع أن يتجاوز حدوده، فهو يفصل في القضايا الصغيرة فقط، فرد عليه بريشيبييف على الفور: كيف تجرؤ على تحقير السلطة وتصغير شأنها بهذا الشكل، فقام بريشيبييف بضرب ذلك الشخص ولكن ليس بقوة وذلك حتى لا يقول تلك الكلمات على السلطة مرة أخرى، ثم تدخل الآخرون ومنهم الشرطي المسئول فقام بضربه هو الآخر، لأنه غبي والغباء يعتبر ذنبا يجب أن يحاسب عليه صاحبة، وذلك على حد قوله.

فتابع بريشيبييف بقوله: أما بالنسبة إلى الأغاني التي منعت الناس من غنائها، فما الفائدة من غنائها من الأساس، فضلا عن الموضة التي انتشرت في تلك الأيام، بأن يجلس الناس أمام البيوت ويشعلوا الضوء، بدون فائدة ثم يتكلمون ويتضاحكون في أمور تافهه، فينبغي أن يناموا لكي يكونوا مستعدين للعمل في اليوم التالي.

وبعدها قام بريشيبييف بإخراج من جيبه ورقة مجعدة، ووضع النظارة على عينيه وبدأ بالقراءة: الفلاحون الذين يجلسون ويشعلون الضوء هم ،إيفان بروخروف، سافا ميكيفوروف، بيوتر بتروف وهي زوجة الجندي شوستروفا، وأرملة، تعاشر في الحرام سيميون كيسلوف وأجنات سفريتشوك وهو يزاول السحر، وزوجته مافرا ساحرة، تحلب في الليل أبقار الجيران.

وقاطعه القاضي وقال لبريشيبييف: كفى وأمر باستدعاء الشهود، ثم تبين لبربشيبييف أن القاضي لا يقف في جانبه، وحكم عليه بشهر حبس، بدون أي أسباب مقنعة، ثم خرج الصول من القاعة وحوله الجنود، ووجد تجمهر كبير في الخارج، وإذ به يقول لهم تفرقوا من هنا وذلك بحكم عادته المتسلطة عليه.